القرحة الهضمية دليلك الشامل حول القرحة الهضمية 

القرحة الهضمية والتي من الممكن أن تُعرف باسم “قرحة المعدة” أو “قرحة الاثنا عشر” هي حالة مرضية تتظاهر غالبًا بألمٍ في المعدة، ومن الممكن أن تتفاقم الحالة وتصبح مهددة للحياة في حال إهمالها. 

ما هو مرض القرحة الهضمية؟

القرحة الهضمية Peptic Ulcer هي حالةٌ مرضية تصيب 1 من كل 10 أشخاص، تظهر فيها تقرحات في بطانة المعدة أو بداية الأمعاء الدقيقة (الاثني عشر)، والتي تحدث نتيجةً لتآكل بطانة هذه الأماكن بسبب اختلال آليات الدفاع الطبيعية. 

أماكن حدوث القرحة الهضمية

كيف تحدث القرحة الهضمية؟

لمعرفة آلية حدوث القرحة لا بد من إلقاء نظرة سريعة على المعدة التي تمتاز بوجود عدد من الآليات الدفاعية والحامية لها وللجسم ككل، إذ تُبطن المعدة بطبقة مخاطية لحمايتها من الحموض التي يتم إنتاجها لحماية الجسم من الملوثات التي قد تدخل الجسم مع الطعام.

إلا أنه في حال ازدياد كمية هذه الحموض أو انخفاض كمية المخاط أي ضعف آليات الدفاع والإصلاح الطبيعية في المعدة والاثني عشر قد يؤدي لحدوث القرحة وذلك بسبب تآكل السطح الداخلي للمعدة أو الأمعاء.

ما هي أسباب القرحة الهضمية؟ 

كان يُعتقد سابقًا أن الإجهاد أو بعض الأطعمة قد تسبب قرحة في المعدة، ولكن توصلت الأدلة والأبحاث إلى أنها تزيد من الحالة سوءًا، أما بالنسبة للأسباب فهي:

الإصابة بجرثومة الملوّية البوابيّة Helicobacter pylori (H. pylori)

إن العدوى بجرثومة الملوّية البوابيّة يعد أحد الأسباب الشائعة للقرحة الهضمية، حيث عادةً ما تصيب هذه الجرثومة المعدة إذ تلتصق بالطبقة المخاطية للجهاز الهضمي وتسبب تهيجًا والتهابًا فيها الأمر الذي يؤدي إلى كسر الحاجز الحامي لهذه المخاطية ويسمح للحمض بأن يأكل أنسجة المعدة مسببًا القرحة.

ويجب الإشارة إلى أن الملوية البوابية تصيب حوالي 50% من سكان العالم، إلا أنه لا يكون لوجودها أثر سلبي بالنسبة لمعظم الأشخاص إذ يعاني فقط 10-15% منهم من القرحة الهضمية.

مسكنات الألم (مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية NSAIDs) 

تناول الأدوية المضادة للالتهاب مثل الإيبوبروفين أو الأسبرين أحد الأسباب الشائعة أيضًا للإصابة بالقرحة، وخاصةً في الحالات التالية:

  • تناولها لفترة طويلة.
  • الجرعات العالية منها.
  • تناول أدوية أخرى معها مثل الكورتيكوستيروئيدات القشرية، مضادات التجلط ومثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية.

ويجب الإشارة إلى أن الأسيتامينوفين (البنادول) لا يعد أحد مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية ولن يسبب الضرر لأنسجة المعدة، لذلك غالبًا ما يتم نصح الأشخاص الذين لا يستطيعون تناول مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية بتناول الأسيتامينوفين عوضًا عنه. 

ما هي عوامل خطر الإصابة بالقرحة الهضمية؟ 

إضافةً إلى الأسباب السابقة هناك بعض العوامل التي لا تسبب الإصابة بالقرحة بحد ذاتها إلا أنها تزيد من خطر الإصابة بها مثل:

  • التدخين.
  • شرب الكحول.
  • التوتر والإجهاد.
  • أكل الأطعمة كثيرة التوابل.

ما هي أعراض القرحة الهضمية؟

لا يعاني بعض الأشخاص المصابين بالقرحة من أية أعراض، في حين قد يعاني آخرون من:

  • ألم حارق في المعدة: أكثر أعراض القرحة الهضمية شيوعًا، وقد يكون هذا الألم خفيفًا أو حارقًا وقد يأتي ويختفي بمرور الوقت، كما يُلاحظ بأنه غالبًا ما يحدث عندما تكون المعدة فارغة أو بالليل ويختفي لفترة قصيرة بعد تناول الطعام، بينما بالنسبة لآخرين فقد يؤدي تناول الطعام لتفاقم الحالة.
  • الشعور بالامتلاء أو الانتفاخ أو التجشؤ.
  • عدم تحمُّل تناول الأطعمة الدهنية.
  • حرقة المعدة (الحموضة المعوية).
  • الغثيان أو الإقياء.

ما هي مضاعفات القرحة الهضمية؟

من الممكن أن تتفاقم الحالة في حال عدم العلاج وتؤدي إلى:

النزف

قد يحدث النزف على هيئة فقدان بطيء للدم مؤديًا إلى حدوث فقر الدم، أو على هيئة فقدان شديد للدم والذي من الممكن أن يتظاهر بإقياء مدمى أو بإقياء بلون شبيه بطحل القهوة، أو براز أسود اللون، وهو حالة مهددة للحياة.

الانثقاب

من الممكن أن يحدث انثقاب في جدار المعدة أو الأمعاء الدقيقة في مكان القرحة الأمر الذي من الممكن أن يتفاقم ويسبب التهاب الصفاق نتيجة للعدوى الشديدة التي تحدث في تجويف البطن.

الانسداد

في بعض الحالات من الممكن أن تؤدي إلى منع مرور الطعام في السبيل الهضمي الأمر الذي قد يؤدي إلى ظهور الأعراض التالية:

  • الإقياء: والذي يكون بشكل متكرر وبكميات كبيرة من الطعام غير المهضوم.
  • الشعور بالانتفاخ والامتلاء بسهولة. 
  • فقدان الوزن غير المقصود.

متى يجب زيارة الطبيب؟

في حال كنت تعاني من أحد أعراض القرحة الهضمية التي ذكرناها سابقًا أو تشك بإصابتك بها فعليك زيارة الطبيب.

وفي حال ملاحظة أي عرض من الأعراض التالية فعليك بزيارة الطبيب على الفور إذ من الممكن أن تشير إلى إصابتك بنزيف داخلي:

  • براز داكن. 
  • ألم حاد ومفاجئ يزداد سوءًا.
  • إقياء دموي أو إقياء بلون طحل القهوة.

كيف يتم تشخيص القرحة الهضمية؟

بدايةً سيقوم الطبيب بطرح مجموعةٍ من الأسئلة حول التاريخ الطبي للمريض ومن ثم إجراء فحص سريري دقيق للمريض، ولتأكيد التشخيص من الممكن أن يقوم الطبيب بطلب مجموعة من الفحوصات منها:

اختبارات الملوية البوابية

في حال الشك بأن سبب الإصابة هو الملوية البوابية فقد يُوصي الطبيب بأحد الاختبارات التالية:

  • اختبار التنفس والذي يعد أسهل طريقة لاكتشاف بكتيريا الملوية البوابية، حيث يتم فيه شرب مشروبًا يحتوي على اليوريا التي تتحلل بواسطة الملوية البوابية وتطلق موادًا نلاحظها في الأنفاس.
  • اختبارات الدم يتم فيه فحص عينة من الدم بحثًا عن الأجسام المضادة لجرثومة الملوية البوابية.
  • اختبار البراز يتم فيه أخذ عينة من البراز للبحث عن الجرثومة.

التنظير 

يستطيع الطبيب في هذا الإجراء النظر إلى داخل المعدة وبداية الأمعاء الدقيقة مباشرةً والبحث عن القرحة وذلك عن طريق إدخال أنبوبٍ رفيع ومرن مزود بكاميرا عبر الفم.

كما يستطيع الطبيب عبر هذا الإجراء أخذ خزعة أي عينة صغيرة من القرحة ليتم اختبارها بحثًا عن الملوية البوابية.

اختبارات تصويرية

في كثير من الأحيان، يتم استخدام اختبارات التصوير مثل الأشعة السينية والتصوير المقطعي للكشف عن القرحة، والتي يجب أن يتم فيها شُرب سائل محدد (الباريوم) يغلف الجهاز الهضمي ويجعل القرحة أكثر وضوحًا لأجهزة التصوير.

كيف يتم علاج القرحة الهضمية؟

على الرغم من إمكانية التئام القرحة من تلقاء نفسها في بعض الأحيان إلا أنه يجب عدم تجاهل العلامات التحذيرية إذ من الممكن أن تتفاقم الحالة وتؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة في حال عدم علاجها.

ويجب الإشارة إلى أن العلاج يعتمد نوعًا ما على السبب الذي أدى إلى حدوث القرحة، ومن العلاجات المتبعة ما يلي:

  • أدوية الصادات الحيوية المضادة لجرثومة الملوية البوابية.
  • أدوية تمنع إنتاج الحمض وتحفّز الشفاء مثل مثبطات مضخة البروتون والتي منها أوميبرازول، لانسوبرازول، رابيبرازول، إيسومبرازول وبانتوبرازول.
  • أدوية تقلل من إنتاج الحمض مثل حاصرات الهيستامين والتي منها فاموتيدين، سيمتيدين ونيزاتيدين.
  • أدوية الواقيات الخلوية التي تساعد على حماية الأنسجة المبطنة للمعدة والأمعاء الدقيقة والتي منها ساكرالفات وميزوبروستول.

أما في حال نزف القرحة فمن الممكن أن يقوم الطبيب بمعالجتها أثناء التنظير عن طريق حقن الأدوية فيها، كما بإمكانه استخدام المشبك أو الكي (الأنسجة المحترقة) لإغلاقه وإيقاف النزيف.

ما هي السبل المتبعة لمنع الإصابة بالقرحة الهضمية؟

إن اتباع التوصيات التالية يساعد في الوقاية من القرحة:

  • الوقاية من العدوى: فمن الممكن الوقاية من جرثومة الملوية البوابية عن طريق غسل اليدين بشكل متكرر بالماء والصابون وتناول الأطعمة المَطهية بشكل كامل.
  • استخدام مُسكنات الألم غير الستيروئيدية بحذَر: من الممكن مناقشة الطبيب حول إمكانية استخدام بدائل عن هذه الأدوية، أو اتخاذ إجراءات وقائية في حال عدم القدرة على التوقف عن استخدامها كأخذ أقل جرعة ممكنة وتناولها مع وجبات الطعام. 
  • الإقلاع عن التدخين.
  • الابتعاد عن الكحول.

بعض الأسئلة الشائعة حول القرحة الهضمية

هل يمكن أن تسبب القهوة والأطعمة الغنية بالتوابل القرحة؟

لا تسبب القهوة والأطعمة الغنية بالتوابل القرحة، بل تعد هذه الفكرة من المفاهيم الشائعة الخاطئة، إلا أنها من الممكن أن تزيد الأعراض سوءًا في بعض الحالات.

هل يمكن الشفاء من القرحة؟

في غالب الحالات يكون العلاج الذي يستهدف أسباب القرحة كافيًا لعلاجها والوصول إلى الشفاء التام، إلا أنها من الممكن أن تنكس وتتكرر في بعض الحالات خاصةً في حال عدم الالتزام بنصائح الطبيب والابتعاد عن عوامل الخطر.

هل القرحة تلتئم من تلقاء نفسها؟

من الممكن أن تلتئم القرحة من تلقاء نفسها في بعض الأحيان، لكن يجب ألا تتجاهل العلامات التحذيرية، فبدون العلاج المناسب يمكن أن تؤدي القرحة إلى مشاكل صحية خطيرة.

كم من الوقت تستغرق القرحة للشفاء؟

عادةً ما يستغرق علاج القرحة عدة أسابيع.

هل يساعد شرب الحليب في علاج القرحة؟

قد يخفف الحليب مؤقتًا من آلام القرحة لأنه يغلف بطانة المعدة، إلا أن الحليب يتسبب أيضًا في زيادة إفراز المعدة للحمض والعصائر الهضمية، مما قد يجعل القرحة أسوأ.

المراجع

د. ريم الشطة
د. ريم الشطة

ريم الشطة، طالبة في كلية الطب البشري جامعة دمشق ومتطوعة في قسم السوشيال ميديا لفريق الكريات الحمراء ومهتمة بكل ما هو جديد وله علاقة بالطب.

المقالات: 46

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

20 − سبعة =