قلس الأبهري قد يكون سبب ضيق التنفس لديك! تعرّف عليه

قلس الأبهري Aortic Regurgitation والذي يعرف أيضًا بقصور الصمام الأبهري هو أحد أمراض صمامات القلب، ينتج عن وجود مشكلة على مستوى الصمام الأبهري تسبب تسرّب الدم من الشريان الأبهري إلى البطين الأيسر والذي يترتب عليه العديد من المشاكل على مستوى العضلة القلبية وغيرها.

ما هو قلس الأبهري؟

لفهم القلس الأبهري لا بد من التعرف على تشريح الصمام الأبهري وآلية عمله.

تشريح الصمام الأبهري

يعتبر الصمام الأبهري البوابة الرئيسية الفاصلة ما بين القلب وأنحاء الجسم، وهو صمام هلالي ذو شكلٍ نصف دائري مكون من ثلاث وريقات (ثلاثي الشرف)، يتوضع في الحجرة اليسرى من القلب فاصلًا ما بين البطين الأيسر والشريان الأبهر الذي يعطي فروعًا تقوم بتغذية جميع أعضاء الجسم.

يتكون الصمام الأبهري مما يلي:

  • ثلاث وريقات.
  • حلقة أبهرية والتي تعتبر نقطة الاتصال ما بين وريقات الصمام الأبهري وجذر (بداية) الأبهر.
  • الصوار وهو بنية ليفية تقوم بتعليق وريقات الصمام.
  • جيوب فالسالفا والتي تضمن عدم انسداد فتحات الشرايين التاجية المغذية للقلب عندما تكون وريقات الصمام الأبهري مفتوحة (أي عند الانقباض).
  • الموصل الجيبي الأنبوبي.

آلية عمل الصمام الأبهري في الحالة الطبيعية

يرتبط عمل الصمام الأبهري بفارق الضغط على جانبيه، ففي الحالة الطبيعية عندما يكون الضغط في البطين الأيسر أكبر من الضغط في الشريان الأبهر تنفتح وريقات الصمام سامحةً للدم بالخروج من البطين باتجاه الأبهر وهذا ما يحدث في حالة الانقباض.

أما عندما ينخفض الضغط في البطين الأيسر مقارنةً بالشريان الأبهر تنغلق هذه الوريقات مانعةً الدم من الرجوع إلى البطين وبذلك يقوم الصمام بوظيفته المتمثّلة بالسماح للدم بالمرور باتجاه واحد.

الفيزيولوجية المرضية للقلس الأبهري

في حالة القلس الأبهري لا ينغلق الصمام بشكل سليم مما يؤدي إلى رجوع قسم من الدم باتجاه البطين الأيسر، يعني ذلك أنّ البطين الأيسر لا يُفرّغ بشكل تام من الدم قبل وصول دفعة الدم التالية من الأذين الأيسر.

نتيجة لذلك يتمدد البطين الأيسر ليستطيع استيعاب كمية الدم المتبقية بالإضافة إلى كمية الدم الجديدة ويزداد الجهد القلبي اللازم لضخ الدم، ومع كل هذا الجهد لن يكون القلب قادرًا على ضخ ما يكفي من الدم لمختلف أنحاء الجسم مما يترتب عليه الكثير من المشاكل.

ما هي أسباب قلس الأبهري؟

غالبًا ما يحدث القلس الأبهري بشكل تدريجي إلا أنه من الممكن أن يحدث فجأةً في حال التهاب الصمام، كما من الممكن أن يتسبب بحدوثه أي حالة مرضية تصيب الصمام الأبهري في حين أنه قد يحدث أيضًا من دون وجود أي سبب معروف.

من الأسباب التي تؤدي إلى حدوث قلس في الصمام الأبهري ما يلي:

  • أمراض صمامات القلب الخلقية: قد يكون الصمام الأبهري عند بعض الأشخاص مكوّن من وريقتين (شرفتين) بدلًا من ثلاث وريقات فهذه الحالة من أكثر آفات القلب الخلقية شيوعًا، أو قد تكون الوريقات ملتحمة بدلًا من منفصلة، كما من الممكن أن يكون للصمام وريقة واحدة فقط أو أربع وريقات إلا أنّ هذه الحالات أقل شيوعًا.
  • الحمى الروماتيزمية: تعد الحمى الروماتيزمية أحد مضاعفات التهاب الحلق العقدي، ويمكن أن تؤدي الحمى الروماتيزمية إلى تسمّك وانكماش وريقات الصمام مما يؤدي إلى حدوث قلس الأبهري.
  • التهاب بطانة حجرات القلب والصمامات (التهاب الشغاف).
  • إصابة الصدر أو تسلّخ الشريان الأبهري.
  • تناول بعض أدوية إنقاص الوزن مثل فينفلورامين وديكسفين فلورامين إذ من الممكن أن تسبب تغيرات تنكسية في الصمام. 
  • مرض بهجت حيث يسبب مضاعفات قلبية في حالات قليلة، وتشمل هذه المضاعفات مشاكل على مستوى الصمام الأبهري.
  • الذئبة الحمامية الجهازية.
  • بعض اضطرابات النسيج الضام مثل متلازمة مارفان، متلازمة إهلرز دانلوس، الصمام الأبهري المرن، تمدد الأوعية في جيوب فالسالفا وتدلّي الصمام الأبهري.

ما هي عوامل خطر قلس الأبهري؟

من العوامل التي تزيد من فرصة الإصابة بقلس الأبهري ما يلي:

  • التقدّم في العمر.
  • وجود مشاكل خلقية في القلب.
  • إصابة سابقة بعدوى تؤثر على القلب.
  • أمراض صمامات القلب الأخرى.
  • وجود حالات مرضية قد يكون لها تأثير على الصمامات.
  • ارتفاع ضغط الدم.

ما هي أعراض وعلامات قلس الأبهري؟

قد لا يترافق قلس الابهري بأي عرض أو علامة لعدّة سنوات، إلا أنّه مع تطوّر الحالة فقد تظهر الأعراض فجأة، ومن هذه الأعراض:

  • ضيق في التنفس، خصوصًا عند ممارسة الرياضة.
  • ألم أو انزعاج أو ضيق في الصدر.
  • وهن عام وتعب.
  • صعوبة في التنفس عند الاستلقاء.
  • خفقان.
  • اضطراب نظم القلب.
  • دوار وإغماء.
  • تورّم الكاحلين والقدمين.
  • نفخة قلبية.

ما هي مضاعفات قلس الأبهري؟

من المضاعفات الناتجة عن القلس الأبهري ما يلي:

  • الشعور بالدوار والإغماء.
  • التهاب الشغاف.
  • اضطراب نظم القلب.
  • فشل القلب.
  • الوفاة.

كيف يتم تشخيص قلس الأبهري؟

لتشخيص قلس الأبهري سيقوم الطبيب بطرح مجموعة من الأسئلة على المريض حول أعراضه وسجله الطبي والعائلي، كما سيقوم بإجراء فحص بدني للمريض والذي يبحث فيه الطبيب عن ما يلي:

  • أصوات قلبية غير طبيعية والتي ندعوها بالنفخة القلبية.
  • ضربات قلب قوية بشكل غير عادي.
  • نبضات واضحة في العنق.
  • فحص النبض وضغط الدم.

ثم سيقوم بطلب مجموعة من الفحوصات والإجراءات منها:

تخطيط صدى القلب Echocardiogram

يستخدم هذا الاختبار غير الباضع الموجات الصوتية لإعطاء صورة عن حركة القلب وتدفق الدم عبر القلب، وهو من أفضل الاختبارات التي تقييم وظيفة صمامات القلب، كما يمكّننا من معرفة السبب وراء مرض الصمام الأبهري وشدته.

تخطيط كهربائية القلب Electrocardiogram

يعطي صورة عن نشاط القلب الكهربائي ومعدل ضربات القلب، فيمكّننا من الكشف عن اضطرابات النظم.

تصوير الصدر بالأشعة السينية Chest X-ray

تُعطي صورة عن حالة القلب والرئتين، فقد تمكّننا من اكتشاف ضخامة القلب.

اختبار الجهد Stress test

يتضمن اختبار الجهد مراقبة قلب المريض بينما يمشي على جهاز المشي أو يركب الدراجة، وفي حال عدم قدرة المريض على المشي قد يقوم الطبيب بإعطاء المريض دواء له تأثير قلبي مشابه للقيام بالتمارين الرياضية.

التصوير بالرنين المغناطيسي MRI

يستخدم هذا الاختبار مجالات مغناطيسية وموجات راديوية لإنتاج صور مفصّلة عن هيكل القلب والأوعية الدموية، فيعطي صورة عن البطين الأيسر والشريان الأبهر.

القسطرة القلبية Cardiac Catheterization

عادةً لا يستخدم هذا الاختبار لتشخيص قلس الصمام الأبهري، إلا أنّه من الممكن اللجوء له في حال عدم تمكّن الاختبارات الأخرى من تشخيص القلس. 

يتم في هذا الاختبار إدخال أنبوب مرن مجوف صغير (قسطرة) عبر شريان كبير يؤدي إلى القلب، ثم يتم ضخ صبغة عبر القسطرة تساعد على ظهور الأوعية الدموية بشكل أوضح في صورة الأشعة السينية، فيعطي ذلك صورة تفصيلية عن شرايين القلب وعن كيفية تأدية القلب لوظائفه.

كيف يتم علاج قلس الأبهري؟

يهدف العلاج بشكل أساسي إلى تخفيف الأعراض ومنع المضاعفات، ويعتمد على شدة القلس الأبهري وشدة الأعراض، ففي حال عدم ظهور الأعراض قد يكتفي الطبيب بمراقبة حالة المريض بانتظام مع اقتراح توصيات تشمل تغييرات في نمط الحياة.

أما في حالات أخرى فقد يقوم الطبيب بوصف بعض الأدوية، في حين قد يتم اللجوء إلى التدخل الجراحي في حالات أخرى.

الأدوية

إذا كان المريض يعاني من ارتفاع ضغط الدم فقد يحتاج لتناول أدوية لمعالجة هذا الارتفاع ومنع تفاقم القلس الأبهري، كما من الممكن وصف مدرات البول للمرضى الذين يعانون من أعراض قصور القلب.

سابقًا كان يتم إعطاء الصادات الحيوية للمرضى الذين يعانون من مشاكل في صمامات القلب ويريدون إجراء جراحة للأسنان وغيرها، إلا أنّه تراجع استخدامها الآن.

التدخل الجراحي والإجراءات الأخرى

قد يتم اللجوء إلى إصلاح الصمام أو استبداله لكن هذا القرار يعتمد على أعراض المريض وحالة قلبه ووظيفته.

من الممكن القيام بذلك عن طريق جراحة القلب المفتوح التي يتم فيها إجراء شق جراحي في الصدر، أو قد يتم اللجوء إلى الإجراءات طفيفة التوغل كتغيير الصمام عبر القسطرة الذي يتم فيه إجراء مجموعة من الشقوق الجراحية الصغيرة والتي تكون أصغر بكثير من جرح عملية القلب المفتوح.

ترميم الصمام الأبهري

يتم هنا إما فصل وريقات الصمام الملتحمة، أو إعادة تشكيل أنسجة الصمام الزائدة أو إزالتها ليستطيع الصمام الانغلاق بإحكام، أو قد يتم ترقيع الثقوب الموجودة في الصمام.

استبدال الصمام الأبهري

يتم استبدال الصمام الأبهري التالف بصمامٍ ميكانيكي أو صمامٍ بيولوجي مصنوع من الأنسجة القلبية للبقر أو الخنزير أو الإنسان.

كما يتم في بعض الأحيان القيام بجراحة شديدة التعقيد يطلق عليها إجراء روس، يتم فيها استبدال الصمام الأبهري بالصمام الرئوي، بينما يتم استبدال الصمام الرئوي بصمام بيولوجي مأخوذ من أنسجة شخص ميت.  

ما هي سبل الوقاية من قلس الأبهري؟

قد لا نستطيع تغيير بعض عوامل الخطر إلا أنه من الممكن لبعض التوصيات أن تساعد في الوقاية من أمراض الصمام الأبهري مثل:

  • الحصول على علاج سريع للعدوى.
  • ممارسة الرياضة بانتظام.
  • الحفاظ على وزن صحي.
  • الإقلاع عن التدخين.
  • عدم تعاطي المخدرات.
  • ضبط ارتفاع ضغط الدم.
  • اتباع نظام غذائي مفيد للقلب يشمل تناول الفواكه، الخضراوات، مشتقات الحليب قليلة الدسم أو منزوعة الدسم، الدواجن، الأسماك والحبوب الكاملة، وتجنّب الدهون المشبّعة والمتحولة وعدم تناول كميات زائدة من الملح والسكر.
  • في حال كان أحد أفراد العائلة يعاني من مشاكل خلقية في القلب من الممكن مراجعة الطبيب وإجراء بعض الفحوصات إذ أن اكتشاف المشكلة بشكل مُبكِر يسهل التعامل معها.

المراجع

د. ريم الشطة
د. ريم الشطة

ريم الشطة، طالبة في كلية الطب البشري جامعة دمشق ومتطوعة في قسم السوشيال ميديا لفريق الكريات الحمراء ومهتمة بكل ما هو جديد وله علاقة بالطب.

المقالات: 46

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

11 − 1 =