فهرس المحتوى
الصدر الجؤجؤي Pectus Carinatum، أو الصدر الحمامي Pigeon Chest، هو أحد التشوّهات النادرة التي تصيب الأطفال، ويتميّز ببروز عظم القص (عظم الصدر) أكثر من المعتاد نتيجة اضطراب في الغضروف المسؤول عن ربط الأضلاع بعظم الصدر.
وفي هذا المقال سنقوم بشرح حالة الصدر الجؤجؤي مع الأعراض المصاحبة لها، إلى جانب الأسباب وعوامل الخطر والخيارات العلاجية المتاحة للمريض مع التوقعات المستقبلية لحالته الصحيّة.
ما هو الصدر الجؤجؤي؟
يعدّ الصدر الجؤجؤي تشوّهًا نادرًا في جدار الصدر، حيث يندفع فيه عظم القص (عظم الصدر) ويبرز نحو الخارج بدلًا من أن يكون مسطحًا على جدار الصدر، وهو معاكس لحالة الصدر المقعّر.
ويجب في البداية معرفة أنّ جميع الأضلاع في جسم الإنسان متصلة بشكل مباشر أو غير مباشر بعظم القص عبر غضاريف تدعى بالغضاريف الضلعية.
وأثناء تطوّر جدار الصدر في حالة الصدر الجؤجؤي، تنمو الغضاريف الرابطة للأضلاع بشكل غير طبيعي، مما يؤدي إلى بروز ونمو غير متكافئ في منطقة اتصال الأضلاع بعظم القص.
وتصبح هذه الحالة أكثر وضوحًا خلال فترة البلوغ عندما يمر المصاب بطفرة النمو (الفترات القصيرة التي يحدث فيها نمو بدني سريع وزيادة في الوزن والطول)، حيث يتم تشخيص 90% من حالات الإصابة بالصدر الجؤجؤي بعد سن الـ11 عامًا.
ما مدى شيوع حالة الصدر الجؤجؤي؟
رغم أنّ الصدر الجؤجؤي هو ثاني أكثر تشوّهات الصدر شيوعًا عند الأطفال، إلا أنّه يعد نادرًا نوعًا ما، حيث يصيب حوالي 1 من كل 1500 طفل حول العالم، وهو أكثر انتشارًا لدى الذكور فيصيب أربع أضعاف عدد الذكور من الإناث.
ما هي أنواع الصدر الجؤجؤي؟
يوجد نوعان من الصدر الجؤجؤي وهما:
البروز الغضروفي Chondrogladiolar Prominence
وهو الشكل الأكثر شيوعًا لهذه الحالة، حيث يندفع فيها القسمان الأوسط والسفلي من عظم القص إلى الأمام، ويدعى الصدر في هذه الحالة بصدر الدجاج Chicken Breast.
البروز الغضروفي الشديد Chondromanubrial Prominence
وهذا الشكل أكثر ندرةً وتعقيدًا، حيث يتطوّر عظم الصدر على شكل حرف Z مع بروز الجزء العلوي للأمام، ويدعى الصدر في هذه الحالة بصدر الحمام النفاخ Pouter pigeon breast.
ما هي أسباب الإصابة بالصدر الجؤجؤي؟
إنّ السبب الدقيق المسؤول عن حدوث حالة الصدر الجؤجؤي غير معروف، لكن يمكن أن تكون الحالة وراثية، حيث لوحِظ أنّه من الممكن أن تؤثر الحالة على أكثر من فرد في العائلة الواحدة، كما لوحِظ أنّ هذا التشوّه متكرر عند الأشخاص الذين يعانون من حالات وراثية معينة، ونذكر منها ما يلي:
- متلازمة مارفان، وتتمثّل باضطراب في النسيج الضام في الجسم.
- متلازمة نونان.
- متلازمة إهلرز دانلوس.
- متلازمة موركيو، تتمثّل بنمو غير طبيعي للأنسجة والعظم مما يسبب التقزّم.
- متلازمة كوفين لوري.
- متلازمة القلب والوجه والجلد (المتلازمة القلبية الوجهية الجلدية).
- تكوّن العظم الناقص، المؤدّي إلى هشاشة العظام.
- اضطرابات التمثيل الغذائي، مثل البيلة الهوموسيستينية.
- شذوذات الصبغيات (كروموسومات)، مثل متلازمة داون، وهي اضطراب وراثي ناتج عن وجود نسخة إضافية من الصبغي 21، ومتلازمة إدواردز، وهي اضطراب وراثي ناتج عن وجود نسخة إضافية من الصبغي 18.
- متلازمة النمش المتعدد، وهي اضطراب وراثي يسبب تشوّهات للجلد.
عوامل خطر الإصابة
تعد أكثر شيوعًا لدى الذكور من الإناث، وعلى الرغم من أنّ الأطفال يولدون بهذه الحالة، إلا أنّه غالبًا لا يتم ملاحظتها حتى يبلغ الطفل سن البلوغ (عند المراهقة).
أعراض الإصابة بالصدر الجؤجؤي
تتباين شدّة الأعراض بين المرضى فتكون شديدةً عند بعض المصابين وخفيفةً عند البعض الآخر، وقد تشمل ما يلي:
- ألم الصدر.
- ألم ومضض في مناطق النمو الغير طبيعي للغضاريف الضلعية.
- سرعة وعدم انتظام في ضربات القلب.
- ضيق التنفس خاصة أثناء ممارسة الرياضة والقيام بنشاط.
- التعب والإرهاق.
- قد يتسبب بحدوث ربو أو التهابات متكررة في الجهاز التنفسي عند بعض الأطفال، رغم أنّه لا يسبب أضرارًا للأعضاء الداخلية عادةً.
- قد يكون الصدر أكثر بروزًا في أحد جوانب الصدر، مما يجعل منظر الصدر غير مستوٍ.
بعض الحالات المرضيّة المترافقة مع الصدر الجؤجؤي
- الأمراض القلبية.
- الجنف، وهو انحناء غير طبيعي في العمود الفقري.
- الحداب، وهو انحناء وتحدّب الظهر.
- التشوّهات والمشكلات العضلية الهيكلية.
كيف يتم تشخيص الإصابة بالصدر الجؤجؤي؟
لتشخيص الطفل بالصدر الجؤجؤي يجب أن يقوم الطبيب في البداية بأخذ التاريخ الطبي للمريض، والقيام بالفحص البدني وقياس جدار الصدر.
ثمّ يطلب الأطباء صورة بالأشعة السينية لإلقاء نظرة على الصدر من الأمام والجانب وتشكيل فكرة عن مدى خطورة الحالة.
كما قد يطلب الطبيب بعض الاختبارات الأخرى حسب كل حالة، وتتضمن هذه الاختبارات ما يلي:
- تصوير مقطعي CT أو تصوير بالرنين المغناطيسي MRI.
- مخطط كهربية القلب ECG، أو مخطط صدى القلب Echocardiogram خصوصًا عند المرضى الذين يعانون من خفقان القلب.
- اختبار الجنف (انحناء بالعمود الفقري).
- اختبار وظائف الرئة.
- الاختبارات الجينية نظرًا لارتباط الحالة بالعديد من المتلازمات الوراثية.
ما هو علاج حالة الصدر الجؤجؤي؟
بعض حالات الإصابة قد تكون لا عرضية وبالتالي لا تحتاج إلى علاج، وبعضها الآخر قد يكون مصحوبًا بأعراض وآثار جانبية، لكن على العموم تعتبر الناحية التجميلية المحور الرئيسي والهام في العلاج إلى جانب الأعراض.
وفي بعض الحالات وقبل بلوغ المصاب سن البلوغ، قد ينتظر الطبيب قبل اتخاذ قرار بشأن مسار العلاج، مما يتيح له الوقت لتحديد أفضل نهج.
لكن عمومًا هناك خياران رئيسيان للعلاج وهما الجراحة والتقويم.
التقويم Bracing
يعد تقويم الصدر العلاج الأكثر شيوعًا في حال الإصابة، خاصةً في الحالات الخفيفة والمعتدلة.
ويعد مبدأ عمل تقويم الصدر مشابه لمبدأ عمل تقويم الأسنان، حيث تُلبَس الدعامة حول الصدر وتوفر ضغطًا من الأمام والخلف لإعادة عظم الصدر إلى مكانه الطبيعي وشكله المعتاد.
يرتدي الطفل هذه الدعامات معظم اليوم ولمدة تتراوح من أشهر إلى سنوات، ويمكن إزالتها عند الاستحمام وممارسة الرياضة وغيرها من الأنشطة.
كما يمكن أن يؤدي رفع الأثقال عند الأشخاص ذوي الإصابة المعتدلة إلى زيادة الكتلة العضلية في الصدر، وبالتالي تحسين المظهر من خلال ملء شكل الصدر.
الجراحة
تكون الجراحة خيارًا فقط عندما يكون العلاج بتقويم الصدر غير فعّالًا، أو عند تجاوز سن البلوغ، كما تكون خيارًا عند وجود أعراض شديدة لدى المصاب.
تتضمن جراحة الصدر الجؤجؤي تقنية تسمى بإجراء رافيتش Ravitch procedure، حيث يتم إجراء شق في منتصف الصدر لإزالة الغضروف الأمامي، ومن ثمّ وضع دعامات من الفولاذ المقاوم للصدأ لدعم عظم الصدر ورفعه، تكون هذه الدعامات غير مرئية وتتم إزالتها لاحقًا أثناء إجراء جراحي.
وفي بعض الحالات يضطر الطبيب إلى كسر عظم الصدر لتغيير موضعه بدقة، وقد يحتاج بعض الأشخاص إلى قضيب صدر معدني يتم وضعه مؤقتًا داخل الصدر، ووصله مع الأضلاع.
بعض المضاعفات التي من الممكن أن تحدث نتيجة العلاج
بالنسبة لتقويم الصدر، فيعد علاجًا آمنًا تمامًا، وعدد قليل فقط من المرضى قد يتعرّض إلى تهيّج وتضرر للجلد عند مكان ملامسة الدعامات، وعند حدوث هذا التهيّج يُطلَب من المرضى إيقاف استخدام التقويم وطلب تعديله.
أمّا الإجراء الجراحي للصدر الجؤجؤي فينطوي على بعض المخاطر، إلا أنّ إجراء رافيتش آمن وفعًال، وتشمل مضاعفات الجراحة المحتملة ما يلي:
- استرواح الصدر (تراكم هواء في الحيز الجنبي حول الرئة).
- نزيف.
- انصباب جنبي (تراكم سائل حول الرئة).
- التهاب التامور (التهاب حول القلب).
- عودة حالة الصدر الجؤجؤي.
- حدوث عدوى.
ما هي التوقعات المستقبلية بالنسبة للمصابين؟
إنّ النظرة المستقبلية للمصابين جيدة جدًا، فلا تتأثر صحة الأطفال المصابة، وعادةً ما يكون المرضى الذين يرتدون تقويم الصدر أو الذين يجرون جراحة راضين تمامًا عن النتائج وعن المظهر الجمالي.
وأخيرًا وكما قد لاحظنا، إنّ حالة الصدر الجؤجؤي لا تُسبب عادةً أي مشاكل صحيّة خطيرة، إلا أنّها قد تسبب أعراض مزعجة لدى بعض الأطفال بما في ذلك الربو والتعب وألم الصدر وخفقان القلب، بالإضافة إلى بعض المشاكل الاجتماعية والنفسية بسبب المظهر الجمالي.
المراجع
- Medical News Today | What is pectus carinatum and can it be treated?
- Cleveland Clinic | Pectus Carinatum
- WebMD | What to know about pectus carinatum, or a protruding sternum