فرط الحرارة – حالة مرضية قد تكون مهددة للحياة!

تكون درجة حرارة جسم الإنسان السليم في الحالة الطبيعية 37 درجة مئوية على مقياس سيليزيوس أو 98.6 درجة على مقياس فهرنهايت، وأي ارتفاع فوق ذلك يُعتبر ارتفاعًا غير طبيعيًا في درجة حرارة الجسم، وسنتناول في مقالتنا هذه حالة فرط الحرارة Hyperthermia وهي أحد الأمثلة عن هذا الارتفاع غير الطبيعي.

ما هو فرط الحرارة؟

فرط الحرارة هو ارتفاع غير طبيعي في درجة حرارة الجسم، يحدث عندما يمتص الجسم الحرارة أو يولّدها بكميات كبيرة جدًا.

وبلغة الأرقام فهو تجاوز درجة حرارة الجسم لـ99 أو 100 درجة على مقياس فهرنهايت، أو تجاوز درجة حرارة الجسم 37.7 على مقياس سيلزيوس.

ما الفرق بين الحمّى وفرط الحرارة؟

عندما يكون لديك فرط حرارة فإن درجة حرارة جسمك ترتفع فوق نقطة مرجعية معيّنة، يتحكم فيها ما تحت المهاد (جزء من الدماغ يتحكم بالعديد من وظائف الجسم)، ولكن عندما تصاب بالحمّى فإن الوطاء (وهو جزء من الجهاز العصبي المركزي يتحكم بالعديد من الوظائف الحيوية) يزيد من درجة حرارة الجسم المحددة، ويكون ذلك نتيجة محاولة الجسم لمحاربة مرض ما أو عدوى.

ما الفرق بين فرط الحرارة وانخفاض الحرارة؟

يحدث انخفاض الحرارة عندما تهبط درجة حرارة الجسم إلى مستويات متدنية وخطيرة، وذلك عندما تصل درجة حرارة جسمك إلى 35 درجة على مقياس سيليزيوس أو 95 درجة على مقياس فهرنهايت.

أنواع فرط الحرارة

فرط الحرارة هو عبارة عن مجموعة من أمراض الحرارة تتضمن الأنواع التالية:

تقلصات (تشنجات) الحرارة

وهي عبارة عن تقلصات وتشنجات تحدث في العضلات إذا فقد الجسم الكثير من الشوارد (الأملاح والمواد المهمة الأخرى في سوائل الجسم) من خلال التعرّق.

غالبًا ما تحدث في الذراعين واليدين وأسفل الساقين والقدمين.

الإرهاق الحراري

وهو أكثر خطورة من التشنجات الحرارية، حيث قد تصل درجة حرارة الجسم فيه إلى 104 درجة على مقياس فهرنهايت أو 40 درجة على مقياس سيليزيوس.

من الممكن أن يؤدي الإرهاق الحراري إلى ضربة حرارة (ضربة شمس).

الطفح الجلدي الحراري

ويحدث عندما تتعرّق كثيرًا في الطقس الحار الرطب، فيظهر تهيّج جلدي على شكل مجموعة من البثور الحمراء الصغيرة.

يظهر هذا النوع عادةً في تجاعيد الكوع أو تحت الثديين أو بالقرب من الفخذ أو أعلى الصدر والرقبة.

فرط الحرارة المؤدي للإغماء

يحدث الإغماء نتيجةً لانخفاض ضغط الدم وانخفاض تدفق الدم إلى الدماغ مؤقتًا، ويكون ذلك بسبب توسّع الأوعية الدموية نتيجة الحرارة العالية.

يحدث هذا النوع عند الأشخاص الذين يجهدون أنفسهم في بيئة حارّة.

إذا كنت تتناول حاصرات بيتا لخفض ضغط الدم فأنت أكثر عرضة للإصابة بالإغماء الحراري.

غالبًا ما يسبق الإغماء الدوخة أو الدوار، قد تشعر بالاقتراب من الإغماء، ولكن إذا استرخيت وانتقلت إلى بيئة أبرد فإن ذلك قد يمنع حدوث الإغماء، كما قد يساعدك رفع ساقيك على منع الإغماء، لأن ذلك يؤدي إلى عودة الدم من الأطراف السفلية للدماغ، ومن الضروري تناول السوائل بكثرة في هذه الحالة لتعويض المفقود نتيجة الحرارة العالية.

الوذمة الحرارية

يمكن أن تحدث الوذمة الحرارية إذا أمضيت الكثير من الوقت في بيئة حارة للغاية ولم تكن معتادًا على التواجد فيها، مما يؤدي إلى تورّم في اليدين أو أسفل الساقين أو الكاحلين (وذمات).

يكون هذا التورّم ناتجًا عن تراكم السوائل في الأطراف، ويُحتمل أن حدوث ذلك مرتبط بإعادة امتصاص الصوديوم المحفّز بهرمون الألدوستيرون من الكلى إلى الدم.

عادةً ما تنحسر الوذمة الحرارية تلقائيًا بمرور الوقت، وبمجرد الاعتياد على البيئة الدافئة، ومن المساعد أيضًا رفع القدمين والمحافظة على رطوبة الجسم بشرب كمية كافية من الماء والشوارد.

الإجهاد الحراري المهني

من الممكن أن يحدث ذلك إذا كان لديك وظيفة مهنية تتطلب منك العمل في ظروف شديدة الحرارة.

كثيرًا ما يصيب رجال الإطفاء وعمّال المناجم وعمّال البناء، ويمكن أن يؤدي إلى الإرهاق الحراري أو ضربة شمس.

ضربة الحرارة (ضربة الشمس)

وهو أشد أشكال فرط الحرارة، وهو حالة إسعافية مهددة للحياة تتسبب بارتفاع درجة حرارة الجسم فوق 104 درجة على مقياس فهرنهايت أو 40 درجة على مقياس سيليزيوس.

فرط الحرارة الخبيث

هو حالة وراثية يمكن أن تجعلك عرضةً لفرط الحرارة عند تلقيك التخدير الجراحي أو مجموعات معيّنة من المهدئات.

إذا كنت مصابًا بهذا النوع فقد ترتفع درجة حرارة جسمك بشكل خطير أثناء الجراحة أو بعدها.

قد يظهر فرط الحرارة الخبيث عند أول تعرّض للأدوية، ولكنّه أكثر شيوعًا بعد التعرض لعدّة مرات.

إذا لم يتم علاج فرط الحرارة الخبيث بأسرع وقت، فإن ذلك قد يؤدي إلى حدوث المضاعفات التالية:

  • حالة مرضية تصيب العضلات تؤدي إلى فشل الخلايا العضلية (انحلال العضلات).
  • تلف الكلى أو فشلها.
  • مشاكل في التخثر والنزف.
  • الموت.

ما هي أسباب فرط الحرارة؟

يحدث فرط الحرارة عندما تصبح الحرارة التي يتلقاها الجسم أو يولّدها أكبر من قدرته على التخلّص منها.

التعرّق هو وسيلة الجسم للتبريد ولكن في بعض الحالات لا يكون كافيًا، وعندما يحدث ذلك فإن فرط الحرارة قد يحدث.

كما يكون المجهود الجسدي في الطقس الحار والطقس الرطب هو السبب الأكثر شيوعًا لارتفاع الحرارة.

ما هي عوامل الخطر؟

فرط الحرارة يمكن أن يصيب أي أحد، ولكن تكون الخطورة عالية في الحالات التالية:

  • التجفاف.
  • كبار السن (فوق الـ65 عامًا) و صغار السن (تحت الـ4 أعوام).
  • ممارسة التمارين الرياضية والجهد في الطقس الحار.
  • تناول الكحول بكميات كبيرة.
  • وجود حالات من عدم التوازن الشاردي.
  • وجود بعض الأمراض التي تؤثر على عملية التعرّق كالتليّف الكيسي.
  • مشاكل القلب أو الرئتين أو الكلى أو الكبد أو الغدة الدرقية أو الأوعية الدموية.
  • زيادة الوزن أو نقصان الوزن.
  • تناول بعض الأدوية مثل مدرّات البول أو المهدئات أو أدوية القلب وضغط الدم أو مضادات الهيستامين.
  • ارتداء ملابس سميكة أو ضيّقة في الطقس الحار.
  • الحميات الغذائية قليلة الصوديوم.
  • التدخين.
  • الإصابة بالتهاب المعدة والأمعاء.
  • تعاطي المخدرات وخاصةً الماريجوانا.

ما هي أعراض فرط الحرارة؟

تختلف الأعراض حسب نوع فرط الحرارة.

أعراض فرط الحرارة التقلّصي

تشنجات عضلية في القدمين أو الكاحلين أو الفخذين أو اليدين أو الذراعين، وعادةً ما تكون هذه التشنجات مؤلمة، وتسبب التعضيل بعد انتهائها.

أعراض الإجهاد الحراري

  • الرؤية المشوشة.
  • الدوار.
  • تسرّع التنفس.
  • تسرّع القلب.
  • التعب.
  • الصداع (ألم الرأس).
  • الإغماء.
  • انخفاض ضغط الدم.
  • تشنجات العضلات.
  • التعب والضعف العام.
  • الغثيان والإقياء.

أعراض ضربة الشمس

تكون مشابهة لأعراض الإجهاد الحراري بالإضافة للأعراض التالية:

  • عدم التعرّق (جلد جاف لا يتعرّق).
  • مشاكل في التوازن.
  • الهذيان (الارتباك أو التخليط الذهني).
  • جلد ساخن متورد أو شاحب جدًا.
  • ضغط دم منخفض أو مرتفع.
  • نوبات عصبية.

قد يصاب الأشخاص المصابين بضربة الشمس بالصدمة، أو يدخلون في غيبوبة، أو يعانون من فشل في الأعضاء أو يموتون، فإذا كنت تعاني من ضربة الشمس اطلب العناية الطبية على الفور.

أعراض فرط الحرارة الخبيث

  • تشنجات عضلية قوية أو تصلّب العضلات.
  • تنفس سريع وسطحي وانخفاض نسبة الأكسجين وزيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون.
  • تسرّع نبض القلب.
  • عدم انتظام نبض القلب.
  • فرط التعرّق.
  • لون جلد غير طبيعي (جلد مرقش).

كيف يتم تشخيص المرض؟

يقوم الأطباء بسؤال المريض عن أعراضه وإجراء فحص فيزيائي وقياس حرارة الجسم، من الممكن أيضًا أن يطلب الأطباء فحوصات دم وبول.

قياس الحرارة

يمكن للمريض قياس الحرارة في المنزل باقتناء أحد موازين الحرارة أو التوجّه لعيادة الطبيب.

حديثًا أصبح الأطباء يستخدمون مقاييس الحرارة الرقمية، بسبب احتمالية التعرّض للزئبق عند استعمال موازين الحرارة الزجاجية الزئبقية.

بغض النظر عن نوع مقياس الحرارة المستخدم، يجب أخذ الاحتياطات التالية:

  • قراءة التعليمات المرفقة مع مقياس الحرارة.
  • غسل اليدين بالصابون والماء الدافئ قبل استعمال الميزان.
  • تنظيف المقياس بالكحول أو الصابون والماء الفاتر قبل وبعد كل استخدام.
  • عدم استخدام نفس المقياس في الفم والشرج على حد سواء.
  • الانتظار 6 ساعات على الأقل بعد تناول الأدوية التي تخفض درجة الحرارة مثل الأسبرين أو الأسيتامينوفين أو الإيبوبروفين.

كيفية علاج فرط الحرارة

يختلف العلاج أيضًا على حسب نوع فرط الحرارة:

علاج التقلص الحراري أو الإجهاد الحراري أو الطفح الحراري أو الإجهاد الحراري المهني

إذا كنت تعاني من أعراض خفيفة إلى متوسطة، فيجب عليك:

  • التوقّف عن النشاط البدني والاستراحة في مكان بارد وجيد التهوية.
  • إزالة الملابس الثقيلة أو الضيقة.
  • شرب المشروبات المملحة قليلًا لتعويض الشوارد، واستشر طبيبك في حال كنت مصابًا بأمراض القلب وضغط الدم.
  • تجنّب المشروبات التي تحتوي على الكافيين.
  • ضع شيئًا باردًا على بشرتك.
  • حافظ على جفاف الجلد المتهيّج، ضع مسحوقًا أو مرهمًا لتقليل الانزعاج.
  • قم بتمديد أي عضلات متشنجة برفق.

يمكنك عادةً علاج هذه الحالات في المنزل، وفي بعض الحالات قد يوصي طبيبك بتعويض السوائل عن طريق الوريد من خلال قسطرة في الذراع.

علاج ضربة الشمس

ضربة الشمس هي حالة طبية طارئة تتطلب العلاج في المستشفى.

يمكنك القيام بالإجراءات التالية أثناء انتظار وصول سيارة الإسعاف وتشمل:

  • غمر الجسم في ماء بارد إن أمكن.
  • رش الجسم بالمياه أو نفخ الهواء عبر الجسم (التبريد التبخري).
  • وضع كمادات الثلج على الرقبة والمنطقة الإربية والإبط.
  • تجنّب إعطاء أي أدوية بما في ذلك الأسبرين والأسيتامينوفين.

علاج فرط الحرارة الخبيث

الأدوية

تستهدف الأدوية إطلاق الكالسيوم في العضلات وتوقِفه، كما يمكن إعطاء أدوية أخرى لتصحيح مشاكل توازن المواد الكيميائية في الجسم (اختلال التوازن الاستقلابي).

الأكسجين

في معظم الحالات يُعطى الأكسجين من خلال أنبوب وضع في القصبة الهوائية.

تبريد الجسم

يمكن استخدام أكياس الثلج وبطانيات التبريد ومروحة بها رذاذ بارد وسوائل وريدية مبرّدة للمساعدة في خفض درجة حرارة الجسم.

كيفية الوقاية من فرط الحرارة

في معظم الحالات من الممكن منع حدوث هذه الحالة عن طريق:

  • تجنّب النشاط البدني الشاق في الظروف الحارّة والرطبة.
  • استهلاك الماء والمشروبات المملحة قليلًا.
  • احمِ نفسك من التجفاف، وتناول السوائل كل 15-20 دقيقة في الطقس الحار.
  • لا تترك أطفالك أبدًا في أماكن مغلقة وساخنة مثل السيارات.
  • ابق في مناطق مكيّفة أو جيدة التهوية أثناء موجات الحرارة.
  • ارتدِ ملابس خفيفة وفضفاضة وذات ألوان فاتحة إذا كنت ستخرج في الطقس الحار.
  • إذا كان يجب عليك القيام بأنشطة في الطقس الحار بسبب وظيفتك المهنية أو الرياضة فدع جسمك يتأقلم تدريجيًا مع الحرارة، ابدأ بالقيام بعمل خفيف أو ممارسة التمارين الرياضية قبل أسبوعين تقريبًا من القيام بالعمل الشاق، حتى يستطيع الجسم بناء قدرة تدريجية على تحمل درجات الحرارة المرتفعة.
  • إذا أمكن، خطط للقيام بأعمالك خلال ساعات الصباح الباكر، حيث قد يكون الجو أكثر برودةً.

متى يجب عليك زيارة الطبيب؟

تواصل مع طبيبك عند ظهور الحالات التالية:

  • ارتفاع درجات الحرارة.
  • وجود مشاكل في المشي والتنفس والكلام.
  • وجود فرط تعرّق.
  • غياب الوعي.
  • التخليط الذهني أو فقدان التركيز.

المراجع:

د. محمد فؤاد شكري
د. محمد فؤاد شكري

محمد فؤاد شكري، طالب طب بشري، وكاتب محاضرات علمية في فريق الكريات الحمر التطوعي بجامعة دمشق. مهتم للغاية بنشر المعلومات الصحيحة والدقيقة بأبسط وأفضل طريقة ممكنة.

المقالات: 64

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة عشر − 3 =