فهرس المحتوى
سوء الامتصاص Malabsorption هو مصطلح شامل لمجموعةٍ واسعةٍ من الاضطرابات التي من الممكن أن تصيب الجهاز الهضمي مؤثرةً بذلك على قدرة الجسم على امتصاص العناصر الغذائية من الطعام.
وقد يترتب على هذه المشكلة العديد من الاضطرابات الأخرى كعسر الهضم وسوء التغذية الذي لا يكون ناتجًا عن نقص تناول هذه المغذيات وإنما عن مشكلةٍ في امتصاصها.
ما هو سوء الامتصاص؟
يشير مرض سوء الامتصاص إلى مجموعةٍ من الاضطرابات التي تتسبب بعدم مقدرة الأمعاء الدقيقة على امتصاص العناصر المغذية من الطعام المهضوم بشكلٍ صحيح.
ولفهم الاضطراب الحاصل عند مرضى سوء الامتصاص لا بدّ من تسليط الضوء بشكلٍ بسيط على آلية الهضم، إذ بإمكاننا تقسيمها إلى ثلاث أجزاء هي:
- الجزء الأول: تكسير وتحويل الطعام إلى قطع صغيرة قابلة للهضم.
- الجزء الثاني: هضم هذا الطعام وامتصاص جميع العناصر الغذائية منه.
- الجزء الثالث: التخلص من النفايات المتبقية بعد انتهاء عملية امتصاص جميع المواد المفيدة.
وتكمن المشكلة في سوء الامتصاص بحدوث اضطراب يطال أحد الأجزاء السابقة وخاصةً الجزء الثاني من هذه العملية.
ما هي أسباب سوء الامتصاص؟
هناك العديد من الأسباب التي من الممكن أن تؤدي لحدوث سوء امتصاص نذكر منها:
- تلف الأمعاء نتيجةً لإصابتها بعدوى، التهاب، رض أو جراحة.
- الاستخدام المطوّل للصادات الحيوية.
- الإصابة ببعض الأمراض مثل: داء كرون، الداء الزلاقي، التهاب البنكرياس المزمن أو التليف الكيسي..
- نقص اللاكتاز أو الإصابة بعدم تحمل اللاكتوز.
- بعض المشاكل الخلقية كرتق القناة الصفراوية إذ لا تتطور القناة الصفراوية بشكل طبيعي مما يمنع تدفق الصفراء من الكبد إلى الأمعاء الدقيقة مؤثرةً بذلك على عملية الهضم.
- أمراض المرارة، الكبد أو البنكرياس.
- الإصابة بالأمراض الطفيلية كالإصابة بالجيارديا أو الدودة الشصية.
- العلاج الشعاعي الذي قد يضر ببطانة الأمعاء.
- بعض الأدوية التي تؤثر على بطانة الأمعاء مثل التتراسكلين، الكولشيسين أو الكوليسترامين.
- متلازمة الأمعاء القصيرة.
- الإصابة بالذرب المداري والذي يتسبب بحدوث اضطرابات على مستوى بطانة المعي الدقيق.
- بعض أمراض الجهاز اللمفاوي كتوسع الأوعية اللمفاوية المعوي والورم اللمفاوي.
ما هي أنواع سوء الامتصاص؟
من الممكن أن تكون مشكلة سوء الامتصاص محددة بنوع معين من العناصر الغذائية لذلك من الممكن تقسيم سوء الامتصاص إلى الأنواع التالية:
سوء امتصاص الكربوهيدرات
يعاني بعض الأشخاص من حساسية أو عدم تحمل لبعض أنواع الكربوهيدرات (السكاكر)، نتيجةً لذلك لا تمتص هذه السكريات وتتخمر بواسطة البكتيريا الموجودة في القولون مطلقةً غازات وأحماض دهنية قصيرة السلسلة.
تتسبب المواد سابقة الذكر بمعانة المريض من غازات وانتفاخ البطن، وتجعل البراز دهنيًا.
سوء امتصاص الدهون
أحد الأنواع الشائعة، تنتقل فيه الدهون غير الممتصة إلى القولون فتسبب إسهالًا دهنيًا ذا رائحة كريهة، كما يؤدي هذا النوع من سوء الامتصاص إلى سوء في امتصاص الفيتامينات الذوابّة في الدهون والتي هي فيتامين أ، د، ه وك.
سوء امتصاص الحموض الصفراوية
إن بقاء الأحماض الصفراوية في الأمعاء الدقيقة وانتقالها إلى القولون يسبب هذا النوع من سوء الامتصاص، كما تحفز هذه الأملاح الصفراوية المتبقية القولون على إفراز الماء مسببةً إسهالًا مزمنًا.
سوء امتصاص البروتين
غالبًا لا يحدث هذا النوع من تلقاء نفسه إلا في حال وجود نوع من عدم التحمل كعدم تحمل الغلوتين وعدم تحمل بروتين الحليب.
ما هي عوامل خطر سوء الامتصاص؟
تتضمن عوامل خطر الإصابة بسوء الامتصاص ما يلي:
- وجود تاريخ عائلي من الإصابة بالتليف الكيسي أو سوء الامتصاص.
- شرب كميات كبيرة من الكحول.
- القيام بجراحة معوية.
- تناول بعض الأدوية بما في ذلك الأدوية الملينة أو الزيوت المعدنية.
- السفر إلى منطقة البحر الكاريبي، الهند أو مناطق من جنوب شرق آسيا.
ما هي أعراض سوء الامتصاص؟
تختلف هذه الأعراض باختلاف سبب سوء الامتصاص، شدته ومدة الإصابة به، فمنها ما يكون ناتجًا عن نقص المغذيات نتيجةً لسوء امتصاصها ومنها ما يكون ناتجًا عن عبور المواد المهضومة غير الممتصة عبر السبيل الهضمي.
ومن أعراض سوء الامتصاص الفورية الناجمة عن مرور المغذيات غير الممتصة في جهاز الهضم ما يلي:
- ألم البطن.
- الشعور بالنفخة (انتفاخ البطن) والغازات.
- غثيان وإقياء.
- إسهال مزمن.
- إسهال دهني القوام.
أما مع مرور الوقت ومع سوء التغذية الحاصل نتيجةً لسوء الامتصاص قد تظهر الأعراض التالية:
- فقدان الوزن.
- الهزال العضلي.
- سهولة الإصابة بالكدمات.
- جفاف الشعر والإصابة ببعض الآفات الجلدية.
- وذمة (تراكم سوائل).
- أعراض فقر الدم كالضعف العام والدوار.
- التعب والعصبية واللامبالاة.
- انقطاع الطمث عند النساء.
- تأخر النمو عند الأطفال.
- ضعف العظام وآلام العظام.
- التهاب اللسان واحمراره.
- العمى الليلي.
ما هي مضاعفات سوء الامتصاص؟
عندما تكون متلازمة سوء الامتصاص شديدة بما فيه الكفاية، أو سيئة أو طويلة بما يكفي قد تشمل المضاعفات ما يلي:
- فقر الدم.
- فقدان الوزن والدنف (فقدان الوزن الشديد).
- اضطرابات الدم.
- تلين العظام وهشاشتها.
- مشاكل بصرية.
- بعض المظاهر الجلدية.
- اضطرابات الكهارل (الشوارد) وما يترتب عليها من مشاكل.
- تأخر نمو عند الأطفال.
- تشوهات الهيكل العظمي مثل الكساح.
- اعتلال عصبي محيطي.
- عدم انتظام ضربات القلب.
- ضعف الغدة الدرقية.
متى يجب زيارة الطبيب؟
قد يعاني بعض الأشخاص من بعض النفخة والغثيان والإسهال من وقت لآخر، لكن لا بدّ من زيارة الطبيب في حال استمرار هذه الأعراض.
كما يجب زيارة الطبيب في حال ملاحظة أي من الأعراض التالية:
- التهاب اللسان.
- التعب والضعف العام.
- فقدان الوزن غير المفسر.
- ملاحظة وجود دم في البراز أو براز أسود اللون أو في حال الإقياء الدموي، وفي هذه الحالة لا بدّ من طلب العناية الطبية على الفور.
كيف يتم تشخيص سوء الامتصاص؟
لتشخيص سوء الامتصاص سيقوم الطبيب بطرح مجموعةٍ من الأسئلة حول الأعراض التي يعاني منها المريض وعن مخففاتها والأمور التي تزيدها سوءًا، كما سيستفسر عن التاريخ الطبي والعائلي أي عن الجراحات التي قام بها المريض سابقًا وعن الأمراض الهضمية التي يعاني منها المريض.
ولتأكيد التشخيص سيقوم ببعض الاختبارات والفحوص التي منها ما يلي:
اختبارات التنفس
يقوم الطبيب عادةً باختبار التنفس للتحقق من وجود غاز الهيدروجين لدى أولئك الذين يعانون من حساسية اللاكتوز أو عدم تحمل اللاكتوز، ففي هذه الحالة سيتخمر اللاكتوز نتيجةً لوصوله إلى القولون وسينتج من هذه العملية غاز الهيدروجين الذي يمكن ملاحظته في هواء التنفس.
اختبارات البراز
يمكن أن يقيس اختبار البراز محتوى الدهون في البراز لتشخيص سوء امتصاص الدهون، وهو الاختبار الأكثر موثوقية إذ تتواجد الدهون عادةً في براز الشخص المصاب بسوء الامتصاص.
كما يمكن أن تكشف اختبارات البراز أيضًا عن العدوى الطفيلية، ويمكن أن يظهر دليلًا على سوء وظيفة البنكرياس.
تحاليل الدم
يمكن أن تظهر هذه التحاليل النقص في بعض العناصر الغذائية التي قد تنجم عن سوء الامتصاص ودرجة شدته، وكذلك علامات لحالات معينة مثل مرض الاضطرابات الهضمية.
تتضمن هذه التحاليل:
- تعداد الدم الكامل.
- الكهارل (الشوارد).
- فيتامين ب 12.
- فيتامين د.
- حمض الفوليك.
- الحديد.
- الكالسيوم.
- الفوسفور.
- الألبومين.
- البروتينات.
ويجب الإشارة إلى أن نقص أحد هذه العناصر لا يعني بالضرورة الإصابة بسوء الامتصاص، إذ من الممكن أن تكون الأطعمة الغذائية المتناولة لا تحتوي كميات كافية من العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم.
اختبارات تصويرية
من الممكن أن تساعد الاختبارات التصويرية في إعطاء صورة عن هيكل ووظيفة الجهاز الهضمي، ومن الأمثلة عن هذه الاختبارات تصوير البطن بالأشعة المقطعية CT-Scan للبحث عن سماكة جدار الأمعاء الدقيقة والتي تعد علامة للإصابة بداء كرون.
ومن الاختبارات التصويرية الأخرى فحص الجهاز الهضمي بالأشعة السينية وفحص الجهاز الهضمي بالأشعة فوق الصوتية (الإيكو).
تنظير الجهاز الهضمي والخزعات
من الممكن أن يوصي الطبيب بتنظير هضمي علوي والذي يشمل تنظير المريء والمعدة والاثني عشر أو تنظير هضمي سفلي والذي يشمل القولون، حيث تساعد في فحص بطانة الأمعاء وتسمح بأخذ خزعات منها لتشخيص بعض الأمراض المعينة.
اختبار التعرق
يفيد هذا الاختبار عند مرضى التليف الكيسي.
ما هو علاج سوء الامتصاص؟
يعتمد العلاج على السبب الكامن والأعراض، حيث تختلف أساليب العلاج من حالة لأخرى فمعالجة سوء الامتصاص الناتج عن عدم تحمل اللاكتوز تختلف عن سوء الامتصاص الناتج عن أمراض الكبد.
قد يوصي الطبيب بأن يتجنب الشخص نوع الطعام الذي يسبب سوء الامتصاص، مثل اللاكتوز أو الأطعمة التي تحتوي على الغلوتين، كما يمكن للطبيب تقييم العناصر الغذائية الموجودة في هذا النوع من الطعام وتقديم توصيات بشأن المكملات كوسيلة لتعزيز المدخول الغذائي والتي إما من الممكن أن تكون عن طريق الفم أو عن طريق الأنبوب أو عن طريق الوريد.
يمكن للطبيب واختصاصي التغذية المساعدة في وضع خطة علاجية من شأنها إدارة أعراض سوء الامتصاص والسماح للجسم بالحصول على العناصر الغذائية والسوائل التي يحتاجها ليعمل بشكل صحيح، فقد يوصون بما يلي:
- مكملات الإنزيم: يمكن أن تساعد هذه المكملات على امتصاص العناصر الغذائية التي لا يمكنه امتصاصها بمفرده.
- مكملات الفيتامينات: قد يوصي اختصاصي التغذية بجرعات عالية من الفيتامينات أو العناصر الغذائية الأخرى لتعويض تلك التي لا تمتصها الأمعاء.
- تغييرات النظام الغذائي: قد يقوم اختصاصي التغذية بتعديل النظام الغذائي لزيادة أو تقليل بعض الأطعمة أو العناصر الغذائية، فعلى سبيل المثال قد ينصح بتجنب الأطعمة الغنية بالدهون لتقليل الإسهال واستهلاك المزيد من الأطعمة الغنية بالبوتاسيوم للمساعدة في موازنة الكهارل.
كما من المرجح أن يوصي الطبيب بمواعيد متابعة متكررة لتقييم فعالية العلاج وتقديم توصيات جديدة إذا لزم الأمر.
ويجب الإشارة إلى أن علاج السبب الكامن وراء سوء الامتصاص قد يكون أكثر تعقيدًا، ففي حال كانت المشكلة ناتجة عن عدم تحمل الطعام فقط قد يضطر المريض ببساطة إلى تعديل نظامه الغذائي، وفي حالات الالتهابات البسيطة يمكن علاجها بالصادات، بينما قد تتطلب الأمراض المزمنة علاجًا أكثر تحديدًا وقد لا يوجد علاج مباشر في بعض الأحيان.
بعض الأسئلة الشائعة حول سوء الامتصاص
هل يزول سوء الامتصاص؟
يعتمد ذلك على التشخيص الفعال للسبب وعلاجه، إذ يمكن علاج بعض الأسباب أكثر من غيرها.
سيقوم مقدم الرعاية الصحية بتزويدك بتفاصيل مشكلتك عندما يتم تشخيصك، ومن الممكن أن يساعد تغيير نمط الحياة في علاج سوء الامتصاص وأعراضه في كثير من الحالات.
كيف أعرف أني أعاني من سوء الامتصاص؟
من الممكن أن يكون لمشكلة سوء الامتصاص تأثيرات كبيرة على حياة المريض لذلك في حال معاناتك من الأعراض التي أوردناها أعلاه يجب عليك زيارة الطبيب لتأكيد التشخيص والاستقصاء عنه، خاصةً في حال تكرر الأعراض.
المراجع
- Malabsorption | Johns Hopkins Medicine
- Malabsorption | Cleveland Clinic
- What causes malabsorption? | Medical News Today
- Malabsorption Syndrome | Health Line
- Malabsorption | Medscape
- Malabsorption Syndromes | National Library of Medicine