دليلك الذهبي حول القلس المترالي

الصمام التاجي هو صمام ثنائي الشرف الموجود في الحجرة اليسرى من القلب ما بين الأذين الأيسر والبطين الأيسر، والذي يسمح في الحالة الطبيعية بمرور الدم المحمل بالأوكسجين باتجاه واحد نحو البطين الأيسر ليتم ضخه فيما بعد لمختلف أنحاء الجسم.

ينتج القلس المترالي عن مشكلة على مستوى الصمام التاجي، مما يتسبب بمشاكل في جريان الدم فنلاحظ تسرب الدم من البطين إلى الأذين مخالفًا بذلك اتجاهه الطبيعي، فيترتب على ذلك مشاكل أخرى على مستوى العضلة القلبية وغيرها.

إن القلس المترالي يعتبر أكثر أمراض صمامات القلب شيوعًا، حيث يُؤثر على أكثر من 2% من إجمالي السكان ويزاد تواتر حدوثه مع التقدم بالعمر. 

تشريح الصمام التاجي

الصمام التاجي هو صمام أذيني بطيني (أي يقع بين الأذين والبطين) ثنائي الشرف (أي يتكون من وريقتين)، يتكون من:

  • حلقة تاجية Mitral Annulus.
  • عضلات حليمية Papillary Muscles.
  • شرفة أمامية (وريقة أمامية) Anterior Leaflet.
  • شرفة خلفية (وريقة خلفية) Posterior Leaflet.
  • الحبال الوترية القلبية Chordae Tendinae.

فيزيولوجية القلس المترالي (التاجي)

في الحالة الطبيعية ينغلق الصمام التاجي عند انقباض البطين الأيسر ليقوم بوظيفته بضخ الدم إلى جميع أنحاء الجسم، وبالتالي يمنع الصمام التاجي عودة الدم إلى الأذين الأيسر أثناء الانقباض.

أما في الحالة المرضية فإن عدم إغلاق الصمام لأي سبب من الأسباب من قصور لغيرها سيؤدي إلى مرور الدم من خلاله أثناء انقباض البطين ليعود إلى الأذين الأيسر.

أسباب القلس المترالي (التاجي)

تقسم إلى أسباب أولية وثانوية وفق ما يلي:

القلس المترالي الأولي

قد يسمى أيضًا تنكسي أو خلقي، نلاحظ فيه وجود مشاكل هيكلية في الصمام نفسه.

أسباب تنكسية

مرتبط بشكل شائع بالتنكس المخاطي للصمام التاجي مؤديًا إلى تدلّي الصمام التاجي والذي قد يحدث:

  • كعملية أولية غير متلازمية: السبب الأساسي في هذه الحالة هو التقدم بالعمر.
  • كعملية ثانوية متلازمية: أمراض النسيج الضام (مثل: متلازمة مارفان (الناتجة عن طفرة في بروتين النسيج الضام الهيكلي)، متلازمة إهلرز دانلوس، النمط الظاهري MASS، الذئبة الحمامية الجهازية، تكوّن العظم الناقص، والورم الأصفر الكاذب المرن) التي تؤدي إلى تدلّي صمام تاجي ثانوي.

أسباب خلقية

تشمل الشذوذات الخلقية على مستوى الصمام مثل: الشق المعزول للصمام التاجي، والصمام التاجي ذو الفتحة المزدوجة، والصمام التاجي المظلي (وهو شذوذ صمامي خلقي حيث ترتبط أوتار الحبال بعضلة حليمية واحدة).

أسباب خمجية روماتيزمية

داء القلب الروماتيزمي نادر الحدوث ومع ذلك نلاحظ انتشاره بكثرة في الدول النامية نتيجة لنقص الموارد الطبية، كما يرتبط داء القلب الروماتيزمي المزمن مع مشاكل في الصمام التاجي ناتجة عن تندب فيه.

القلس المترالي الثانوي

قد يسمى أيضًا الوظيفي أو الإقفاري، ولا نلاحظ فيه وجود مشاكل هيكلية في الصمام نفسه، تكون المشكلة ناتجة عن مضاعفات تمدد البطين الأيسر الناتج عن مشاكل إقفارية أو غير إقفارية، ومن هذه المشاكل:

تمزق العضلات الحليمي Papillary Muscle Rupture

من الحالات النادرة التي إذ تظهر بنسبة 1-2% بعد احتشاء عضلة القلب أو التهاب الشغاف الخمجي.

القلس المترالي الإقفاري Ischemic MR

يحدث كنتيجة لاحتشاء العضلة القلبية، يكون كلًا من وريقات الصمام وحباله الوترية السليمة لكن يحدث إزاحة للعضلات الحليمية ناتجة عن التبدلات النسيجية في المناطق الإقفارية (المناطق التي تعرضت لنقص تروية دموية) المتوضعة وراءها.

فشل القلب الاحتقاني Congestive Heart Failure (CHF)

أثبتت إحدى الدراسات وجود علاقة تربط بين قصور القلب الاحتقاني الحاد والقلس المترالي.

الرجفان الأذيني Atrial Fibrillation

وجدت إحدى الدراسات أن الرجفان الأذيني يسبب قلس مترالي وظيفي نتيجة لزيادته من حجم الحلقة الأذينية والدسامية، بالإضافة إلى أن للرجفان الأذيني علاقة بتفاقم أمراض الصمامات.

اعتلال عضلة القلب الضخامي Hypertrophic Cardiomyopathy

إنّ ضخامة البطين الأيسر الشديد ستؤدي إلى زيادة كتلة العضلات الحليمية مما يقرّب هذه العضلات من بعضها مؤثرةً بذلك على الوريقات مما يؤدي إلى السماح بارتجاع الدم إلى الأذين.

أعراض القلس المترالي (التاجي)

عند ترافقه مع مرض الشريان التاجي واحتشاء عضلة القلب الحاد نلاحظ الأعراض التالية:

  • ضيق التنفس.
  • إعياء (تعب).
  • ضيق النفس الاضطجاعي.
  • وذمة رئوية.

أما في حالة القلس المترالي المزمن قد نلاحظ ما يلي:

  • قد يظل بعض المرضى بدون أعراض لسنوات.
  • قد يشعر المرضى بخفقان في الصدر في حال تطور الرجفان الأذيني نتيجة توسع الأذين المزمن.
  • قد يتطور إلى قصور قلب احتقاني مع احتقان رئوي ووذمة عند المرضى الذين يعانون من تضخم بطين أيسر و قلس مترالي شديد.

مضاعفات القلس المترالي (التاجي)

  • فشل القلب.
  • رجفان أذيني.
  • السكتة الدماغية نتيجة عدم انتظام ضربات القلب.
  • ارتفاع ضغط الدم في الشريان الرئوي.
  • ضخامة قلبية.

تشخيص القلس المترالي (التاجي)

من الطرق المتّبعة في التشخيص ما يلي:

مخطط صدى القلب Echocardiogram

هو الاختبار الأساسي في تشخيص وتقييم القلس المترالي، يشمل تخطيط صدى القلب عبر الصدر وتخطيط صدى القلب عبر المريء.

تصوير شعاعي للصدر Chest Radiography

يكون تضخم القلب الناتج عن كلّ من تضخم البطين الأيسر وتضخم القلب الأيمن مرئيًا في الصورة، كما نستخدمه في المرضى الذين يعانون من قلس مترالي مزمن.

مخطط كهربية القلب Electrocardiogram (ECG)

يكشف الرجفان الأذيني واضطرابات النظم.

اختبار الجهد Exercise Stress Testing

يستخدم عند المرضى الذين يعانون من قلس مترالي أولي شديد غير عرضي، حيث يعطي معلومات ذات علاقة بأعراض المريض وتحمّله لممارسة الرياضة، كما يفيد في تقييم تغييرات شدة القلس المترالي.

القثطرة القلبية Cardiac Catheterization

إجراء باضع (إجراء باضع هو أي إجراء يتم فيه استخدام أدوات لقطع الجلد ويتم إدخالها إلى داخل الجسم) يستخدم لتحديد حجم القلس المترالي بدقة عالية، كما تستخدم عند وجود نتائج سريرية غير متوافقة مع نتائج الاختبارات الغير باضعة.

التصوير بالرنين المغناطيسي للقلب Cardiac MRI

اختبار مهم ومكمل لتقييم شدة القلس المترالي، ويعطي تقييمًا دقيقًا للقياسات الكمية.

علاج القلس المترالي (التاجي)

إن الهدف من مختلف العلاجات المطبقة هو تحسين وظائف القلب وتجنب المضاعفات وتقليل الأعراض.

تختلف طرق العلاج تبعًا لعدة عوامل ومتغيرات منها نوع القلس المترالي، شدة القلس، مرحلة المرض، اضطرابات الدورة الدموية، والأمراض المرافقة الموجودة عند المريض.

نمط حياة صحي والمراقبة المنتظمة للحالة

في بعض الحالات الخفيفة قد لا تحتاج إلى علاج خصوصًا أولئك الذين يعانون من قلس خفيف، ولكن من المهم متابعة وتقييم القلس كل فترة للتدخل في حال تفاقم الحالة.

كما يفضّل اتباع نظام غذائي منخفض الصوديوم، ومن الممكن ممارسة الرياضة ولكن يفضّل التأكد من طبيبك قبل ممارسة الرياضة لأنها قد تكون ذات آثار سلبية على المرض في بعض الحالات.

الرعاية الطبية 

من الأدوية المستخدمة:

المدرات البولية

تستخدم للتقليل من الاحتقان الرئوي، كما تستخدم لتخفيف الحمل القلبي، مثالها الفورسيميد Furosemide.

مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين

تستخدم عند مرضى القلس المترالي لتقليل الحمل اللاحق إلى البطين الأيسر وذلك بخفض ضغط الدم الجهازي وتوسيع الأوعية المحيطية، منها:

  • كابتوبريل Captopril.
  • اينالابريت Enalapril.
  • ليزينوبريل Lisinopril.

النترات

تستخدم لخفض ضغط الدم وزيادة تدفق الدم التاجي، منها النتروغليسرين Nitroglycerin.

المُقلصات العضلية

تمتلك خصائص مضادة لاضطراب النظم، فيتم استخدامها في حالة الرجفان الأذيني مثل الديجوكسين Digoxin.

المضادات الحيوية

تستخدم للوقاية من التهاب الشغاف الجرثومي، حيث يُوصى بها قبل أي إجراء سني يتضمن التدخل على أنسجة اللثة والمنطقة المحيطة بالأسنان أو إحداث أي ثقب بغشاء الفم المخاطي خصوصًا في حالة وجود صمام قلبي صنعي أو الإصابة السابقة بالتهاب الشغاف وبعض أمراض القلب الخلقية.

من المضادات الحيوية المستخدمة:

  • سيفاليكسين Cephalexin.
  • الأمبيسيلين Ampicillin.
  • أموكسيسيللين Amoxicillin.
  • جنتمايسين Gentamicin.
  • كليندامايسين Clindamycin.
  • فانكومايسين Vancomycin.
  • أريثرومايسين Erythromycin.
  • أزيترومايسين Azithromycin.
  • كلاريثرومايسين Clarithromycin.
  • سيفازولين Cefazolin.
  • سيفادروكسيل Cefadroxil.

أدوية أخرى

كما يتم استخدام حاصرات بيتا ومنظمات البطينات في المعالجة الأولية لاضطراب وظيفة البطين الأيسر في القلس المترالي الوظيفي.

بالإضافة للديجوكسين نقوم باستخدام حاصرات بيتا و/أو حاصرات الكالسيوم.

كما قد يُوصى باستخدام المميعات الدموية خصوصًا في حال حدوث رجفان أذيني لمنع حدوث جلطات.

الجراحة

تعتبر التدخل الرئيسي في كثير من الحالات كتلف الصمامات بسبب تمزق العضلات الوترية أو الحليمية أو التهاب الشغاف المعدي، ويُفضّل بشدة إصلاح الصمام التاجي على استبدال الصمام التاجي كلما كان ذلك ممكنًا. 

نلجأ لتطعيم مجازة الشريان التاجي لعلاج المرضى الذين يعانون من قلس مترالي نتيجة أسباب وظيفية كنقص التروية.

كما نلجأ للتدخلات الجراحية عند مرضى القلس المترالي الحاد المترافق مع أعراض، ومرضى القلس المترالي الملاحظ عندهم فوهة القلس الفعالة لا تقل عن 40 مم2، وعند تدهور عمل البطين الأيسر عند الجهد، وعندما يكون نصف قطر فوهة الصمام التاجي 4.5 سم عند نهاية الانقباض. 

الوقاية من القلس المترالي

لا يمكن الوقاية من الإصابة بالقلس المترالي خصوصًا أنه قد يكون ناتج عن أسباب خلقية، ولكن يمكن الوقاية من المضاعفات الناتجة عن القلس المترالي وذلك باتباع التالي:

  • اتباع نصائح الطبيب وتناول الأدوية حسب الوصفة الطبية.
  • اتباع نظام غذائي منخفض الصوديوم، والإكثار من الغذاء الصحي كالفواكه والخضراوات.
  • المحافظة على وزن جسم صحي والاهتمام بالنشاط البدني مع الانتباه لإرشادات الطبيب.
  • الانتباه لضغط الدم.
  • محاولة الوقاية من الإنتانات.
  • التوجه للعيادة الطبية في حال ملاحظة أي تغيّر صحي.

المراجع:

د. ريم الشطة
د. ريم الشطة

ريم الشطة، طالبة في كلية الطب البشري جامعة دمشق ومتطوعة في قسم السوشيال ميديا لفريق الكريات الحمراء ومهتمة بكل ما هو جديد وله علاقة بالطب.

المقالات: 46

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنا عشر − واحد =