تصلّب الشرايين – احمِ نفسك منه قبل فوات الآوان!

تصلّب الشرايين هو حالة من انعدام المرونة تصيب شرايين الجسم، حيث يحدث نتيجة إهمال عدة حالات مرضية موجودة مسبقًا لدى المرضى، مثل ارتفاع الضغط الشرياني ومرض السكري وارتفاع الكوليسترول وغيرها، لذلك لا بد من التعرف على هذا المرض لنجنّب أنفسنا خطر الإصابة به وخطر حدوث مضاعفاته التي قد تودي بالحياة.

تعريف تصلّب الشرايين

يعتبر تصلّب الشرايين من الحالات المرضية الشائعة التي تحدث بسبب تراكم الترسبات (لويحات) على جدران الشرايين مما يؤدي إلى تضيقها وفقدان مرونتها.

تتكون هذه الترسبات من الشحوم والكولسترول وخلايا الدم ومواد عديدة أخرى، فعندما تتشكل هذه الترسبات فإنها تؤدي إلى تضيّق في الشرايين ونقص في  كمية الدم الغني بالأكسجين الوارد إلى النسج والأعضاء الحيوية المهمة في جسم الانسان.

عادةً ما تبدأ الترسبات بالتشكل من سن صغير، وتصبح أسوأ مع التقدم بالعمر.

يؤثر تصلّب الشرايين في معظم شرايين الجسم كشرايين القلب أو الذراع أو الساق أو الحوض أو الكليتين، وله عدّة أسماء حسب الشريان المتأثر:

  • تصلّب الشرايين التاجي: يحدث فيه تراكم اللويحات في شرايين القلب.
  • تصلّب الشرايين المحيطي: غالبًا ما يحدث فيه الساق، ولكن من الممكن حدوثه في الذراع أو الحوض أيضًا
  • تصلّب الشرايين السباتي: يحدث في شرايين الرقبة، فيؤدي الى خفض في كمية الدم الصاعدة إلى الدماغ.
  • تصلب الشرايين الكلوي: يحدث في جدران الشرايين الكلوية، وقد يسبب قصور كلوي.
  • تصلّب الشرايين الفقري: يحدث في عند الشرايين التي تغذي القسم الخلفي من الدماغ، المسؤول عن التحكم بالعديد من الوظائف اللازمة للحياة في الجسم.
  • تصلّب الشرايين المساريقي: يصيب الشرايين التي تغذّي الأمعاء.

الأسباب

يكون السبب الرئيسي لحدوث تصلّب الشرايين هو وجود أذية في بطانة الشرايين، حيث تتسبب هذه الأذية البطانية في تراكم اللويحات على جدران الشرايين.

من الأسباب الشائعة لحدوث الأذية:

  • التدخين.
  • ارتفاع الكوليسترول.
  • ارتفاع ضغط الدم.
  • الالتهابات (كالتهاب المفاصل أو الذئبة الحمامية).
  • الوزن الزائد أو مرض السكري.

مراحل تصلّب الشرايين

يوجد عدة مراحل من تصلّب شرايين، تتضمن كل مرحلة تغيّر معيّن في جدران الشرايين، وتكون هذه التغييرات صغيرة جدًا ومجهرية ومن الصعب كشفها، ولكنها تزداد مع الوقت لتسبب ضررًا كبيرًا، وتتضمن المراحل التالية:

المرحلة الأولى – الأذية البطانية والاستجابة المناعية

حيث تكون الأذية البطانية نتيجة ناتجة عن نفس الأسباب المذكورة سابقًا، وبعد حدوث هذه الأذية تتوالى عدة أحداث:

  1. يتجمّغ الكوليسترول في مكان الإصابة.
  2. يتأكسد الكوليسترول مؤديًا لاستجابة مناعية.
  3. تسبب هذه الاستجابة المناعية هجرة الكريات البيضاء (وحيدات النوى) إلى مكان الإصابة، مؤديةً لحدوث التهاب في الشريان. 

المرحلة الثانية – التلم الشحمي

كما يدعى أيضًا الشريط الشحمي أو الخط الشحمي، وهو العلامة الأولى المرئية لتصلّب الشرايين، وهو تلم أصفر مكوّن من الخلايا الميّتة عند موقع الأذية.

يتشكل التلم الشحمي عبر الخطوات التالية:

  1. تتحول الوحيدات إلى خلايا بالعة تقوم بالتهام الأجسام الغريبة (الكوليسترول).
  2. تمتلئ الخلايا البالعة بالكوليسترول لتأخذ شكل رغوي، وتدعى الخلايا الرغوية.
  3. بعد أن تقوم الخلايا الرغوية بالتهام الكوليسترول فإنها تموت.
  4. عندما تموت هذه الخلايا الرغوية يقوم الجسم بإرسال المزيد من الخلايا البيضاء للمناطق المصابة، وهكذا تستمر هذه العملية بالتكرار وتؤذي البطانة بشكل أكبر.
  5. تشكّل هذه الخلايا الميّتة انتفاخ تحت البطانة وهو ما يدعى بالتلم الشحمي.

المرحلة الثالثة – نموّ الترسبات (اللويحات)

يتزايد عدد الخلايا الميّتة الموجودة في منطقة الإصابة، فيكبر التلم الشحمي تدريجيًا ويتحول للويحات كبيرة.

تقوم الخلايا العضلية الملساء بتشكيل طبقة فوق هذه الترسبات، مما يمنعها من الانتشار عبر الأوعية الدموية، وفي هذه الأثناء يزداد نموّ الترسبات وتحصل على الكالسيوم الذي يكسبها قساوة أكبر.

في هذه المرحلة يستطيع الدم المرور عبر الشريان بسبب قدرة الشرايين على التمدد، ومع ازدياد نمو اللويحات تنقص كمية الدم التي تستطيع العبور.

تكون اللويحة مستقرّة لفترة طويلة، ولكن في النهاية من الممكن أن تتمزق.

المرحلة الرابعة – تمزّق الترسبات 

في هذه المرحلة تتمزق الترسبات نتيجة تراكمها لفترة طويلة جدًا في الجسم.

عندما تتمزق الترسبات يحدث تماس بينها وبين الدم، مما يؤدي لتشكل خثرة دموية تمنع الدم من المرور في الشريان وتؤدي لحدوث سكتة دماغية أو نوبة قلبية.

عوامل الخطر

عادةً ما تترابط عوامل خطر تصلّب الشرايين مع بعضها، فعلى سبيل المثال التدخين وقلّة النشاط الجسدي ترفع من خطر ارتفاع الكوليسترول في الدم، مما يؤدي إلى تراكم الترسبات.

كما يوجد بعض عوامل الخطر الشائعة الأخرى:

  • المتلازمة الاستقلابية: بسبب ارتفاع الكوليسترول والشحوم الثلاثية عند المصابين بها.
  • نظام غذائي غير صحّي: كتناول الكثير من الأطعمة الغنيّة بالشحوم.
  • وجود قصة عائلية: إن الجينات الموروثة من الأهل تزيد فرص الإصابة بتصلّب الشرايين.
  • ارتفاع الضغط الشرياني.
  • مرض السكري.
  • الأمراض الالتهابية كالروماتيزم.
  • التقدم بالعمر.

الأعراض

من الممكن ألّا تظهر أعراض التصلّب الشرياني حتى يصبح الشريان متضيق بشدة أو عند حدوث نوبة قلبية أو سكتة دماغية، وتختلف نوع طبيعة الأعراض على باختلاف حالة الشريان تضيّق الشريان أو كونه مغلق تمامًا.

تتضمن بعض الأعراض الشائعة المتعلقة بالقلب والشرايين التاجية:

  • عدم انتظام ضربات القلب.
  • ألم أو ضغط في القسم الأعلى من الجسم أي الصدر أو الذراع أو الرقبة أو الفك (الذبحة الصدرية).
  • ضيق التنفس.
  • غثيان أو إقياء.
  • التعرّق.

وتتضمن الأعراض المتعلقة بالشرايين التي تنقل الدم إلى الدماغ (السكتة الدماغية):

  • خدر أو تنميل أو ألم في الذراعين أو الساقين.
  • صعوبة في التحدث أو فهم شخص يتحدث.
  • الشلل.
  • ألم شديد في الرأس.
  • تدلّي عضلات الوجه.
  • صعوبة في الرؤية بكلتا العينين.
  • صعوبة في المشي.

المضاعفات

  • أم الدم.
  • الذبحة الصدرية.
  • أمراض كلوية مزمنة.
  • أمراض قلبية تاجية أو سباتية.
  • نوبة قلبية.
  • فشل قلبي.
  • مرض الشرايين المحيطية.
  • السكتة الدماغية.
  • عدم انتظام نبضات القلب.

التشخيص

لتشخيص التصلّب الشرياني سيقوم الطبيب بعدة اختبارات دموية واختبارات تصويرية، وسيقوم بسؤال المريض عن التاريخ العائلي للأمراض والقيام بفحص فيزيائي لكشف علامات المرضى.

ومن الأفضل القيام ببعض الفحوص الدورية بدءًا من عمر الـ20 كقياس الضغط الشرياني أو حساب مشعر كتلة الجسم أو اختبارات تشخيص السكري وارتفاع الكوليسترول والشحوم.

تشمل الاختبارات التشخيصية لكشف التصلّب الشرياني ما يلي:

الاختبارات الدموية

  • قياس الكوليسترول والشحوم الثلاثية.
  • قياس نسبة السكر في الدم.
  • قياس البروتينات الشحمية.
  • قياس البروتينات التي تدل على الحالات الالتهابية كالبروتين التفاعلي C.

تخطيط القلب الكهربائي ECG

وهو اختبار بسيط وغير مؤلم للعضلة القلبية، يقوم جهاز التخطيط بتسجيل النشاط الكهربائي لعضلة القلب، فيسمح للطبيب معرفة سرعة نبضات القلب وطبيعة النبض (منتظم أو غير منتظم)، وقوة وتوقيت الإشارات الكهربائية التي تعبر القلب.

اختبارات تصوير القلب

قد يطلب الطبيب من المريض بعض الاختبارات التي تزوّده بصورة واضحة عن القلب وكيف يجري الدم في أوعيته، وتشمل هذه الاختبارات:

تصوير الأوعية الدموية Angiography

وهو نوع خاص من تصوير الأشعة السينية X-ray مع صباغ خاص.

تصوير الرنين المغناطيسي للقلب

يكشف هذا الاختبار أي أذية نسيجية أو مشاكل في جريان الدم في القلب والشرايين التاجية.

التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني للقلب PET Scan

يقيس هذا الاختبار تدفق الدم عبر الأوعية الدموية الصغيرة للقلب، مما يمكّنه من تشخيص أمراض الأوعية التاجية الدقيقة.

تصوير الأوعية التاجية المقطعي CT

يأتي كبديل عن قسطرة القلب الغازية، حيث يُظهر الجزء الداخلي من الشرايين التاجية.

فحص الكالسيوم بالشرايين التاجية

وهو اختبار مقطعي للقلب يقيس كميّة الكالسيوم في جدران الشرايين التاجية، حيث تشير الكميات المرتفعة من الكالسيوم أو وجود تكلّس إلى التصلّب الشرياني أو أمراض قلبية تاجية أخرى.

اختبار الجهد

يستخدم اختبار الجهد لمعرفة كيف يعمل القلب عند القيام بجهد جسدي، حيث يوجد بعض الأمراض التي تُشخص بشكل أفضل عندما يبذل القلب جهدًا ليضخ الدم عبر الجسم.

اختبار مشعر الكاحل والعضد

يُستعمل للكشف عن مرض الشرايين المحيطي، وهو اختبار غير مؤلم يتم فيه المقارنة بين ضغط الدم في الكاحل والذراع باستعمال كُم جهاز الضغط وجهاز الأمواج فوق الصوتية.

كيف يتم معالجة المرض؟

يمكن معالجة التصلّب الشرياني والتخفيف من الترسبات عن طريق:

تغييرات في نظام الحياة

اتباع حمية غذائية وممارسة التمارين الرياضية والتقليل من التدخين.

الأدوية

كالأدوية المخفضة للضغط والكوليسترول.

الجراحة

عند صعوبة التخلّص من الترسبات التي سببّت انسدادات في الشرايين يمكن اللجوء لبعض الحلول الجراحية:

الدعامات (الستانت) وتصوير الأوعية الدموية

ويتم من خلالها وضع أنبوب رفيع في شريان في الساق أو الذراع للوصول إلى الشريان المتضرر.

يمكن أن يؤدي الرأب الوعائي والدعامات في كثير من الحالات إلى فتح الشريان المسدود، حيث تساعد الدعامات في تخفيف الأعراض ولكنها لا تمنع حدوث النوبة القلبية.

جراحة التحويلة الوعائية

يقوم فيها الطبيب بأخذ وعاء دموي سليم عادةً من الساق أو الذراع أو الصدر، ويستعمله لتكوين مسار بديل للدم عوضًا عن الوعاء المسدود.

استئصال بطانة الشرايين

يقوم فيها الطبيب بالدخول من شرايين الرقبة لإزالة الترسبات واستعادة الجريان الدموي.

كيف نقي أنفسنا من المرض؟

  • إجراء فحوصات قلبية وعائية عند الطبيب المختص سنويًا.
  • ممارسة التمارين الرياضية.
  • المحافظة على وزن صحّي.
  • الإقلاع عن التدخين.
  • تجنّب الأغذية الغنية بالكوليسترول والشحوم والملح والسكر.
  • عدم إهمال الحالات المرضية مثل ارتفاع الضغط الشرياني والسكري وارتفاع كوليسترول الدم.

المراجع

د. محمد فؤاد شكري
د. محمد فؤاد شكري

محمد فؤاد شكري، طالب طب بشري، وكاتب محاضرات علمية في فريق الكريات الحمر التطوعي بجامعة دمشق. مهتم للغاية بنشر المعلومات الصحيحة والدقيقة بأبسط وأفضل طريقة ممكنة.

المقالات: 64

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

11 − 5 =