متلازمة دريسلر – أحد أسباب ألم الصدر قلبي المنشأ

متلازمة دريسلر Dressler’s Syndrome، متلازمة ما بعد احتشاء عضلة القلب، التهاب التامور اللاحق للصدمة، متلازمة ما بعد إصابة القلب، أو متلازمة ما بعد بضع التامور، تعود جميع المصطلحات السابقة لحالة مرضية واحدة يلتهب فيها التامور نتيجة استجابة الجهاز المناعي لتلف أنسجة القلب أو التامور مما يؤدي إلى الإصابة.

وفي هذا المقال سوف نتحدث عن متلازمة دريسلر وأعراضها وتشخيصها، بالإضافة إلى أهمية العلاج السريع في حال الإصابة لضمان أفضل النتائج.

ما هي متلازمة دريسلر؟

متلازمة دريسلر هي شكل من أشكال التهاب التامور، ويعرف التامور بأنه كيس مرن قوي محيط بالقلب مسؤول عن منع التمدد المفرط وغير الطبيعي للقلب.

تحدث هذه المتلازمة عادةً بعد الإصابة بنوبة قلبية (احتشاء عضلة قلبية)، أو بعد جراحة أو إصابة في القلب، وذلك بسبب استجابة الجهاز المناعي المفرطة وغير الطبيعية بعد أحد هذه الأحداث.

تصبح هذه الحالة مهددة للحياة في حال تُرِكت دون علاج، مما يؤكد على أهمية السرعة في التشخيص وتقديم العلاج.

متلازمة دريسلر - أحد أسباب ألم الصدر قلبي المنشأ3
التامورر القلبي المحيط بالقلب لمنع تمدده المفرط

ما مدى شيوع متلازمة دريسلر؟

لحسن الحظ، تعتبر هذه المتلازمة نادرة جدًا في الوقت الحالي، يعزى ذلك غالبًا إلى التقدّم الطبي الحاصل وتطوير العلاجات الحديثة للنوبات القلبية.

وتشير التقديرات إلى أنّ 0.1% فقط من الأشخاص المصابين بنوبة قلبية ستحدث لديهم متلازمة دريسلر.

ما هي أسباب الإصابة؟

السبب الدقيق وراء حدوث متلازمة دريسلر غير واضح بعد، لكن يُعتقد أنّ العامل الرئيسي المسؤول عن ظهورها هو استجابة الجهاز المناعي لتلف ما في القلب، حيث يتفاعل الجسم مع الأنسجة المصابة عن طريق إرسال خلايا مناعية وأجسام مضادة (بروتينات) لتنظيف المنطقة المصابة وإصلاحها، ولكنّها في هذه الحالة ستسبب التهابًا في التامور.

تتضمن بعض الأحداث المسببة للإصابة بمتلازمة دريسلر ما يلي:

  • النوبة القلبية (احتشاء العضلة القلبية).
  • جراحة القلب، مثل جراحة القلب المفتوح أو جراحة مجازة الشريان التاجي.
  • التدخّل التاجي عن طريق الجلد، أو ما يُعرف برأب الأوعية التاجية ووضع الدعامة.
  • زرع جهاز تنظيم ضربات القلب.
  • الجذ القثطاري (استئصال قسطري) المستخدم لعلاج اضطرابات نظم القلب.
  • جراحة عزل الوريد الرئوي.
  • صدمة في الصدر بسبب حادث أو إصابة ما.

ما هي عوامل خطر الإصابة؟

يمكن أن تحدث متلازمة دريسلر لدى الأشخاص من أي فئة عمرية أو عرق، ولكن تميل مخاطر الإصابة إلى أن تكون أعلى لدى الأشخاص الذين تعرّضوا لنوبة قلبية، كما يبدو أنّها أكثر شيوعًا لدى الحالات التالية:

  • الأشخاص الأصغر سنًا (ما بين الـ20 والـ50 عامًا).
  • الإصابة بعدوى فيروسية.
  • سوابق التهاب التامور.
  • العلاج السابق بالبريدنيزون، وهو أحد أنواع الستيروئيدات القشرية المستخدم لعلاج بعض السرطانات والالتهابات، مثل الربو والداء الانسدادي الرئوي المزمن COPD والأمراض الروماتيزمية.
  • أصحاب الزمرة الدموية B سلبي.
  • استخدام الهالوتان بالتخدير.
  • العمليات الجراحية الراضّة للقلب.

ما هي أعراض متلازمة دريسلر؟

يمكن أن تحدث الأعراض بعد 2 إلى 5 أسابيع من الحدث المسبب، وعند بعض الأشخاص قد لا تظهر الأعراض لمدة تصل إلى 3 شهور.

وتشمل الأعراض ما يلي:

  • ألم الصدر، ويزداد سوءًا مع التنفس أو الاستلقاء أو مع الحركة والنشاط، ويتوضّع الألم في الصدر أو أعلى الظهر أو عند الكتف الأيسر.
  • ضيق وصعوبة في التنفس، ويزداد سوءًا عند وضعية الاستلقاء أو الاتكاء.
  • إعياء وتعب.
  • ضعف.
  • حمى.
  • خفقان القلب (سرعة وعدم انتظام ضربات القلب).
  • الانصباب التاموري (تراكم سوائل بين التامور والقلب).
  • ألم المفاصل.
  • نقص الشهية.

ما هي مضاعفات الإصابة؟

إذا لم يتم علاج التهاب التامور من الممكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة ومهددة للحياة، ومنها ما يلي:

  • الانصباب الجنبي، وهو تراكم السوائل في غشاء الجنب المحيط بالرئتين.
  • اندحاس القلب (الدكُّاك القلبي)، وتحدث هذه الحالة عندما تتراكم السوائل في التامور حول القلب (الانصباب التاموري)، ويضغط السائل بدوره على القلب مانعًا إياه من ضخ الدم الكافي إلى باقي الجسم، مما يؤدي إلى فشل الأعضاء وحدوث صدمة ومن ثمّ الموت.
  • التهاب التامور التضيّقي، تحدث هذه الحالة عندما يصبح التامور سميكًا ومتصلّبًا ومتندّبًا بسبب الالتهاب طويل الأمد، مما يضعف من وظيفة القلب وقدرته على ضخ الدم.
متلازمة دريسلر - أحد أسباب ألم الصدر قلبي المنشأ
على اليسار يظهر قلب طبيعي دون وجود انصباب تاموري، وعلى اليمين يظهر الانصباب التاموري وتجمع السائل

كيف يتم تشخيص متلازمة دريسلر؟

يصعب تشخيص متلازمة دريسلر بسبب التشابه الكبير في الأعراض بينها وبين العديد من الحالات الأخرى.

بعض التشخيصات التفريقية لمتلازمة دريسلر

تشمل أهم الحالات ما يلي:

  • نوبة قلبية.

ولكن غالبًا ما يتوجّه الطبيب للتفكير بالمتلازمة عند بدء الأعراض بالظهور بعد أسابيع قليلة من إجراء جراحة في القلب أو الإصابة بنوبة قلبية.

وللتشخيص، يقوم الطبيب أولًا بأخذ التاريخ الطبي الخاص بالمريض وإجراء الفحص البدني، حيث يستمع بواسطة السماعة للأصوات القلبية التي قد تشير إلى وجود التهاب (عند التهاب التامور تسمع أصوات احتكاك طبقات التامور الملتهبة)، أو انصباب (وجود سوائل) قرب القلب.

كما تشمل الاختبارات التشخيصية الأخرى ما يلي:

  • تعداد الدم الكامل (CBC): حيث يعاني معظم المصابين بمتلازمة دريسلر من زيادة عدد كريات الدم البيضاء WBCs.
  • اختبارات الدم: حيث تشير زيادة مستوى البروتين التفاعلي C وزيادة معدل ترسيب كريات الدم الحمراء (معدل الترسيب) إلى وجود التهاب، مما يتوافق مع وجود متلازمة دريسلر.
  • مخطط كهربية القلب ECG أو EKG: وهو اختبار يقوم بتسجيل النشاط الكهربي في القلب، حيث يمكن أن تشير التغييرات في الإشارات الكهربائية إلى وجود ضغط على القلب، لكن يعد هذا الاختبار غير كافٍ لتشخيص متلازمة دريسلر وحده.
  • الأشعة السينية للصدر: تساعد صورة الأشعة السينية في كشف وجود سوائل حول القلب أو الرئتين، كما تساعد في استبعاد الأسباب الأخرى لوجود السوائل مثل الالتهاب الرئوي.
  • مخطط صدى القلب Echocardiogram: يقوم هذا الاختبار باستخدام الأمواج الصوتية بإنشاء صورة متحرّكة للقلب النابض، مما يسهم في كشف وجود سائل حول القلب.
  • تصوير القلب بالرنين المغناطيسي: يستخدم هذا الاختبار الموجات الصوتية لإنشاء صورة ثابتة أو متحرّكة لكيفية تدفّق الدم عبر القلب، كما يظهر سماكة التامور.

كيف يتم علاج متلازمة دريسلر؟

يصف الطبيب الأدوية من أجل علاج المتلازمة عبر تقليل الالتهاب وشفائه.

ويمكن للأدوية المضادة للالتهاب أن تقلل من الألم وتساعد في شفاء الالتهاب، حيث يكون العلاج الرئيسي بالأسبرين أو غيره من مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية (المسكّنات) كالإيبوبروفين أو النابروكسين، وقد يصف الطبيب الكولشيسين في حال عدم القدرة على أخذ مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية أو في حال عدم نفعها.

في بعض الأحيان تكون الأدوية المضادة للالتهاب السابقة غير مجدية، فيصف الطبيب الكورتيكوستيروئيدات (ستيروئيدات قشرية) المثبّطة للمناعة كخيار أخير لما لها من أعراض جانبية خطيرة.

وعادةً ما يستمر المريض بأخذ الأدوية الموصوفة لمدة 4 إلى 6 أسابيع.

قد يحتاج المريض إلى عملية جراحية في حال فشل الأدوية في علاج الحالة، أو عند تطوّر مضاعفات.

وتعد معالجة المضاعفات جزءًا رئيسيًا من علاج متلازمة دريسلر، وتشمل ما يلي:

  • تصريف السوائل الزائدة (بزل التامور)، مثل حالة الدكّاك القلبي (اندحاس قلبي) حيث يتم بزل التامور باستخدام إبرة أو أنبوب صغير (قسطرة) لإزالة السوائل.
  • جراحة لإزالة التامور (استئصال التامور)، خاصةً في حالة التهاب التامور التضيّقي.

أما بالنسبة لإجراء بزل التامور، فيتراوح خطر حدوث مضاعفات البزل من 4% إلى 20%، مع خطر 1% إلى 2% لحدوث مضاعفات خطيرة وجديّة.

وتتضمن هذه المضاعفات ما يلي:

  • تضرر القلب أو أي عضو قريب منه.
  • رئة منهارة (استرواح الصدر).
  • عدم انتظام ضربات القلب.
  • توقّف القلب.
  • النزيف.

كيف تتم الوقاية من متلازمة دريسلر؟

تشير بعض الدراسات إلى أنّ تناول دواء الكولشيسين المضاد للالتهاب قبل جراحة القلب قد يساعد في الوقاية من متلازمة دريسلر.

كما يجب متابعة الحالة مع الطبيب بشكل دوري.

هل متلازمة دريسلر قابلة للشفاء؟

مع التشخيص والعلاج المُبكر غالبًا ما تكون النتائج جيدة، ورغم ذلك بالنسبة لـ 10% إلى 15% من الأشخاص، ستعود متلازمة دريسلر بعد العلاج.

هل متلازمة دريسلر قاتلة؟

نادرًا ما تكون أعراض متلازمة دريسلر مهددة للحياة، ولكن من المهم متابعة الحالة مع الطبيب خاصة عند وجود مشاكل قلبية.

ما هي التوقعات المستقبلية بالنسبة للمصاب؟

يستغرق التعافي حوالي أسبوعين إلى 4 أسابيع، أما بالنسبة للدواء فيستمر أخذه من 4 إلى 6 أسابيع، وغالبًا ما تكون التوقعات جيدة من حيث الشفاء وضمان صحة المريض، مع التأكيد على أهمية سرعة التشخيص والعلاج، ويوصى بالمتابعة طويلة الأمد للمريض خوفًا من معاودة الإصابة بالمتلازمة، أو من حدوث أحد المضاعفات المتعلّقة بها مثل الدكّاك القلبي.

متى يجب زيارة الطبيب أو طلب المساعدة؟

يجب طلب المساعدة الطبيّة عند الشك بأحد أعراض نوبة قلبية، ألم الصدر، أو أي اضطراب خطير، وتتمثل الأعراض بما يلي:

  • ألم يزداد سوءًا.
  • ضيق في التنفس يزداد سوءًا.
  • إغماء.
  • دوخة.
  • حمّى.
  • خفقان القلب.

وأخيرًا ورغم أنّ هذه المتلازمة نادرة في الوقت الحالي، إلا أنّه يجب الانتباه لها خاصةً بعد إجراء عمليات القلب أو الإصابة بنوبة قلبية نظرًا إلى أهمية العلاج والتشخيص بشكل سريع لضمان أفضل نتيجة لصحة المريض.

المصادر

د. رزان عرب حمو
د. رزان عرب حمو

طالبة طب بشري ومسعفة حاصلة على شهادتين بالإسعافات. مترجمة متقنة للغة الإنجليزية شاركت ضمن عدّة أحداث مثل Hult Prize Damascus University وTEDx AlAmal Street. أهم أهدافي هي نقل الثقافة الطبية الصحيحة والمعلومات بأسهل وأبسط الطرق لمختلف الأشخاص.

المقالات: 35

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد × 5 =