أهم المعلومات عن تسرّع القلب الأذيني

يعمل القلب بنظام ثابت ومتواقت، حيث تتقلص الأذينتان لضخ الدم إلى البطينين، ثم يتقلص البطينان لضخ الدم عبر الشرايين الرئيسية إلى جميع أنحاء الجسم، ويتم ذلك كلّه في وقته المحدد وبسرعة محددة، ولكن في بعض الحالات المرضية قد يختل هذا التواقت والنظام، وتتقلص الأذينتان بتواتر أسرع من تقلص البطينان، نكون هنا أمام حالة تدعى تسرّع القلب الأذيني Atrial Tachycardia.

ما هو تسرّع القلب الأذيني؟

تسرّع القلب الأذيني هو نوع من أنواع اضطرابات نظم القلب فوق البطينية، تنبض فيه الحجرات العلوية من القلب (الأذينات) بسرعة أكبر من الطبيعية، ومن الممكن أن تصل إلى 100-250 ضربة في الثانية، ويحدث ذلك نتيجة انطلاق الإشارات الكهربائية التي تسبب تقلّص القلب من مكان غير طبيعي (كالأذين).

لا يكون تسرّع القلب الأذيني خطيرًا عادةً، ومن الممكن السيطرة عليه أو علاجه بواسطة الأدوية.

من هم المعرضون للإصابة؟

بشكل عام من الممكن أن يحدث تسرع القلب الأذيني لأي شخص، ولكن يكون أكثر حدوثًا لدى الأشخاص الذين أجروا عملية قلبية أو الحوامل، ومن الممكن أن يتم تحريضه بواسطة العدوى (الخمج) أو الكحول أو بعض الأدوية.

ما مدى انتشار الحالة؟

تعد هذه الحالة شائعة إلى حدٍ ما، وتكون شائعة أكثر بين كبار السن.

ما هي آلية حدوث التسرّع؟

خلال التسرّع الأذيني، تتقلص الحجرات العلوية أسرع من الحجرات السفلية نتيجة صدور إشارات كهربائية مغلوطة أو غير طبيعية من خلايا معطوبة، ويوجد ثلاث طرق لحدوث ذلك:

  • التلقائية Automaticity: حيث تصبح مجموعة من الخلايا المرضية أو خلية واحدة مرضية مسيطرة على الخلايا الطبيعية التي تحدد وتيرة إيقاع القلب، وقد يحدث ذلك نتيجة عدم توازن الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم.
  • النشاط المحفّز Triggered Activity: في بعض الأحيان قد يؤدي اختلال التوازن الكيميائي في خلايا عضلة القلب إلى تنبيهها عندما لا يُفترض بها أن تكون منبهة.
  • إعادة الدخول Reentry: ويحدث ذلك بسبب إعادة توجيه الموجات الكهربائية، حيث يمكن أن تشكل الخلايا المرضية دارة كهربائية وتنتشر عبرها الموجات، مما يؤدي إلى دقات قلب غير طبيعية، وعادةً ما يحدث ذلك بعد الجراحة أو عند وجود نسيج ندبي في القلب.

ما هي أنواع التسرّع الأذيني؟

يوجد نوعان هما:

تسرّع القلب الأذيني البؤري

يبدأ هذا النوع من التسرّع في مكان محدد من القلب (بؤرة)، وعادةً ما يكون غير خطير، ولكن إذا استمراره لفترة طويلة يعد مؤشر خطر.

في بعض الأحيان يكون هناك أكثر من بؤرة، وعندها يدعى “تسرّع القلب الأذيني متعدد البؤر)، ويكون هذا النوع تشخيصه أسهل ولكن علاجه أصعب.

يعد الانسداد الرئوي المزمن ومشاكل الرئة الأخرى من الأسباب الشائعة للتسرع متعدد البؤر.

تسرّع القلب الأذيني المترافق مع إعادة الدخول الجزئي

يعمل هذا النوع بشكل مشابه لآلية إعادة الدخول المذكورة سابقًا، ولكنه يؤثر على منطقة أوسع.

يحدث هذا النوع أيضًا لأن إشارة التنبيه الكهربائية يجب أن تنتقل حول جزء من القلب أو منطقة من النسيج الندبي.

ما هو الفرق بين تسرّع القلب الأذيني والرجفان الأذيني؟

في تسرّع القلب الأذيني تصبح سرعة النبض حوالي 100 إلى 250 نبضة في الدقيقة، وعادةً لا يؤثر هذا المجال على قدرة القلب على ضخ الدم.

أما في الرفرفة الأذينية قد تصبح سرعة القلب حوالي 300 إلى 600 نبضة في الدقيقة، مما يؤدي هذا التسرّع الكبير إلى عدم امتلاء الحجرات العلوية من القلب بالدم بشكل كافي، أو قد لا تستطيع العضلة القلبية ضخ الدم الموجود فيها، مما يعرّض المريض إلى خطر تشكّل الخثرات الدموية.

وبشكل مجمل تعد الرفرفة الأذينية أخطر بكثير من التسرّع الأذيني.

أسباب حدوث تسرّع القلب الأذيني

يوجد عدة أسباب محتملة نذكر منها:

  • أمراض الشرايين التاجية، وهي الشرايين المغذية للقلب.
  • النوبة القلبية.
  • الداء الرئوي الانسدادي المزمن.
  • شرب الكحول.
  • الآثار السمّية للديجوكسين.
  • الكافيين والمنبهات الأخرى.
  • تعاطي المخدرات كالكوكايين.
  • اختلال توازن الشوارد.
  • تمدد الأذين نتيجة اعتلال العضلة القلبية أو نتيجة ارتفاع ضغط الدم.

أعراض تسرّع القلب الأذيني

قد يكون تسرّع القلب الأذيني غير عرضي، ولا سيّما عندما يحدث لفترة قصيرة من الوقت.

عندما تظهر الأعراض عند البالغين فإنها تكون على الشكل التالي:

  • خفقان قلب.
  • دوار والشعور بخفّة الرأس.
  • الإغماء.
  • ألم الصدر (ذبحة صدرية).
  • ضيق التنفس.

أما عند الأطفال فقد تظهر الأعراض التالية:

  • الإقياء.
  • مشاكل في تناول الطعام.
  • تسرّع التنفس.

المضاعفات

قد يؤدي تسرّع القلب الأذيني المطوّل إلى اعتلال العضلة القلبية (ضعف القلب) وفشل القلب، وغالبًا ما يكون هذا النوع من اعتلالات العضلة القلبية قابلًا للعكس إذا أمكن السيطرة على تسرّع القلب الأذيني.

في بعض الحالات من الممكن أن يتطور تسرّع القلب الأذيني إلى حالة أخرى من حالات عدم انتظام ضربات القلب وهي الرجفان الأذيني، والتي تعد أخطر من التسرّع الأذيني.

التشخيص

يتم تشخيص تسرّع القلب الأذيني بناءً على القصة المرضية التي سيرويها المريض للطبيب، بالإضافة لأساليب تشخيصية أخرى نذكر منها:

تحاليل الدم

لكشف أمراض الغدة الدرقية أو الأمراض القلبية أو أي حالة مرتبطة بالتسرّع الأذيني.

تخطيط القلب الكهربائي ECG

وهو اختبار غير مؤلم وغير باضع، يقيس الفعالية الكهربائية للعضلة القلبية.

يتم إجراء هذا الاختبار بوضع حسّاسات كهربائية (إلكترودات) على الجلد في منطقة الصدر، وقد توضع أيضًا على الكاحلين والمعصمين.

جهاز هولتر

وهو مشابه لتخطيط القلب الكهربائي، ولكنه جهاز محمول يسّجل الفعالية الكهربائية للعضلة القلبية على مدار عدة أيام أو أسابيع، حيث بإمكان المريض أخذ هذا الجهاز معه إلى المنزل ومتابعة حياته اليومية، ومن ثم يعيده للطبيب بعد انتهاء فترة المراقبة.

قياس الفيزيولوجية الكهربائية للقلب

يقوم هذا الإجراء برسم وقياس النشاط الكهربائي للقلب، حيث يوضّح المناطق التي لا يحدث فيها نشاط كهربائي في القلب كما ينبغي.

زرع جهاز مراقبة

وهو جهاز مراقبة للفعالية الكهربائية للقلب، يختلف عن جهاز هولتر بأنه يتم زرعه تحت الجلد، ويبقى بموضعه لمدة أعوام لكي يقوم بتسجيل أي حادث قلبي قد يحدث فجأة.

اختبار الإجهاد

يقوم مبدأ هذا الاختبار على تعريض المريض لحالة من الإجهاد البدني عن طريق التمارين أو الدرّاجة الثابتة وغيرها، ومراقبة نشاطه القلبي خلال هذا الإجهاد.

علاج تسرّع القلب الأذيني

هل يمكن الشفاء من التسرّع بشكل نهائي؟

غالبًا ما يكون قابلًا للعلاج، وإذا كان سبب التسرّع هو مرض مزمن فإن علاج ذلك المرض من شأنه أن يوقف التسرّع بشكل نهائي، وتختلف نسبة نجاح العلاج تبعًا لنوع التسرّع:

  • التسرّع الأذيني البؤري: يمتلك هذا النوع نسبة نجاح علاج عالية، ولا سيما إذا اعتمد العلاج على القسطرة.
  • التسرّع الأذيني متعدد البؤر: يكون علاجه أصعب، لأن التسرّع يبدأ من عدة نقط (بؤر) من القلب، ولكن علاج الأمراض المسببة له قد يسهم بشكل كبير في علاج هذاالتسرّع.
  • التسرّع الأذيني المترافق مع إعادة الدخول الجزئي: غالبًا ما يكون قابلًا للعلاج باستعمال القسطرة، ولكن في بعض الحالات النادرة قد يحتاج للعمل الجراحي.

أساليب العلاج

قد يوصي الطبيب المختص بواحدة أو أكثر من أساليب العلاج التالية:

الأدوية

تشمل الأدوية التي أثبتت فعاليتها في علاج التسرّع الأذيني:

حاصرات مستقبلات بيتا

يقوم هذا النوع من الأدوية بمنع النواقل العصبية من الارتباط على المستقبلات من النوع بيتا في القلب، والتي من شأنها تسريع القلب عندما تتفعل.

حاصرات قنوات الكالسيوم

تعدّل هذه الأدوية استعمال خلايا القلب للكالسيوم، ونتيجةً لذلك تنخفض حساسية الخلايا القلبية للتنبيهات الكهربائية.

أدوية أخرى لاضطرابات النُظم

يمكن أن يساعد هذا النوع من الأدوية على شفاء الحالة، ويعتمد ذلك على سبب عدم انتظام ضربات القلب في المقام الأول.

الاستئصال 

الاستئصال هو وسيلة شائعة لعلاج تسرّع القلب الأذيني، حيث من الممكن أن يتم من خلاله استئصال بعض أجزاء القلب التي تقوم بتوليد إشارات تنبيه غير طبيعية.

تكون هذه الطريقة فعالة جدًا في إيقاف التسرّع البؤري والتسرع المترافق مع إعادة الدخول.

تملك هذه الطريقة بعض المضاعفات ولكنها نادرة الحدوث:

  • النزف.
  • العدوى والالتهابات.
  • الخثرات الدموية.
  • أذية أي عنصر مجاور للقلب.

يتم إجراء الاستئصال بواسطة إحدى الطرق التالية:

الاستئصال بالقسطرة

يقوم الطبيب في هذا الإجراء بإدخال جهاز عبر وعاء دموي (غالبًا من الفخذ) وصولًا إلى القلب، ومن ثم يتم الاستئصال بالحرارة أو بالبرودة.

تمتلك هذه الطريقة نسبة نجاح تقدر بحوالي 90%.

الاستئصال بالجراحة

إذا لم تنفع طريقة الاستئصال بالقسطرة فإن طبيبك سوف يلجأ للاستئصال بالجراحة، وهي مشابهة للاستئصال بالقسطرة من حيث المبدأ ولكن يتم الدخول إلى القلب عبر شق في الصدر.

مناورات العصب المبهم

قد يطلب طبيبك منك القيام بهذه المناورات عند الإحساس بتسرّع القلب، حيث تؤثر هذه الإجراءات على العصب المبهم الذي من وظائفه التحكم في ضربات القلب.

وهي عبارة عن إجراءات بسيطة قد تساعد في إبطاء معدل ضربات القلب، كالسعال أو وضع كيس ثلج على الوجه أو أخذ وضعيات معيّنة مع الضغط كما لو كان الشخص يحاول أن يتغوط.

تقويم نُظم القلب

في هذا الإجراء يتم توصيل صدمة كهربائية للقلب من خلال لصاقات أو مقابض على القلب، حيث يؤثر التيار الكهربائي على الإشارات الكهربائية في القلب ويمكنه استعادة معدل ضربات القلب الطبيعي.

جهاز ناظم الخُطا

وهو جهاز صغير يتم اللجوء إليه في حال لم تنفع العلاجات الأخرى، وهو جهاز يتم زرعه تحت الجلد بالقرب من منطقة الصدر.

عندما يستشعر هذا الجهاز أي تغيّر أو شذوذ في النبض سيقوم بإرسال تنبيه كهربائي للقلب لتصحيح هذا الشذوذ.

كيف نقي أنفسنا من تسرّع القلب الأذيني؟

اتباع العادات الصحية التالية سوف يقلل من احتمالية الإصابة بالتسرّع الأذيني:

  • التوقف عن شرب الكحول.
  • التقليل من المنبهات كالكافيين والشوكولا.
  • الابتعاد عن المخدرات كالكوكايين والميثامفيتامين.
  • قطع التدخين.
  • اتباع حمية غذائية صحّية.
  • ممارسة الرياضة.

المراجع:

د. محمد فؤاد شكري
د. محمد فؤاد شكري

محمد فؤاد شكري، طالب طب بشري، وكاتب محاضرات علمية في فريق الكريات الحمر التطوعي بجامعة دمشق. مهتم للغاية بنشر المعلومات الصحيحة والدقيقة بأبسط وأفضل طريقة ممكنة.

المقالات: 64

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

11 − أربعة =