عسر الطمث وآلام الدورة الشهرية – هل أنتِ مصابة وما العلاج؟

عسر الطمث Dysmenorrhea أو عسر الحيض هو المصطلح الطبي المُستخدم للتعبير عن تشنجات وآلام الدورة الشهرية التي تسببها تقلصات الرحم، ويعتبر الشعور بالألم الخفيف والانزعاج خلال الدورة الشهرية لمدة يوم أو يومين أمرٌ طبيعي تعاني منه أكثر من نصف النساء، ولكن بالنسبة لبعضهن يكون الأمر مختلفًا، إذ أن الألم شديد لدرجة أنه يمنع المرأة من النهوض والقيام بما هو مطلوب منها كالذهاب إلى العمل أو الجامعة وغيره، ويستمر الحال هكذا عدة أيام من كل شهر!

غالبًا ما تتحسن حالة عسر الطمث مع التقدّم بالعمر وخاصةً بعد الولادة وهذا في حال عدم وجود أسباب صحية مسؤولة عن آلام الدورة، أما في بعض الحالات الأخرى تكون الآلام ناتجة عن الإصابة بحالةٍ ما، وهنا يكون علاج هذه الحالة هو مفتاح الحل لمشكلة عسر الطمث.

فما أسباب عسر الطمث؟ وما هي طرق علاجه الدوائية والمنزلية؟ وكيف تعرفين أن ألم الدورة طبيعيًا؟ إليكِ المقال الشامل التالي حول عسر الطمث.

ما هو عسر الطمث Dysmenorrhea وما أنواعه؟

يمثّل مصطلح عسر الطمث (عسر الحيض) آلام الدورة الشهرية والتشنجات المتكررة الشديدة المرافقة لها، وتكون هذه الآلام نابضة ماغصة في منطقة أسفل البطن ناجمة عن تقلص الرحم، وتعد البروستاغلاندينات Prostaglandins هي المسؤولة عن تقلص الرحم والأوعية الدموية خلال الدورة الشهرية، حيث تكون مستوياتها مرتفعة في اليوم الأول وتنخفض تدريجيًا مما يفسّر تناقص شدة الألم مع مرور أيام الدورة.

ويصنف عسر الطمث إلى نوعين:

  1.  عسر الطمث الأولي Primary Dysmenorrhea

عسر الطمث الأولي هو حالة تبدأ عند البلوغ مع أول دورة شهرية أو بعد فترة وجيزة من بدء الدورة الشهرية دون وجود أي سبب طبي آخر مسؤول عنها، وبالتالي تستمر مدى الحياة بشدّات مختلفة، يبدأ الألم عادةً إما قبل يوم أو يومين من بدء الدورة الشهرية، أو عند بدء نزيف الدورة الشهرية، وقد يتوضّع في أسفل البطن أو الظهر أو الفخذين، وغالبًا ما تصبح الحالة أقل إيلامًا مع التقدم في العمر وإنجاب الأطفال.

  1.  عسر الطمث الثانوي Secondary Dysmenorrhea

عسر الطمث الثانوي هو ألم الدورة الشهرية الناجم عن الإصابة باضطراب أو عدوى في الجهاز التناسلي الأنثوي، يبدأ الألم في هذه الحالة بوقتٍ مُبكر من الدورة الشهرية ويستمر لفترة طويلة بشكلٍ غير طبيعي.

ما هي أسباب عسر الطمث؟

في الحالة الطبيعية عند عدم حدوث حمل عند أنثى في سن النشاط التناسلي تسقط بطانة الرحم عبر ما يدعى بالدورة الشهرية، وتعتبر المواد الكيميائية المشابهة للهرمونات والمسماة بِالبروستاغلاندينات Prostaglandins مسؤولة عن حدوث تقلصات الرحم، وبالتالي من البديهي أن تزداد شدة التقلصات بازدياد مستويات البروستاغلاندين.

في عسر الطمث الأولي يحدث خلل في التوازن الكيميائي في الجسم خاصةً في مستويات البروستاغلاندينات وحمض الأراكيدونيك وغيرها من المواد المسؤولة عن تقلص الرحم، مما قد يجعل التقلصات شديدة جدًا ومؤلمة باعتبار أن الرحم عند تعرّضه للضغط الشديد سوف يضغط على الأوعية الدموية مؤديًا لانقطاع التروية الدموية عن الأنسجة العضلية لفترةٍ قصيرةٍ من الزمن ولكن تؤدي إلى الشعور بالألم.

أما في عسر الطمث الثانوي تكون آلام الدورة ناجمة عن الإصابة بِحالاتٍ صحيةٍ أخرى قد تكون أحد مما يلي:

  • التهاب الحوض PID.
  • بطانة الرحم المهاجرة Endometriosis (الانتباذ البطاني الرحمي).
  • العضال الغدي Adenomyosis.
  • الأورام الليفية Fibroids.
  • بعض العيوب الخلقية في الأعضاء التناسلية مثل الرحم وقناتي فالوب.
  • ضيق عنق الرحم.
  • حمل غير طبيعي (حمل هاجر (منتبذ)، إجهاض).
  • قد تؤدي حالات طبية أخرى مثل كرون والتهاب المسالك البولية إلى عسر الطمث.

ما العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بعسر الطمث وآلام الدورة الشديدة؟

يمكن أن تُصاب أي امرأة بعسر الطمث، ولكن يزداد خطر الإصابة بآلام شديدة خلال الدورة الشهرية في الحالات التالية:

  • البلوغ المُبكر (في سن 11 عامًا أو قبل).
  • عمر المرأة أقل من 20 عامًا.
  • غزارة الطمث (النزيف الدموي الغزير خلال الدورة الشهرية).
  •  عدم انتظام الدورة الشهرية.
  • الدورة الشهرية طويلة المدة (تستمر لأكثر من 7 أيام).
  • وجود قصة عائلية لعسر الطمث (وجود إصابة بعسر الطمث في العائلة).
  • التدخين.
  • شرب الكحول خلال فترة الدورة الشهرية.
  • زيادة الوزن والسمنة.
  • عدم الإنجاب (امرأة لم تحمِل بعد).

ما هي أعراض إصابة المرأة بِعسر الطمث؟

تختلف أعراض الإصابة ما بين النساء، ولكن تشمل الأعراض الأكثر شيوعًا كل مما يلي:

  • تشنجات في منطقة أسفل البطن.
  • ألم في أسفل البطن قد يكون مصحوبًا بألم في أسفل الظهر، وغالبًا ما يكون الألم خافقًا وماغصًا.
  • شعور الألم المُنتشر للطرف السفلي من الفخذين خاصةً من الجهة الداخلية وحتى الساقين.
  • الغثيان والإقياء.
  • الإسهال.
  • تعب وضعف.
  • الدوار والإغماء.
  • الصداع.

عادةً ما يبدأ الألم قبل بداية الدورة الشهرية بِـ 24 إلى 48 ساعة، ويستمر أيضًا لِـ 24 إلى 48 ساعة بعد بدايتها.

هل لعسر الطمث مضاعفات أو مخاطر على الصحة؟

عسر الطمث هو مصطلح يَصِف آلام الدورة الشهرية الشديدة، وهو بذاته ليس له مضاعفات أو آثار على الصحة ما عدا الاضطرابات التي يسببها في حياة الأنثى كل شهر.

أما في الحالات التي يكون فيها عسر الطمث ناجمًا عن حالة صحية ما فقد تكون هناك مضاعفات وخيمة، حيث تؤدي بعض الأمراض مثل بطانة الرحم المهاجرة والتهاب الحوض إلى مضاعفات عديدة مثل العقم أو الحمل الهاجر (الحمل خارج الرحم)، مما يؤكد على أهمية زيارة الطبيب واستشارته بشأن آلام الدورة الشديدة.

كيف يتم تشخيص إصابة المرأة بعسر الطمث؟

يبدأ الطبيب بالسؤال عن الأعراض مع أخذ المعلومات الدقيقة حول الدورة الشهرية، ثم يقوم بإجراء فحص بدني بالإضافة لفحص الحوض Pelvic Exam والذي يتضمن إدخال منظار Speculum إلى داخل المهبل للحصول على رؤية واضحة للمهبل وعنق الرحم.

كما يمكن أخذ عينة من الإفرازات المهبلية لمعرفة ما إذا كانت هناك حالة صحية خفية مسؤولة عن آلام الدورة الشهرية، فالوصول إلى التشخيص المؤكد في هذه الحالة لا يتم إلا عبر استبعاد كل الأسباب الممكنة.

قد يجري الطبيب عند شكّه بعسر الطمث الثانوي المزيد من الاختبارات لنفي وجود حالات صحية مسببة لِعسر الطمث، ومنها ما يلي:

  • الموجات فوق الصوتية (الإيكو)، حيث يتم إنشاء صورة للرحم وعنق الرحم وقناتي فالوب والمبيضين.
  • التصوير بالرنين المغناطيسي MRI.
  • التصوير المقطعي المحوسب CT.
  • تنظير الرحم Hysteroscopy، ويتم باستخدام منظار الرحم (أنبوب رفيع مضاء) الذي يدخله الطبيب عبر المهبل مرورًا بِعنق الرحم ووصولًا إلى داخل الرحم.
  • تنظير البطن Laparoscopy، حيث يتم تحت التخدير العام إجراء شق صغير قرب السرّة، ثم إدخال منظار البطن (أنبوب متصل بإضاءة وكاميرا عالية الدقة)، ويساعد الاختبار بشكلٍ أساسي في الكشف عن حالات بطانة الرحم المهاجرة، الأورام الليفية، كيسات المبيض، والحمل الهاجر (المنتبذ).

ما هو علاج عسر الطمث وآلام الدورة الشديدة؟

يأخذ الطبيب بعين الاعتبار كل من العمر، الصحة العامة، التاريخ الطبي والعائلي، سبب حالة عسر الطمث، بالإضافة لرأي المريضة وتفضيلها لاختبار العلاج المناسب.

حيث تشمل الإجراءات العلاجية كل من التالي:

1- مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية NSAIDs

إن الأدوية هي الخطوة الأولى المطبّقة في علاج آلام الدورة، تساهم مسكنات الألم في تخفيف أعراض عسر الطمث وتحسينها عبر استهدافها للبروستاغلاندينات حيث تقلل مستوياتها في الجسم وتخفف من تأثيرها، ويُنصح بأخذ مضادات الالتهاب الستيروئيدية بمجرد الشعور بالأعراض أو حتى عند بداية الدورة الشهرية لتحقيق الفائدة الكبرى منها.

يعد الإيبوبروفين والنابروكسين والأسبرين من أهم الأدوية المستخدمة، وهي أدوية لا تستلزم وصفة طبية Over the counter.

2- وسائل تحديد الحمل الهرمونية

تشمل موانع الحمل الهرمونية كل من الأدوية الفموية، الحقن، اللصقة الجلدية، الحلقة المهبلية، واللولب IUD، تحتوي موانع الحمل على الإستروجين والبروجستيرون فهي تعمل على تثبيط الإباضة وبالتالي تخفيف شدة تقلصات الدورة الشهرية، وقد تقلل موانع الحمل المحتوية على البروجستيرون فقط من آلام الدورة أيضًا.

3- الجراحة

عادةً ما تكون الجراحة هي الحل الأخير، ولكن في حال كان عسر الطمث ثانوي ناجم عن أسباب مثل بطانة الرحم المهاجرة أو الأورام الليفية، فقد تكون الجراحة هي الحل العلاجي الأمثل، وقد يكون استئصال الرحم أحد الخيارات المتّبعة في حال فشل جميع الأساليب في تخفيف شدة الألم وإذا كانت المرأة غير راغبة في الإنجاب بالتأكيد.

نصائح وتوجيهات منزلية لتخفيف حالة عسر الطمث وآلام الدورة

ننصح كل سيدة باتباع التعليمات التالية، فقد وُجِدَ أنها قادرة على تخفيف آلام الدورة وتحسين الحالة الصحية للسيدات:

  • ممارسة الرياضة والأنشطة البدنية بانتظام، مثل المشي، الركض، السباحة، وركوب الدراجات وغيرها.
  • اتباع نظام غذائي صحي يحتوي على كمية جيدة من البروتين والخضار الورقية، والقليل من السكر والكافيين.
  • تجنّب التدخين وشرب الكحول.
  • النوم! يعتبر الحصول على قسطٍ كافٍ من الراحة والنوم عامل مهم لتخفيف الانزعاج أثناء الدورة الشهرية.
  • استخدام وسادة تدفئة البطن.
  • الحصول على حمام ساخن.
  • الاسترخاء وتجنّب التوتر والضغط النفسي.
  • تدليك البطن وأسفل الظهر.
  • تناول الفيتامينات والمكملات خاصةً فيتامين E و فيتامين B والمغنزيوم وأوميغا 3.

بعض العلاجات من الطب البديل لتخفيف آلام الدورة الشهرية

الكثير من النساء تبحثن عن أساليب علاجية طبيعية لآلام الدورة الشهرية، ورغم عدم تأكيد الدراسات لفائدة هذه العلاجات إلا أن الآراء حولها كانت إيجابية، وتشمل أهم الطرق الطبيعية لعلاج عسر الطمث ما يلي:

أسئلة شائعة حول عسر الطمث 

كيف أعرف ما إذا كانت آلام الدورة الشهرية الخاصة بي شديدة أم طبيعية؟

يجب استشارة الطبيب في حال كنتِ تعانين من آلام الدورة الشهرية الشديدة والتقلصات والتشنجات مزعجة لمدة تزيد عن ثلاثة أيام بعد بدء الدورة، أو في حال كانت الدورة الشهرية تمنعك من ممارسة أنشطتك ومهامك اليومية. 

متى يجب أن أزور الطبيب بشأن آلام الدورة الشهرية؟

يجب عليكِ مراجعة الطبيب في كل من الحالات التالية:

  • التقلصات والتشنجات شديدة ومؤلمة بحيث تمنعك من القيام بأعمالك.
  • الأعراض والآلام تتفاقم تدريجيًأ (تزداد سوءًا).
  • بدء الأعراض والآلام عند امرأة يفوق عمرها 25 عامًا.
  • وجود أعراض غير اعتيادية مثل غزارة النزف والصداع.

هل يمكنني منع تقلصات وآلام الدورة الشهرية من الحدوث؟

لا، لا يمكنكِ منع حدوث الآلام الشديدة خلال الدورة الشهرية، ولكن بإمكانك تخفيفها عبر اتباع بعض النصائح مثل اتباع نظام غذائي متوازن وممارسة التمارين الرياضية بانتظام وغيرها.

كيف تُستخدم مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية NSAIDs خلال الدورة الشهرية؟

تستخدم مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية لتخفيف آلام الدورة الشهرية، وتعمل بشكلٍ أفضل في حال تم أخذها فورًا عند الإحساس بقدوم الدورة الشهرية أو عند الإحساس ببادرة ألم، ويتم عادةً استخدامها لأول يوم أو يومين من الدورة فقط.

انتبهي! لا يجب على النساء المصابات بالاضطرابات النزفية Bleeding Disorders، الربو Asthma، حساسية الأسبرين Aspirin Allergy، تلف الكبد، أو اضطرابات المعدة وقرحة المعدة استعمال مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية NSAIDs.

هل أخذ الفيتامينات مفيد في تقليل آلام الدورة؟

في الواقع يمكن لفيتامين B1 والمغنزيوم وغيرهم المساعدة في تخفيف آلام الدورة الشهرية، ولكن لا توجد أبحاث كافية تدعم هذه النظرية، وبالتالي لا يمكن اعتبار الفيتامينات حلًا علاجيًا لعسر الطمث.

المصادر

د. رزان عرب حمو
د. رزان عرب حمو

طالبة طب بشري ومسعفة حاصلة على شهادتين بالإسعافات. مترجمة متقنة للغة الإنجليزية شاركت ضمن عدّة أحداث مثل Hult Prize Damascus University وTEDx AlAmal Street. أهم أهدافي هي نقل الثقافة الطبية الصحيحة والمعلومات بأسهل وأبسط الطرق لمختلف الأشخاص.

المقالات: 35

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة + 8 =