كل ما تحتاج معرفته عن الصدمة بأنواعها المختلفة!

تعدّ الصدمة حالة خطيرة مهددة للحياة فقد تؤدي للموت إذا تم التأخّر بتدبيرها، لها أنواع عديدة وتختلف أسباب ومضاعفات كلّ منها.

تحدث الصدمة عندما لا يحصل جسمك على ما يكفي من تدفّق الدم، وتشمل أعراضها كلًا من انخفاض ضغط الدم وسرعة ضربات القلب والتنفس الضحل والقلق والإعياء.

سنتعرّف في مقالنا على هذه الحالة الخطيرة بأنواعها وأسباب حدوثها وأعراضها، كما سنتناول موضوعًا مهمًّا للغاية ألا وهو كيفية إجراء إسعافاتٍ أوليّةٍ لمريض الصدمة لننقذ حياته.

ما هي الصدمة؟

الصدمة هي حالة طبية تهدد الحياة نتيجة عدم كفاية تدفق الدم في جميع أنحاء الجسم، وغالبًا ما تصاحب الصدمة إصابةً شديدةً أو مرض.

تعتبر الصدمة حالة طبية طارئة ويمكن أن تؤدي إلى حالات أخرى مثل نقص الأكسجين في أنسجة الجسم (نقص الأكسجة) أو النوبة القلبية (السكتة القلبية) أو تلف الأعضاء. 

تتطلب الصدمة علاجًا فوريًا حيث يمكن أن تسوء الأعراض بسرعة.

تختلف الصدمة بأنواعها الأربعة عن الصدمة العاطفية أو النفسية التي يمكن أن تحدث عقب حدث عاطفيّ صادمٍ أو مخيف.

ما هي أنواع الصدمة الرئيسية؟

هناك أربعة أنواع رئيسية من الصدمة، كل منها يمكن أن يكون ناتجًا عن أسبابٍ مختلفة، وسنأتي على ذكرها:

صدمة انسدادية

في حالة الصدمة الانسداديّة، يتواجد شيء ما يسدّ ويعيق دخول الدم وخروجه من قلبك أو يسدّ الأوعية الدموية الكبرى (الأوعية الدموية الرئيسية المتّصلة بقلبك) أو يعيقها.

يمكن أن يؤدّي هذا الانسداد إلى انخفاض كبير وسريع في ضغط الدم وكمية الدم التي يستطيع قلبك ضخّها، كما يؤثر نقص الأكسجين الناتج عن هذا الانسداد على جميع أعضائك.

يعدّ الانسداد الرئوي أحد الحالات التي قد تتسبب في انقطاع تدفّق الدم، يمكن للحالات التي تسبب تراكم الهواء أو السوائل في تجويف الصدر أن تؤدي أيضًا إلى صدمة انسدادية، وتشمل هذه الحالات:

  • استرواح الصدر (الرئة المنخمصة).
  • تدمّي الصدر (يتجمع الدم في الفراغ بين جدار الصدر والرئة).
  • اندحاس القلب (يملأ الدم أو السوائل الجوف الموجود بين الكيس المحيط بالقلب وعضلة القلب).

صدمة قلبية

يمكن أن يؤدي تلف القلب إلى تقليل تدفق الدم إلى جسمك، مما يؤدي إلى صدمة قلبية. تشمل الأسباب الشائعة للصدمة القلبية ما يلي:

الصدمة التوزيعية

الصدمة التوزيعية أو صدمة توزيع الدم هي حالة طبية طارئة، حيث لا يستطيع جسمك ضخ الدم الكافي إلى قلبك ودماغك وكليتيك، ويحدث ذلك لأنّ الأوعية الدموية متوسّعة للغاية (مترهّلة أو مرتخية)، مما يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم وتقليل كمية الدم التي يمكن أن تصل إلى أعضائك.

يمكن أن تؤدي الصدمة التوزيعية إلى ظهور أعراض تشمل:

  • ضغط دم منخفض.
  • فقدان الوعي.

هناك عدد من أنواع الصدمات التوزيعية، ومنها ما يلي:

الصدمة التأقية (صدمة الحساسية) 

هي اختلاط لرد فعل تحسسي شديد يعرف باسم التأق، تحدث تفاعلات الحساسية عندما يتعامل جسمك عن طريق الخطأ مع مادة غير ضارّة عادةً ولكن يراها الجسم على أنّها مادة ضارّة، مما يؤدي إلى استجابة مناعية خطيرة.

تحدث الحساسية المفرطة عادةً بسبب تفاعلات الحساسية تجاه الطعام أو سم الحشرات أو الأدوية أو اللاتكس.

الصدمة الإنتانية

هي شكل آخر من أشكال الصدمة التوزيعية، ولنتعرّف عليها علينا أن نعرف ما هو الإنتان.

الإنتان (المعروف أيضًا باسم تسمّم الدم) هو حالة تسببها عدوى تؤدي إلى دخول البكتيريا إلى مجرى الدم.

تحدث الصدمة الإنتانية عندما تسبب البكتيريا وسمومها أضرارًا جسيمةً للأنسجة أو الأعضاء في الجسم.

الصدمة العصبية 

تحدث الصدمة العصبية بسبب إصابة الجهاز العصبي المركزي، وعادةً ما تكون الإصابة في الحبل الشوكي تحديدًا. تؤدي إلى تمدد الأوعية الدموية، بالإضافة إلى دفء واحمرار الجلد، وتباطؤ معدّل ضربات القلب مع انخفاض ​​ضغط الدم بشدّة.

يمكن أن تؤدي سمّية الأدوية وإصابات الدماغ أيضًا إلى صدمة توزيعية.

صدمة نقص حجم الدم (صدمة نقص الحجم)

تحدث صدمة نقص حجم الدم عندما لا يكون هناك ما يكفي من الدم في الأوعية الدموية لنقل الأكسجين إلى أعضائك، يمكن أن يحدث هذا بسبب فقدان الدم الشديد، على سبيل المثال عند حدوث إصابة أدّت لنزيف.

يقوم دمك بتوصيل الأكسجين والعناصر الغذائية الحيوية إلى أعضائك، فإذا فقدت الكثير من الدم، فلن تتمكن أعضاؤك من العمل بشكل صحيح.

يمكن أن يسبب الجفاف الشديد والحروق الشديدة أيضًا هذا النوع من الصدمة.

ما مدى شيوع الصدمة؟

الصدمة شائعة ولها مخاطر عالية للوفاة، وفي الولايات المتحدة، يتواجد حوالي 1.2 مليون شخص مصاب بالصدمة في غرفة الطوارئ كل عام ويتراوح خطر وفاتهم بين 20% و 50%.

الصدمة التوزيعية هي أكثر أنواع الصدمات شيوعًا، تليها صدمة نقص حجم الدم والصدمة القلبية، بينما الصدمة الانسدادية أقل شيوعًا نسبيًا.

والنوع الأكثر شيوعًا من الصدمات التوزيعية هو الصدمة الإنتانية بمعدل وفيات يتراوح بين 40% إلى 50% من حالات الإصابة.

كم تستمر الصدمة؟

يعتمد مقدار الوقت الذي تستمر فيه الصدمة على نوع الصدمة ومدى سرعة تلقّي المريض للعلاج، وقد يكون للصدمة آثار طويلة المدى.

ما هي الأسباب الثمانية الرئيسية للصدمة؟

هناك عدّة أسباب رئيسية للصدمة، سنأتي على ذكرها:

  • أمراض القلب (نوبة قلبية، قصور القلب).
  • نزيف داخلي أو خارجي شديد، مثل حدوث إصابة خطيرة أو تمزّق أحد الأوعية الدموية.
  • الجفاف، خاصّةً عندما يكون شديدًا أو مرتبطًا بأمراض ترفع الحرارة.
  • عدوى (قد تؤدي لصدمة إنتانية).
  • رد فعل تحسسي شديد (قد يؤدي لصدمة تأقية).
  • إصابات العمود الفقري (قد تؤدي لصدمة عصبية).
  • الحروق.
  • القيء أو الإسهال المستمر.

ما هي أعراض وعلامات الصدمة؟

تعتمد أعراض الصدمة على سبب الصدمة ونوعها، ويعد الانخفاض الشديد في ضغط الدم أحد أكثر العلامات شيوعًا، قد تتضمن علامات الصدمة وأعراضها ما يلي:

  • الدوخة أو الدوار.
  • قلق.
  • الشفاه والأظافر تبدو زرقاء أو رمادية.
  • ارتباك.
  • التعرّق المفرط.
  • انخفاض التبول أو احتباس البول.
  • جلد شاحب أو بارد أو رطب.
  • إعياء.
  • ضربات قلب سريعة ولكن ضعيفة.
  • عدم انتظام ضربات القلب.
  • ألم في الصدر.
  • اتساع حدقة العين.
  • فقدان الوعي.
  • التنفس السريع الضحل.
  • انخفاض سكر الدم.

ما هي عوامل الخطر التي قد تؤدي للإصابة بالصدمة؟

يمكن أن تحدث الصدمة من الصدمات والحوادث التي لا يمكن السيطرة عليها. 

ومع ذلك، هناك بعض عوامل الخطر لتطوير أنواع معينة من الصدمات، فمثلًا يزداد خطر تعرضك لصدمة قلبية نتيجة نوبة قلبية إذا:

  • لديك تاريخ من قصور القلب أو النوبة القلبية.
  • لديك انسداد في شرايين قلبك الرئيسية.
  • لديك مرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم.
  • كنت من كبار السن.

كما تحدث الصدمة لدى الإناث بمعدّل أكبر من حدوثها لدى الذكور.

مضاعفات الصدمة

تختلف مضاعفات الصدمة بحسب نوعها، وسنأتي على ذكر أهم المضاعفات لكل نوع من أنواع الصدمة:

مضاعفات الصدمة الانسدادية

إذا لم يتم علاج الصدمة الانسداديّة بسرعة، يمكن أن تمنع أعضاءك الرئيسية من الحصول على الأكسجين والمواد المغذية التي تحتاجها، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تلف الأعضاء ويمكن أن يكون قاتلًا، لذا فالعلاج السريع مهم جدًا للحد من الضرر الذي يمكن أن يسببه نقص الأكسجين.

مضاعفات الصدمة القلبية

عندما تتدهور حالة الصدمة القلبية، يصبح جسدك غير قادر على الاستجابة لأي دواء أو جهاز، وقد يصل إلى توقّف القلب الذي يحتاج إلى الإنعاش القلبي الرئوي وجهاز التنفس الاصطناعي ومزيل الرجفان.

مضاعفات الصدمة التوزيعية

بسبب الأوعية الدموية المتوسّعة، فإنّ الصدمة التوزيعية تقلل الضغط الذي يدفع تدفّق الدم إلى أعضائك وتمنع أعضاءك من تلقّي ما يكفي من الدم للقيام بوظائفها المختلفة، يمكن أن يؤثّر هذا النقص في الأكسجين والعناصر الغذائية على أعضائك ويجعلها تتوقف عن العمل بشكل صحيح، وعندما تفشل أعضاؤك بالعمل يمكن أن تكون النتائج قاتلة.

مضاعفات صدمة نقص الحجم

قد تشمل المضاعفات تلف الكلى (قد يترتب على ذلك استخدامًا مؤقتًا أو دائمًا لجهاز غسيل الكلى)، تلف في الدماغ، غرغرينا في الذراعين أو الساقين والتي قد تؤدي أحيانًا إلى البتر، نوبة قلبية، تلف الأعضاء الأخرى، كما يمكن أن تؤدي إلى الموت.

كيف يتمّ تشخيص الصدمة؟

في جميع حالات الصدمة، يهدف العلاج إلى استعادة الدورة الدموية وإدارة أو منع حدوث مضاعفات، لذا فعندما يصل الشخص إلى قسم الطوارئ في أقرب مستشفى، يبذل الطاقم الطبي جهودًا في كثير من الأحيان لتأمين مجرى الهواء وتعزيز الدورة الدموية قبل تشخيص سبب الصدمة.

في بعض الحالات (مثل جروح الطعنات أو الحروق الشديدة أو البتر) يكون سبب الصدمة واضحًا، أما في الحالات الأخرى غير معروفة السبب، بمجرد خروج الشخص من الخطر المباشر الذي يهدد حياته يستخدم طاقم المستشفى الاختبارات التشخيصية لمعرفة سبب انخفاض ضغط الدم لدى الشخص، وقد تشمل هذه الاختبارات:

  • تحاليل الدم.
  • الأشعة السينية.
  • الموجات فوق الصوتية أو التصوير المقطعي المحوسب (CT) أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) للتحقّق من وجود نزيف داخلي.
  • يوجد اختبارات أخرى أيضًا، اعتمادًا على نوع الصدمة المشتبه بها، فعلى سبيل المثال قد يحتاج تشخيص الصدمة القلبية إلى مخطط كهربائية القلب (ECG).

ما هي آلية تدبير وعلاج المريض المصاب بالصدمة؟

لتدبير مريض الصدمة سنتناول الإسعافات الأولية التي من الممكن أن تقي المريض من خطر الوفاة، ثم سنتحدث عن الرعاية الطبية التي يقدّمها فريق الرعاية الصحية لعلاج الحالة:

طرق الإسعافات الأولية للمصاب بالصدمة

إذا كنت تشك في أن شخصًا ما في حالة صدمة، فيجب البدء بتدبير الحالة على الفور، اطلب عناية طبّية فورية!

  • دع المريض يستلقي، هذه الوضعية الأكثر راحة، وإذا كان المريض يعاني من الألم، فإنّ السماح له بالراحة أمر بالغ الأهمية (قد يزيد الألم من حدة التوتر ويسرّع من تفاقم الصدمة).
  • اتصل بالطوارئ للحصول على المساعدة الطبية، حيث لا يمكنك إدارة الصدمة بالإسعافات الأوّلية وحدها ولا يزال المريض بحاجة إلى رعاية طبّية طارئة.
  • إذا كان المريض ينزف، تحكّم في النزيف وارفع ساقيه، يجب أن تكون الأرجل فوق مستوى القلب ويجب أن يكون الرأس مستوٍ على الأرض. 
  • كن حذرًا وقم بتقييم أي كسر أو إصابة في الحبل الشوكي قبل القيام بأي تحريك للمريض، وإذا لم تكن متأكدًا من سلامة حبله الشوكي فدعه يستلقي منبسطًا على سطح مثل الأرض.
  • الحفاظ على درجة حرارة الجسم الطبيعية، أبقِه دافئًا إذا كان الجسم باردًا.
  • لا تعطِ المريض أي شيء للشرب أو الأكل.
  • قم بفك ملابس المريض الضيّقة.
  • إذا كان المريض يعاني من رد فعل تحسسي، فقم بإعطاء حقنة الأدرينالين (الإبينفرين) عبر قلم الحقن الذاتي إذا كان بإمكانك الوصول إليه.
  • إذا كان المريض يتقيّأ أو ينزف من الفم، اقلب المريض على جانبه ولا تتركه مستلقٍ على ظهره، وذلك لمنع الاختناق أو استنشاق القيء.
  • قم بمراقبة تنفّس المريض ونبضه ولون بشرته بانتظام.
  • طمأِن المريض وابقَ معه حتى وصول المساعدة.
  • إذا توقّف المريض عن التنفس في أيّ لحظة، افتح مجرى الهواء وتحقق من تنفسه عن قرب. 
  • إذا وجدته غير متنفّس أبدًا، فابدأ بالإنعاش القلبي الرئوي CPR، واستمر حتى وصول المساعدة أو حتى يبدأ المريض في التنفّس مرة أخرى.

الرعاية الطبية

ستعتمد خطة علاج طبيبك للصدمة على سبب حالتك، حيث يتمّ التعامل مع الأنواع المختلفة من الصدمات بشكل مختلف، على سبيل المثال قد يستخدم طبيبك:

  • أدرينالين وأدوية أخرى لعلاج صدمة الحساسية.
  • نقل الدم لتعويض الدم المفقود وعلاج صدمة نقص حجم الدم.
  • الأدوية أو جراحة القلب أو التدخلات الأخرى لعلاج الصدمة القلبية.
  • المضادات الحيوية لعلاج الصدمة الإنتانية.

هل يمكنك التعافي تمامًا من الصدمة؟

من الممكن التعافي تمامًا من الصدمة، ولكن إذا لم يتم علاجها بالسرعة الكافية فقد تؤدي الصدمة إلى تلف دائم في الأعضاء وإعاقة وحتى الموت. 

تعتمد فرصك في التعافي على العديد من العوامل، بما في ذلك:

  • سبب الصدمة.
  • طول الفترة التي كنت فيها في حالة صدمة.
  • موقع الأعضاء التي تعرّضت للصدمة ومقدار التلف الحاصل فيها.
  • العلاج والرعاية التي تلقّيتها.
  • عمرك وتاريخك الطبي.

هل يمكن منع حدوث الصدمة؟

يمكن الوقاية من بعض أشكال الصدمات وحالاتها، اتخذ الخطوات التالية لاتباع أسلوب حياة آمن وصحي:

إذا تم تشخيصك بحساسية شديدة، فتجنب محفزات هذه الحساسية، واحمل حاقن إبينيفرين الذاتي وذلك لتستخدمه عند أول إشارة لرد فعل تحسسي.

لتقليل خطر فقد الدم من الإصابات، ارتد ملابس واقية عند المشاركة في الرياضات التي تتطلب الاحتكاك الجسدي، وعند ركوب دراجتك أو عند استخدام معدّات خطرة، وقم بارتداء حزام الأمان عند السفر في المركبات ذات المحركات.

لتقليل فرص الإصابة بأضرار في القلب، اتبع نظامًا غذائيًا متوازنًا، ومارس الرياضة بانتظام وتجنّب التدخين والتدخين السلبي.

حافظ على رطوبة جسمك بشرب الكثير من السوائل، حيث يعدّ هذا الأمر مهمًّا بشكل خاص عندما تقضي الوقت في بيئات شديدة الحرارة.

المصادر

د. ماسه الفوال
د. ماسه الفوال

ماسه الفوال طالبة طب بشري في جامعة دمشق، أحب كتابة وصناعة المحتوى خصوصًا المتعلق بالأمراض النفسية والصحة النفسية والأمراض العصبية، أستطيع إضافة لمسة إبداعية لكل ما أراه.

المقالات: 39

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

12 − 11 =