تأخُّر البلوغ وفقدان الشم قد يعني إصابتك بمتلازمة كالمان! 

متلازمة كالمان هي حالة مرضية تتميز بغياب أو تأخر البلوغ وفقدان أو نقص حاسة الشم، وعلى الرغم من إمكانية تشكيلها لبعض التحديات خلال فترة البلوغ، فإن تشخيص المتلازمة وعلاجها بوقت مبكر سيمكّن العديد من المصابين من التمتع بنوعية حياة أفضل وصحة إنجابية محسَّنة.

ما هي متلازمة كالمان؟

متلازمة كالمان Kallmann Syndrome والتي تدعى أيضًا بقصور الغدد التناسلية مجهول السبب المترافق مع فقدان الشم هي اضطراب خلقيٌ وراثيٌ نادر يصيب كلًّا من الذكور والإناث إلا أنه أكثر شيوعًا لدى الذكور.

أما في حال عدم ترافق الحالة مع فقدان أو ضعف حاسة الشم فإنها تُعرف بقصور الغدد التناسلية مجهول السبب (nIHH).

تؤثّر هذه المتلازمة على الجسم نتيجةً لحدوث نقص في مستويات هرمون تناسلي رئيسي هو الهرمون المُطلِق للحاثات التناسلية (GnRH)، والذي يُفرَز في الحالة الطبيعية من الوطاء (ما تحت المهاد) ليحفز الغدة النخامية على تركيب وتحرير هرمونات معينة هي كلٌّ من FSH وLH، يؤثر هذان الهرمونان على الغدد التناسلية (الخصيتين أو المبيضين) ويحفزانها على إنتاج الحيوانات المنوية أو البويضات.

كما من الممكن أن تؤثّر هذه المتلازمة في بعض الحالات أيضًا على الفم والأذنين والعينين والكليتين والقلب.

مَن من الممكن أن يصاب بمتلازمة كالمان وما مدى انتشارها؟

تصيب هذه المتلازمة كلًا من الذكور والإناث، حيث تحدث الحالة في 1 من كل 30000 ذكر و 1 من كل 120000 أنثى. 

ما هي أسباب متلازمة كالمان؟

إن السبب في حدوث متلازمة كالمان هو طفرات في عدد من الجينات المختلفة (عيوب في بعض الجينات)، ومن هذه الجينات ANOS1 ،CHD7 ،FGF8 ،FGFR1 ،PROK2 أو PROKR2، إذ يعاني المصابون من طفرات في أكثر من جينةٍ واحدة.

كما قد تمّ ربط معظم الجينات السابقة بنمط وراثي، حيث تمتلك هذه الجينات أنماطًا مختلفةً في التأثير على العائلات، أي أنه من الطرق التي من الممكن أن تنتقل فيها من الآباء إلى الأبناء ما يلي:

  • وراثة جسمية سائدة: تحدث هذه الحالة عندما تكون نسخةٌ واحدة فقط من الجين الطافر (غير الطبيعي) كافيةً للتسبب بمرض معين، وتكون نسبة خطر الانتقال متساوية بين الذكور والإناث، ونسبة هذا الانتقال من الوالد المصاب إلى الأطفال 50% لكل حمل.
  • وراثة جسمية متنحية: في هذه الحالة لا بد من أن يرث الفرد نسختين من الجين الطافر لكي يصاب بالمرض، أما في حال تلقّيه نسخةً واحدة فقط فسيكون الشخص حاملًا للمرض دون أن تظهر عليه الأعراض، وتكون نسبة خطر الانتقال هنا أيضًا متساوية بين الذكور والإناث، أما نسبة هذا الانتقال من الوالد المصاب إلى الأطفال فهي 25% لكل حمل.
  • وراثة متنحية مرتبطة بالصبغي X: ترتبط هذه الوراثة بالجنس إذ تكون الجينة محمولة على الصبغي X، ونظرًا لامتلاك الإناث صبغين X (حيث تكون الصيغة الصبغية لديهن XX) ففي حال إصابة أحدها من الممكن أن يعوض الصبغي الثاني عن الطفرة، أما عند الذكور (تكون الصيغة الصبغية لديهم XY) فإصابة الصبغي X تعني إصابته بالمرض نظرًا لعدم امتلاكها صبغي X ثاني.

ويجب الإشارة إلى أن الجينات المرتبطة بمتلازمة كالمان تلعب أدوارًا في تطوّر مناطق معينة من الدماغ قبل الولادة، إذ تشير الدراسات إلى أن الطفرات في الجينات المرتبطة بمتلازمة كالمان تؤثر على الخلايا العصبية الشمّية والخلايا العصبية المنتجة لـ GnRH في الدماغ النامي، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث المتلازمة.

ما هي أعراض وعلامات متلازمة كالمان؟

إن العرض الرئيسي لهذه المتلازمة هو تأخُّر البلوغ أو عدم اكتماله، والذي يترافق مع فقدان حاسة الشم أو ضعفها، إضافةً إلى غيرها من الأعراض التي تختلف من شخص لآخر.

فمن الأعراض التي يمكن ملاحظتها عند الأطفال ما يلي:

  • عدم نمو الثدي بشكل طبيعي عند الإناث.
  • مشاكل في الدورة الطمثية عند الإناث (انقطاعها).
  • عدم تطوّر الخصائص الجنسية الثانوية عند الذكور، حيث تشمل هذه الصفات نمو شعر الوجه، ونمو شعر الجسم، انخفاض نمو شعر العانة وتضخّم الأعضاء التناسلية.
  • انخفاض الرغبة الجنسية عند الذكور.
  • العقم.
  • انخفاض كتلة العضلات.
  • قصر القامة.
  • صغر حجم القضيب والخصية المعلّقة (غير النازلة).

كما قد تترافق المتلازمة بأعراض أخرى مثل:

  • عيوب في الوجه مثل شفة الأرنب (الشفة المشقوقة) والحنك المشقوق.
  • صغر في أصابع اليدين والقدمين خاصةً الإصبع الرابع.
  • تطوّر كلية واحدة فقط بدلًا من كليتين.
  • تشوهات في الأسنان.
  • الصمم (فقدان السمع).
  • عمى الألوان.
  • حركات غير طبيعية في العينين.
  • حركات تصاحبية في اليدين (حركات يد المرآة) حيث يتمّ عكس حركات إحدى اليدين بواسطة حركات اليد الأخرى.
  • الجنف (انحناء جانبي في العمود الفقري).
  • ضعف التوازن بسبب ترنح المخيخ.

ومن الجدير بالذكر أن الشخص يُولد وهو مصاب بهذه المتلازمة إلا أنه في بعض الحالات قد لا يتم ملاحظتها حتى حين ملاحظة تأخر البلوغ.

ما هي مضاعفات متلازمة كالمان؟

من المضاعفات التي قد تترافق مع هذه المتلازمة هي اضطرابات القلب الخلقية، هشاشة العظام والجلد الجاف.

متى يجب استشارة الطبيب؟

يُفَضّل زيارة الطبيب في حال تأخُر ظهور علامات البلوغ عند الطفل مقارنةً بأقرانه.

إضافةً إلى ذلك بإمكان البالغين المصابين بمتلازمة كالمان والذين يفكرون بالإنجاب مراجعة الطبيب لمناقشة الخيارات العلاجية المتوفرة.

كيف يتم تشخيص متلازمة كالمان؟

سيقوم الطبيب بطرح العديد من الأسئلة حول بعض الأعراض، كما من الممكن أن يسأل عن بعض المعلومات المرضية العائلية نظرًا إلى أنها متلازمة وراثية، إضافةً إلى ذلك سيقوم بإجراء فحص جسدي دقيق وشامل للمريض.

وفي حال الشك بمتلازمة كالمان سيقوم بطلب بعض الاختبارات التي منها:

  • تحاليل دموية لتقييم مستويات الهرمونات.
  • اختبارات لتقييم وظيفة الشم.
  • تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي. 
  • اختبارات جينية.

كيف يتم علاج متلازمة كالمان؟

إن الهدف من العلاج بشكل أساسي هو إحداث البلوغ والحفاظ على المستويات الهرمونية الطبيعية، إضافةً إلى ذلك قد يكون العلاج ضروريًا أيضًا للحثّ على الخصوبة لتحقيق الحمل، لذلك تُعالج متلازمة كالمان عادةً بالهرمونات البديلة والتي عادةً ما تكون مخصصة للاحتياجات السريرية للمرضى.

تشمل الطرق العلاجية عند الذكور:

  • حُقَن التستوستيرون التي تُعطى عن طريق العضل كل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع اعتمادًا على الحالة.
  • تركيبات التستوستيرون الموضعية (اللاصقات، المواد الهلامية، السوائل، إلخ..).
  • في حال الرغبة بالإنجاب يمكن إعطاء علاج لموجهة الغدد التناسلية (مثل موجهة الغدد التناسلية المشيمائية البشرية HCG وموجِّهة الغدد التناسلية الإياسية البشرية HMG، أو FSH المأشوب) لتحفيز نمو الخصية وبدء إنتاج الحيوانات المنوية.

كما يجب تقييم الحالة عندهم بشكل دوري إذ من الممكن أن تتحسن الحالة لديهم، إذ لوحظ عند حوالي 10-15% من المرضى الذكور الذين تمّت دراستهم حدوث انعكاس لقصور الغدد التناسلية.

بينما تشمل الطرق العلاجية عند الإناث:

  • حبوب الإستروجين والبروجستيرون أو لصقات الجلد.
  • حقن GnRH والتي يمكن استخدامها للحثّ على الإباضة لدى الإناث اللواتي ليس لديهن إباضة أو دورات شهرية منتظمة.
  • حقن موجهة الغدد التناسلية المشيمائية البشرية (HCG) لزيادة الخصوبة.

إضافةً إلى ذلك لا بد من أخذ مضاعفات المتلازمة بعين الاعتبار، حيث يجب معالجة التدهور المُحتمل في صحة العظام الذي قد يكون ناتجًا عن فترات انخفاض في الهرمونات الجنسية.

بعض الأسئلة الشائعة

لماذا يعاني المصاب بمتلازمة كالمان من فقدان الشم؟

يعاني المصاب بهذه المتلازمة من فقدان حاسة الشم نتيجةً لتأثير الجينات المرضية المرتبطة بمتلازمة كالمان على الخلايا العصبية الشمية في الدماغ.

ماذا يحدث إذا تُركت متلازمة كالمان دون علاج؟

في الحقيقة متلازمة كالمان ليست مرضًا مهددًا للحياة، إلا أنها من الممكن أن تؤدي لحدوث العقم عند كلٍّ من الذكور والإناث.

المراجع

د. ريم الشطة
د. ريم الشطة

ريم الشطة، طالبة في كلية الطب البشري جامعة دمشق ومتطوعة في قسم السوشيال ميديا لفريق الكريات الحمراء ومهتمة بكل ما هو جديد وله علاقة بالطب.

المقالات: 46

2 تعليقات

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة + 4 =