داء غوشيه مرض ذو تأثيرات تراكمية على مختلف الأعضاء!

داء غوشيه والذي يدعى أيضًا بـ “الشحام السفينغولي” هو مرضٌ وراثيٌ نادر، يحدث نتيجة تراكم بعض المواد الدهنية في بعض الأعضاء مما يؤدي إلى ظهور أعراض مختلفة تتباين حسب نوع المرض.

ما هو داء غوشيه؟

هو اضطراب وراثي متنحّي، ينتقل من الآباء إلى الأبناء ولا يصيب الأطفال إلا في حال كان كلا الوالدين حاملًا لنسخة من الجين المرضي (الجين غير الطبيعي)، والذي غالبًا لا يظهر عند الوالدين بسبب امتلاكهم نسخة من الجين الطبيعي بالإضافة إلى المرضي على عكس الطفل الذي سيمتلك نسختين مرضيتين.

يعاني المريض فيه من تراكم خلايا غوشيه المحمّلة بالمواد الدهنية في مناطق مختلفة من الجسم مثل الطحال، الكبد ونخاع العظم، وذلك نتيجة لفقدان إنزيم غلوكوسيريبروزيداز المسؤول عن تحطيم المواد الدهنية  أو نتيجة لعدم عمل هذا الإنزيم بالشكل الصحيح.

يصيب هذا المرض حوالي 1 من كل 40000 ولادة حية من عموم السكان.

ما هي أنواع داء غوشيه؟

هناك ثلاثة أنواع رئيسية للمرض وهي:

داء غوشيه من النمط الأول

يعد داء غوشيه من النمط الأول الشكل الأكثر شيوعًا للمرض في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث إن 95% من المرضى المصابين في الدول الغربية يعانون من داء غوشيه بنمطه الأول، يصيب كلًا من الطحال، الكبد، الدم والعظام إلا أنه لا يؤثر على الدماغ والنخاع الشوكي، وقد تظهر أعراضه بجميع الأعمار  من الطفولة حتى البلوغ، وهو النوع القابل للعلاج.

داء غوشيه من النمط الثاني

يسمى هذا النوع بـ “داء غوشيه الحاد عند الأطفال” وهو النمط الأكثر ندرةً من المرض، يصيب الأطفال الرضع في سن 3 إلى 6 أشهر، وهو مميت في معظم الحالات إذ لا يتجاوز الطفل المصاب به عمر السنتين.

داء غوشيه من النمط الثالث

يدعى هذا النوع بـ “داء غوشيه المزمن العصبي” هو النمط الأكثر شيوعًا عالميًا، غالبًا ما يظهر قبل سن العاشرة، وقد تساعد العلاجات في زيادة عمر المصاب حتى العشرينات أو الثلاثينات من العمر (20 – 30).

ما هي أعراض الإصابة بداء غوشيه؟

تتفاوت مؤشرات المرض وأعراضه تفاوتًا كبيرًا باختلاف النوع، وحتى في النوع نفسه، فمن الممكن أن يواجه الأشقاء مستويات مختلفة من شدة المرض، كما من الممكن أن لا تظهر إلا بعض الأعراض الخفيفة عند بعض المصابين وقد لا يظهر أي عرض على الإطلاق.

أعراض داء غوشيه من النمط الأول

يعاني مريض هذا النوع من داء غوشيه من:

  • انخفاض عدد الصفيحات الدموية وبالتالي من الممكن أن يصاب بالكدمات بسهولة.
  • التعب بسبب فقر الدم.
  • تضخّم في الكبد أو الطحال.
  • مشاكل العظام.

بينما لا يوجد أي تأثير على الدماغ في هذا النوع ويكون نموه طبيعيًا.

أعراض داء غوشيه من النمط الثاني

تشمل أعراض النوع الثاني من داء غوشيه تشوهاتٍ عصبيةٍ شديدة والتي تسبب تلفًا في الدماغ ونوبات تشنجية وضعف القدرة على الامتصاص والبلع، بالإضافة إلى تضخّم الكبد والطحال.

أعراض داء غوشيه من النمط الثالث

تكون شدة أعراض هذا النوع متوسطة بين شدة النوعين الأول والثاني، إذ يعاني المريض من:

  • علامات إصابة الدماغ: والتي تشمل اضطرابات حركة العين، النوبات التي تصبح أكثر وضوحًا مع مرور الوقت، ضعف التنسيق، مشاكل معرفية وغيرها.
  • مشاكل الهيكل العظمي.
  • اضطرابات الدم.
  • مشاكل التنفس.
  • تضخم الكبد والطحال.

كيف يتم تشخيص داء غوشيه؟

لتشخيص داء غوشيه سيقوم الطبيب في البداية بطرح بعض الأسئلة على عائلة الطفل، ثم سيقوم بإجراء فحصٍ سريريٍ للطفل يشمل فحص البطن للتحقق من وجود ضخامة في الطحال أو الكبد، كما سيقوم بمقارنة طول ووزن الطفل مع مخططات النمو القياسية. 

سيقوم الطبيب أيضًا بإجراء الاختبارات التالية:

اختبارات الدم

يتم أخذ عينة دموية ومعايرة مستويات الإنزيم المسؤول عن المرض، بالإضافة إلى إمكانية طلب فحوصاتٍ جينية.

وفي حال إصابة أحد الأطفال بمرض غوشيه لا بد من القيام بالفحوصات لإخوته الآخرين.

اختبارات التصوير الطبي

عادةً ما يتم مراقبة الطفل في حال تشخيصه بداء غوشيه لتتبّع تقدم المرض، ومن الفحوصات المتبعة في ذلك:

  • مقياس امتصاص الأشعة السينية ثنائي البواعث DXA.
  • التصوير بالرنين المغناطيسي MRI.

فحوصات ما قبل وبعد الولادة

في حال وجود قصة عائلية للمرض فمن الممكن القيام بإجراء فحصٍ جيني، إذ من الممكن أن يوصي الطبيب بعمل اختبار جيني قبل الولادة لمعرفة ما إذا كان الجنين معرضًا لخطر الإصابة أم لا.

كيف يتم علاج داء غوشيه؟

لا يوجد علاجٌ شافٍ لداء غوشيه، إلا أنه من الممكن أن تساعد العلاجات المتبعة في تخفيف الأعراض، كما يعتمد العلاج على نوع المرض ففي حال كانت الإصابة من النوع الأول يمكن علاجها، أما بالنسبة للنمط الثالث فلا يمكن سوى علاج الأعراض غير العصبية.

تشمل العلاجات ما يلي:

الأدوية

من الممكن أن يستجيب المريض وتتحسن أعراضه عند استخدام:

العلاج ببدائل الإنزيم

يتم في هذه الحالة تعويض الإنزيم الناقص بإنزيم صناعي، ويتم إعطاء هذه البدائل عن طريق الوريد.

يعتبر العلاج ببدائل الإنزيم العلاج القياسي للأطفال المصابين، حيث يحتاج الطفل لحقنة وريدية كل أسبوعين تقريبًا.

ميغلوستات

وهو عبارة عن دواء فموي يتداخل على مستوى إنتاج المواد الدهنية المتراكمة عند الأشخاص المصابين.

من أشهر أعراضه الجانبية المحتملة الإسهال وفقدان الوزن.

إيليغوستات

يعمل هذا الدواء على تثبيط إنتاج المواد الدهنية التي من الممكن أن تتراكم عند المصابين بمرض غوشيه.

تشمل أعراضه الجانبية المحتملة الإرهاق، الصداع، الغثيان والإسهال.

أدوية هشاشة العظام

تساعد هذه الأدوية على إعادة بناء العظام التي تأثرت بسبب المرض.

الإجراءات الأخرى

في حال معاناة المريض من أعراض حادة فمن الممكن أن يقوم الطبيب بـ:

زراعة نقي عظم

يتم في هذا الإجراء إزالة الخلايا المكونة للدم المتضررة بسبب المرض واستبدالها.

استئصال الطحال

كان هذا الإجراء العلاج الأكثر استخدامًا لمعالجة المرض قبل اكتشاف العلاج ببدائل الإنزيم، أما الآن يستخدم كحل أخير.

كيف يؤثر داء غوشيه على حياة الطفل؟ 

يمكن للعديد من الأطفال المصابين بداء غوشيه أن يعيشوا حياة كاملة ونشطة وذلك بفضل العلاج ببدائل الإنزيم، إلا أنه من الممكن أن يواجه الطفل بعض القيود على مستوى الأنشطة الجسدية بالإضافة إلى ضرورة التزامه بمواعيد تسريب العلاج.

من المهم مناقشة الطبيب المختص حول أنشطة الطفل نظرًا لاختلاف احتياجات كل طفل عن الآخر، كما أنه حتى مع استخدام العلاج قد تؤثر أعراض المرض مثل الألم والتعب أو مجرد الشعور بالاختلاف عن الآخرين على حياة الطفل وفي هذه الحالة يمكن أن يكون الطبيب أو المستشار النفسي مفيدًا في مساعدة الطفل على التخلص من هذه المشاعر المعقدة.

كما يجب الإشارة إلى أنه يمكن لمعظم الأطفال المصابين القيام بما يلي:

  • لعب الرياضة.
  • المشاركة في أنشطة أخرى مثل المسرحيات المدرسية.
  • الذهاب إلى المخيم.
  • المشاركة في أنشطة الإجازة المخطط لها مع العائلة. 

المراجع

د. ريم الشطة
د. ريم الشطة

ريم الشطة، طالبة في كلية الطب البشري جامعة دمشق ومتطوعة في قسم السوشيال ميديا لفريق الكريات الحمراء ومهتمة بكل ما هو جديد وله علاقة بالطب.

المقالات: 46

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة × 3 =