الكربة التاجية الحادة – حالة تقتل 53% من المصابين!

تحتاج العضلة القلبية -مثل كل أعضاء الجسم- إلى الأكسجين كي تقوم بوظيفتها وتحافظ على حيويتها، وهنا تأتي أهمية الشريان التاجي الذي يقوم بنقل الدم الغني بالأكسجين إلى العضلة القلبية، وإن حدوث أي ضرر في هذه الشرايين يسبب أعراض وأمراض خطيرة كالكربة التاجية الحادة.

الكربة التاجية الحادة Acute Coronary Syndrome

الكربة التاجية الحادة أو المتلازمة التاجية الحادة هي مجموعة من الحالات المرضية المرتبطة مع نقص كمية الدم الذي يصل للقلب بشكل مفاجئ، حيث تعتبر الكربة التاجية الحادة من الأمراض القلبية التاجية.

إحدى الأمثلة عن هذه الحالات المرضية هو احتشاء العضلة القلبية Myocardial Infraction، الذي يحدث فيه موت خلايا العضلة القلبية وصولًا لتموّت النسيج العضلي في القلب، ويحدث ذلك نتيجة نقص التروية الدموية للخلايا.

في بعض الحالات الأقل شدةً لا تؤدي الكربة التاجية الحادة لاحتشاء القلب، ولكن وجوده يعدُّ مؤشرًا خطيرًا لحدوث الاحتشاء، ونقصان كمية الأكسجين تؤدي إلى وجود بعض الألياف العضلية التي لن تعمل بشكل جيد، وعندها تدعى الكربة التاجية الحادة بالذبحة الصدرية غير المستقرة Unstable Angina.

الكربة التاجية الحادة هي حالة خطرة جدًا وإسعافية تتطلب عناية وعلاج فوري، حيث تكون لوحدها مسؤولة عن وفاة ثلث الأشخاص الذين يتجاوز عمرهم 35 سنة.

الأسباب

الكربة التاجية الحادة تحدث نتيجة تراكم الترسبات الشحمية والكوليسترول على وفي جدران الوعاء الدموي الذي يغذّي خلايا العضلة القلبية (الشريان التاجي) مسببةً تصلب الشرايين.

مع مرور الوقت يزداد حجم هذه الترسبات، وعندما تنفصل عن جدران الوعاء الدموي أو تتمزق فإنها ستؤدي لتشكيل خثرة دموية تسد مجرى الدم في الشريان التاجي.

إن هذا الانسداد الخثروي يؤدي إلى توقف وصول الأكسجين لخلايا العضلة القلبية، ومن ثم حدوث التموت النسيجي للقلب (احتشاء عضلة القلب)، أو يؤدي لضرر مؤقت أو دائم في الألياف العضلية للقلب (الذبحة الصدرية غير المستقرة).

وبشكل نادر، تؤدي الأسباب التالية لحدوث كربة تاجية حادة:

  • انصمام الشريان التاجي (نتيجة فقاعة هواء، خثرة، شحم، أو مواد أخرى) Coronary Artery Embolism.
  • تشنّج الشريان التاجي Coronary Artery Spasm.
  • تسلّخ الشريان التاجي العفوي (التلقائي) Spontaneous Coronary Artery Dissection.

عوامل الخطر

تكون عوامل الخطر الخاصّة بالكربة التاجية الحادة هي نفسها عوامل الخطر لأي مرض قلبي آخر، وتتضمن:

  • التقدم بالعمر.
  • التدخين.
  • ارتفاع ضغط الدم.
  • ارتفاع كولسترول وشحوم الدم.
  • اتباع حمية غذائية غير صحيّة.
  • عدم ممارسة الأنشطة الفيزيائية كالرياضة.
  • البدانة وزيادة الوزن.
  • الإصابة بمرض السكري.
  • تاريخ عائلي للإصابة بالأمراض القلبية.
  • الإصابة بفيروس كوفيد-19.
  • تاريخ للإصابة بارتفاع ضغط الدم الحملي أو السكري الحملي أو تسمم الحمل (ماقبل الإرجاج Preeclampsia).
  • الذكور، حيث يصيب الذكور أكثر من الإناث.

الأعراض

تظهر علامات وأعراض الكربة التاجية الحادة بشكل حاد ومفاجئ، وغالبًا ما تتضمن:

  • ألم صدري (ذبحة) أو حالة من عدم الراحة في منطقة الصدر، غالبًا ما يتم وصفها كألم أو إحساس بضغط على الصدر أو ضيق أو ألم حارق.
  • ألم منتشر من الصدر للكتف والذراع والظهر والرقبة والفك والقسم الأعلى من البطن (ألم شرسوفي).
  • غثيان وإقياء.
  • عسر هضم.
  • ضيق في التنفس (زلّة تنفسية).
  • تعرّق كثيف ومفاجئ Diaphoresis.
  • دوار ودوخة وقد يصل لفقدان الوعي.
  • إعياء (تعب) غير مفسّر أو غير مُعتاد.
  • الشعور بالقلق والأرق (اضطرابات نفسية).
  • تكون أصوات القلب طبيعية ولكن في بعض الأحيان يمكن سماع نفخات.
  • وذمة وعائية في الأطراف السفلية مزدوجة (في الساقين)، وغالبًا ما تدل في هذه الحالة على حدوث فشل القلب الاحتقاني.

التشخيص

تجرى الاختبارات التشخيصية للكربة التاجية الحادة أثناء أخذ الطبيب للقصة السريرية وسؤال المريض عن الأعراض والتاريخ العائلي للأمراض القلبية، وتشمل بعض أساليب التشخيص:

1-تخطيط القلب الكهربائي Electrocardiogram (ECG)

وهو عبارة عن إلكترودات توصل بجلد المريض وتقوم بقياس الفعالية الكهربائية لعضلة القلب، ويمكن تكرار هذا الاختبار عدة مرات.

 إن أي نبضات غير منتظمة أو مرضية تشير إلى أن القلب لا يعمل بشكل جيد نتيجة نقص الأكسجين، كما يوجد أنماط معينة من الإشارات الكهربائية تشير إلى وجود احتشاء بمنطقة معينة في القلب (أي تحدد موضع الاحتشاء).

تشير إرشادات جمعية القلب الأميركية إلى ضرورة خضوع المريض لاختبار تخطيط القلب الكهربائي خلال 10 دقائق من وصوله للمستشفى أو العيادة الطبية.

2- تحاليل الدم Blood Tests

يوجد بعض الإنزيمات (التروبونين، نسبة الكرياتين كيناز القلبي إلى الكرياتين كيناز) التي تتواجد الدم في حال أدّى موت خلايا القلب إلى ضررٍ في النسيج القلبي. النتيجة الإيجابية لهذه الإنزيمات في الدم تشير إلى حدوث الاحتشاء القلبي.

3-اختبارات أخرى

تجري هذه الاختبارات لتحقيق معرفة أكبر عن الحالة المرضية، ولاستبعاد الأسباب الأخرى التي تسبب هذه الأعراض (غير الكربة التاجية الحادة)، ومن هذه الاختبارات:

تصوير الأوعية الإكليلية:

يتم تصوير الأوعية الإكليلية بمساعدة الأشعة السينية لرؤية أوعية القلب الإكليلية، حيث يتم فيها إدخال قثطرة عبر الذراع أو المنطقة الإربية، وصولًا للشرايين في القلب.

يتم استعمال صبغة عبر أنبوب القثطرة، وتقوم الأشعة السينية بإظهار هذه الأصبغة عند مرورها في الوعاء لتكشف عن أي انسداد أو خثرة ضمن الشريان.

مخطط صدى القلب (الإيكو)

يستعمل إيكو القلب الأمواج الصوتية ويوجهها للقلب ليصدر صورة مباشرة عن حركة القلب. ويتم استعمالها لمعرفة فيما إذا كان القلب يضخ الدم بشكل صحيح.

تصوير الأوعية بالتصوير المقطعي المحوسب

يتم استخدام الأشعة السينية لإصدار عدّة صور مقطعية مستعرضة ثنائية الأبعاد، وتكون الصور مقسمة لشرائح وتمثل كل شريحة من الصور شريحةً من القلب. يمكن أن تكشف هذه الطريقة أي وعاء متضيق أو مسدود.

تصوير النضح القلبي

هذا الاختبار يوضح جريان الدم ضمن القلب. حيث يتم إدخال كمية صغيرة وغير ضارّة من مواد مشعة في دم المريض، ثم تقوم أداة تسجيل خاصة بأخذ صور للمادة المشعّة الجارية ضمن القلب. يتيح لنا ذلك معرفة الأماكن التي يصلها الدم من القلب من الأماكن التي لا يصلها الدم.

اختبار الجهد

هو اختبار إذا كان القلب يعمل بشكل جيد أثناء القيام بالجهد والتمارين الرياضية. كما يمكن في بعض الحالات أن يقوم الطبيب بإعطاء المريض دواءً لتسريع القلب بدلًا من جعل المريض يقوم بالتمارين.

يتم إجراء هذا الاختبار عند عدم وجود أي علامة للكربة التاجية الحادة أو أي مرض قلبي وعائي مهدد للحياة أثناء كون المريض في وضعية راحة.

يمكن استعمال تخطيط القلب الكهربائي أو تخطيط صدى القلب أو اختبار النضح القلبي أثناء القيام بهذا الاختبار.

فحص الكالسيوم التاجي

يتم فيه استخدام التصوير المقطعي المحوسب لكشف ترسبات الكالسيوم في الشريان التاجي. [1]

العلاج

تتضمن أهداف العلاج الإسعافي للكربة التاجية الحادة المحافظة على جريان دموي سليم، تخفيف الألم، واستعادة وظيفة القلب السليمة بأسرع وقت ممكن.

بينما تتضمن أهداف العلاج طويل الأمد تحسين وظيفة القلب بشكل عام، تدبير عوامل الخطر والتقليل من نسب الإصابة باحتشاء العضلة القلبية.

يتم استعمال مجموعة من الأدوية وإجراء عمليات جراحية وبعض العلاجات المكملة لتحقيق على الأهداف السابقة: 

1-المعالجة الدوائية

حالّات الخثرات

تساعد على حلّ الخثرة التي تسبب إغلاق للشريان.

النترات (النتروغليسرين)

تحسّن تروية العضلة القلبية عن طريق توسيع الأوعية الدموية.

حاصرات مستقبلات بيتا

تقوم حاصرات بيتا بتخفيض الضغط الدموي وتساعد على ارتخاء عضلة القلب وتخفيف الحمل عليها وتقليل عدد نبضات القلب (تقليل سرعة القلب).

من الأمثلة عنها: ميتوبرولول (لوبريسور، توبرول XL) ونادولول (كوغارد).

الأدوية المضادة لتجمع الصفيحات الدموية

تساعد في المنع من تشكّل الخثرات الدموية، وتتضمن الأسبرين والكلوبيدوغريل (بلافيكس) والبراسوغريل (الإيفنت).

مثبطات تحويل الإنجيوتنسن

توسّع الأوعية الدموية وتحسّن جريان الدم، مما يسمح للقلب بالعمل بشكل أفضل.

من الأمثلة عنها ليزينوبريل (برينيفيل، زيستريل) والبينازيبريل (لوتنسن).

حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسن

تساعد على تخفيض ضغط الدم، وتتضمن إيربسارتان (آفابرو)، لوسارتان (كوزار).

الستاتينات Statins

تساعد على تخفيض كولسترول الدم، وقد يكون لها دور في استقرار الترسبات الشحمية ومنعها من التمزق. 

ومن الأمثلة عن الستاتينات آتورفاستاتين (ليبيتور) وسيمفاستاتين (زوكور، فلوليبيد).

2-المعالجة الجراحية

قد يتم اقتراحها من قبل الطبيب لإعادة التروية السليمة للعضلة القلبية، ومن أهم هذه العمليات الجراحية:

القسطرة وتركيب الدعامات

في هذه العملية يقوم الطبيب المختص بإدخال أنبوب طويل وصغير في الوعاء الدموي وتحديدًا إلى المنطقة المتضيقة منه. ويتم إدخال سلك مع بالون مفرغ من الهواء ضمن أنبوب القسطرة ثم يتم نفخ البالون لتوسيع الأوعية والتخلص من الترسبات الشحمية.

عادةً ما يتم ترك أنبوب شبكي كدعامة للشريان ولإبقائه مفتوحًا بعد الانتهاء من العملية.

جراحة فتح مجرى جانبي للشريان التاجي 

في هذه العملية الجراحية يقوم الطبيب المختص بأخذ قطعة من وعاء دموي من منطقة أخرى من الجسم، ويضعها كتحويلة ليخلق مجرى جانبي جديد يمر عبره الدم بدلًا من مروره من الوعاء التاجي المتضيق أو المسدود.

الوقاية

تشمل الوقاية من حدوث الكربة التاجية بعض العادات الصحية:

  • ترك التدخين.
  • اتباع حمية غذائية.
  • مراقبة ضغط وكولسترول الدم بشكل دوري وإبقائهم ضمن الحدود الطبيعية.
  • ممارسة النشاط الفيزيائي والرياضة.
  • المحافظة على وزن صحي للجسم.
  • إيقاف شرب الكحول.
  • التخفيف من القلق والتوتر وممارسة اليوغا وتمارين الاسترخاء.

المراجع:

د. محمد فؤاد شكري
د. محمد فؤاد شكري

محمد فؤاد شكري، طالب طب بشري، وكاتب محاضرات علمية في فريق الكريات الحمر التطوعي بجامعة دمشق. مهتم للغاية بنشر المعلومات الصحيحة والدقيقة بأبسط وأفضل طريقة ممكنة.

المقالات: 64

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرين − 15 =