كل ما تود معرفته حول سرطان الثدي الالتهابي

سرطان الثدي الالتهابي Inflammatory Breast Cancer (IBC) هو أحد السرطانات النادرة التي تصيب الثدي، حيث يشكل حوالي 2-4% من جميع أنواع السرطانات التي تصيب الثدي، كما يتصف بسرعة نموه ويتطلب علاجًا فوريًا.

لا يسبب هذا المرض عادةً ظهور أي كتلةٍ في أنسجة الثدي، بل يتظاهر عوضًا عن ذلك بتغيراتٍ جلدية، كما يسبب ألمًا واحمرارًا وتورّمًا في الثدي المصاب.  

ما هو سرطان الثدي الالتهابي؟

هو مرض نادر وخطير، يحدث عندما تقوم  الخلايا السرطانية بسد الأوعية اللمفاوية الموجودة في الثدي (وهي عبارة عن أنابيب تسمح للسائل اللمفاوي الموجود في الثدي بالخروج من الثدي)، مسببةً العديد من الأعراض كالتورم والاحمرار.

ونتيجةً لظهور هذه الأعراض التي تظهر عادةً في الحالات الالتهابية أُطلق على هذا النوع من السرطان اسم “سرطان الثدي الالتهابي”.

يميل هذا المرض إلى أن يكون شديد العدوانية أي أنه ينمو وينتشر بسرعة، ومعظم حالات سرطان الثدي الالتهابي هي من سرطانات الأقنية الغازية أي أنها تتطور على حساب الأقنية الناقلة للحليب الموجودة في الثدي ومن ثم ينتشر إلى خارج هذه الأقنية.

وبالمقارنة مع أنواع سرطانات الثدي الأخرى فهو يميل لأن يصيب النساء في عمر أصغر، وفي أغلب الحالات لا تحتوي الخلايا السرطانية على مستقبلات هرمونية غالبًا أي لا تفيد العلاجات الهرمونية في العلاج.

وكما في أنواع سرطانات الثدي الأخرى، من الممكن أن يصيب سرطان الثدي الالتهابي عند الرجال. 

ما هي عوامل الخطر الإصابة بسرطان الثدي الالتهابي؟

من عوامل الخطورة التي تزيد من فرصة الإصابة بسرطان الثدي الالتهابي ما يلي:

الجنس

تزداد فرصة الإصابة بسرطان الثدي الالتهابي عند النساء مقارنةً بالرجال، إلا أنه من الممكن أن يصيب الرجال أيضًا.

العمر

يلاحظ بأن الأشخاص المصابين به أصغر سنًا من الأشخاص المصابين بأشكالٍ أخرى من سرطان الثدي، حيث يتمّ تشخيص الإصابة بسرطان الثدي الالتهابي بمعدل أكثر تكرارًا لدى الأشخاص في الأربعينات والخمسينات من العمر.

العرق

إنّ النساء ذوات البشرة السوداء أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي الالتهابي من النساء ذوات البشرة البيضاء.

الوزن

الأشخاص المصابون بالسُمنة أكثر عرضةً للإصابة بسرطان الثدي الالتهابي مقارنةً بالأشخاص ذوي الوزن الطبيعي.

ما هي أعراض وعلامات سرطان الثدي الالتهابي؟

غالبًا ما يكون تطوّر المرض سريع للغاية، وتظهر أعراضه في غضون 3 إلى 6 أشهر، وتشمل هذه الأعراض:

  • وذمة (تورّم) في جلد الثدي.
  • تغيرات لونية في جلد الثدي، حيث يشمل الاحمرار أكثر من ثلث الثدي.
  • ثدي مشابه لقشر البرتقال، أي يبدو الجلد منقطًا وسميكًا.
  • الشعور بالثقل في أحد الثديين.
  • ملاحظة ضخامة وكبر حجم أحد الثديين بالمقارنة مع الثدي الآخر.
  • الشعور بألم أو حرقة أو دفء في أحد الثديين.
  • دخول الحلمة إلى الداخل (الحلمة المقلوبة أو غؤور الحلمة).
  • تورّم الغدد اللمفاوية الموجودة تحت الذراعين (تحت الإبط) أو بالقرب من الترقوة.
أعراض سرطان الثدي الالتهابي

قد لا يسبب سرطان الثدي الالتهابي في كثير من الأحيان الشعور بأي كتلة في الثدي على عكس أنواع سرطان الثدي الأخرى التي غالبًا ما تكون ملاحظة الكتل في الثدي أُولى أعراضها، في حين تكون أعراض الالتهاب من تورّم واحمرار هي أولى أعراض سرطان الثدي الالتهابي ظهورًا.

ويجب الإشارة إلى أن هذه الأعراض غير نوعية لسرطان الثدي الالتهابي فقط، لذلك من الممكن أن يتم الخلط بينه وبين حالات أخرى مما يؤدي إلى التأخر في تشخيص المرض، ومن هذه الأمراض الأخرى:

  • التهاب الثدي وخراجات الثدي: تتشابه أعراض الالتهاب بين الحالتين إلا أن التهاب الثدي والخراجات غالبًا ما ترتبط أيضًا بإصابة الأم المرضعة بالحمى (ارتفاع الحرارة) وكثرة الكريات البيضاء، وتتحسن الحالة عند استخدام الصادات (الأدوية المضادة للبكتيريا).
  • سرطانات الثدي والأورام الخبيثة الأخرى: من الصعب التمييز بينها  وبين سرطان الثدي الالتهابي اعتمادًا على الأعراض فقط لذلك يتم القيام باللجوء إلى العديد من الاختبارات.
  • توسّع القنوات: وهي حالة حميدة تصيب المرأة في منتصف العمر، ناتجة عن تجمع بقايا الجلد الميت وتورم القنوات، وتتحسن بدون علاج.

متى يجب زيارة الطبيب؟

في حال ملاحظتك أي عرض من أعراض المرض من تغيراتٍ في جلد الثدي أو حجمه وغيرها، لا بد من مراجعة الطبيب على الفور.

وكما ذكرنا سابقًا، قد يختلط سرطان الثدي الالتهابي مع العديد من الأمراض الأخرى على رأسها التهاب الثدي، الذي تتم معالجته باستخدام الصادات لمدة أسبوع أو أكثر، وفي حال عدم استجابة الحالة للعلاج سيشك الطبيب في أسباب أخرى أكثر خطورةً وراء هذه الأعراض.

لذلك من المهم مراجعة الطبيب على الفور في حال عدم اختفاء الأعراض رغم الالتزام بعلاج التهاب الثدي، حيث سيوصي الطبيب ببعض الاختبارات لتأكيد التشخيص.

كيف يتم تشخيص سرطان الثدي الالتهابي؟

في حال الشك بإصابتك فسيقوم الطبيب بفحصك فحصًا سريريًا شاملًا، ومن ثم سيقوم بطلب بعض الفحوص والاختبارات منها:

اختبارات تصويرية

وتشمل ما يلي:

  • تصوير الثدي بالأشعة السينية (الماموغرام): حيث يتم فيه استخدام الأشعة السينية للحصول على صورة لمكونات الثدي الداخلية.
  • تصوير الثدي بالأمواج فوق الصوتية (الإيكو): يستخدم الموجات فوق الصوتية للحصول على صورة لمكونات الثدي الداخلية والأنسجة القريبة والعقد اللمفاوية.

خزعة

تعد الطريقة الوحيدة لتأكيد تشخيص سرطان الثدي الالتهابي، يتم فيها الحصول على عيّنة من نسيج الثدي لديكِ ليتم فحصه عند اختصاصي التشريح المرضي، يقوم بفحصه تحت المجهر وإجراء المزيد من الاختبارات عليه.

يساعد هذا الاختبار الخبراء في تحديد ما إذا كانت الخلايا سرطانية أم لا، كما يساعد في تحديد نوع الخلايا الموجودة في سرطان الثدي، ومدى خطورة (درجة) السرطان، واكتشاف ما إذا كانت الأدوية الهدفية (والتي تستهدف تغيرات شاذة خاصة بالخلايا السرطانية) فعّالةً في علاج الحالة.

وبعد تشخيص المرض سيقوم الطبيب بتحديد مرحلة السرطان وذلك عن طريق:

  • تصوير الثدي بالرنين المغناطيسي MRI.
  • فحص العظام.
  • التصوير المقطعي المحوسب CT.
  • التصوير المقطعي بالإصدار البويزتروني PET. 

مع الإشارة إلى أنه لا تحتاج جميع السيدات إلى إجراء كل الاختبارات، لذلك سيختار الطبيب الاختبارات الأنسب لكل حالة. 

ونظرًا للطبيعة العدوانية لسرطان الثدي الالتهابي وسرعة نموه وانتشاره فغالبًا ما تتراوح مراحله بين الثالثة (III) والرابعة (IV)، حيث تشير المرحلة الرابعة إلى انتشار السرطان إلى أماكن أخرى من الجسم.

ما هو علاج سرطان الثدي الالتهابي؟

بما أن سرطان الثدي الالتهابي هو سرطان عدواني فإن العلاج القوي هو الخيار الأفضل لتحقيق أفضل النتائج، لذلك غالبًا ما تتم المعالجة بدمج الطرق أي يتم استخدام أنواع مختلفة من العلاج، والتي تشمل:

العلاج الكيميائي

تستخدم المعالجة الكيميائية الأدوية لتدمير الخلايا السرطانية، حيث يتمّ اللجوء إلى المعالجة الكيميائية قبل العمل الجراحي لتساعد في تقليص حجم السرطان قبل العملية الجراحية وزيادة فرصة نجاحها.

كما قد يتم أخذ المزيد من المعالجة الكيميائية بعد استكمال العلاجات الأخرى للتقليل من فرصة النكس.

الجراحة

حيث يتم القيام بعملية “استئصال الثدي الجذري” والتي تتضمن إزالة الثدي المُصاب بالكامل ومعظم العقد اللمفاوية الموجودة تحت الذراع المجاورة أو كلها.

العلاج الشعاعي

يتم في هذا النوع من العلاج توجيه الطاقة بهدف تدمير الخلايا السرطانية، وغالبًا ما يتم استخدام العلاج الإشعاعي بعد الجراحة في هذه الحالة.

العلاج الموجه (الهدفي)

تعمل المعالجات الدوائية الهدفية على استهداف تغيّرات شاذة محددة موجودة داخل الخلايا السرطانية وإزالتها بهدف القضاء على هذه الخلايا.

يتم اللجوء إليه في حال إيجابية البروتين HER2 في الخلايا السرطانية، فمن الممكن أن يوصي الطبيب بدمج العلاج الهدفي مع المعالجة الكيميائية الأولية قبل الجراحة، ودمجها مع العلاج الهرموني بعد الجراحة. 

العلاج الهرموني

يتم في هذا النوع من المعالجة منع الهرمون من التأثير على الخلايا السرطانية المعتمدة عليه مما يؤدي إلى موت هذه الخلايا.

ويعد العلاج الهرموني خيارًا علاجيًا في حال احتوت خلايا سرطان الثدي الالتهابي على مستقبلات هرمونية.

العلاج المناعي

يعتمد العلاج المناعي على استخدام الجهاز المناعي للمريضة لمقاومة السرطان، وقد يكون هذا النوع من العلاج خيارًا إذا انتشر السرطان إلى مناطق أخرى من الجسم ولم يكن متوافق مع أيٍّ من العلاج الهدفي أو الهرموني، أي أن الخلايا السرطانية لا تحتوي على مستقبلات للإستروجين أو البروجستيرون أو بروتين HER2. 

بعض الأسئلة الشائعة

ما مدى سرعة تقدّم سرطان الثدي الالتهابي؟

يعد سرطان الثدي الالتهابي من السرطانات العدوانية سريعة النمو والانتشار، حيث إن  بضعة أسابيع إلى أشهر كافية لتقدمه وانتشاره.

مَن مِن الممكن أن يُصاب بسرطان الثدي الالتهابي؟

قد يصيب هذا المرض مختلف الأشخاص، إلا أنه لوحظ ارتفاع نسبة الإصابة عند النساء الأربعينيات والخمسينيات من العمر، النساء ذوات البشرة السوداء، والنساء البدينات.

ما هي المرحلة التي يُشخّص فيها سرطان الثدي الالتهابي؟

نظرًا للطبيعة العدوانية لسرطان الثدي الالتهابي وسرعة نموه وانتشاره فغالبًا ما تتراوح مراحله بين الثالثة (III) والرابعة (IV)، حيث تشير المرحلة الأعلى إلى انتشار السرطان إلى أماكن أخرى من الجسم.

هل من الممكن الوقاية من سرطان الثدي الالتهابي؟

إن الوقاية منه غير ممكنة مع الأسف، ولكن من المهم تشخيصه وعلاجه باكرًا لأن العلاج في المراحل الباكرة يزيد من فرص النجاة، لذلك لا بد من زيارة الطبيب عند ملاحظة أي تغير في الثدي.

ما هي معدلات النجاة من سرطان الثدي الالتهابي؟

نظرًا إلى عدوانية هذا المرض، فقد يزداد احتمال انتشاره وقت اكتشافه، كما من المرجح أن يعود بعد العلاج بنسبة أكبر من معظم أنواع سرطان الثدي الأخرى. لهذا السبب، فإن معدلات البقاء على قيد الحياة ليست مرتفعة بشكل عام كما هي بالنسبة لأنواع أخرى من سرطان الثدي.

ويجب الإشارة إلى أن هذه المعدلات لا تفيد إلا بإعطاء فكرة عن النسبة المئوية للأشخاص الذين يعانون من نفس النوع ومرحلة السرطان والذين لا يزالون على قيد الحياة لفترة زمنية معينة،  وتساعد في منحك فهمًا أفضل لمدى احتمالية نجاح علاجك. 

المراجع

د. ريم الشطة
د. ريم الشطة

ريم الشطة، طالبة في كلية الطب البشري جامعة دمشق ومتطوعة في قسم السوشيال ميديا لفريق الكريات الحمراء ومهتمة بكل ما هو جديد وله علاقة بالطب.

المقالات: 46

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × 5 =