الصداع – ما مسبباته؟ ومتى يكون خطيرًا ومهددًا للحياة!

يعاني جميع الناس تقريبًا من الصداع، وقد عانينا منه جميعنا عدّة مرات خلال حياتنا.

الصداع البسيط ليس أكثر من مجرّد إزعاجٍ يمكن تخفيفه عن طريق مسكنات الألم التي لا تستلزم وصفة طبية أو بتناول بعض الأطعمة أو براحة خفيفة، ولكن إذا كان الصداع شديدًا أو غير عادي! فقد يقلق البعض بشأن السكتة الدماغية أو الورم أو جلطة الدم، لكن ولحسن الحظ فإن هذه المشاكل نادرة. 

لذا من المهم أن تعرف متى يحتاج الصداع إلى استشارةٍ طبيةٍ عاجلة؟ وكيف تتمّ السيطرة على الغالبية العظمى من حالات الصداع التي لا تهدد الصحة والحياة؟

ما هو الصداع؟

الصداع Headache هو الشعور بألم أو انزعاج في الرأس أو الوجه، للصداع أشكالٌ مختلفةٌ وكثيرة من حيث موقع حدوث الألم، شدته، وعدد مرات حدوثه وتكرره.  

لا تحتوي أنسجة المخ على ألياف عصبية حساسة للألم ولا تشعر بالألم، فالألم ليس من نسيج الدماغ! لكن توجد أجزاء أخرى من الرأس يمكن أن تكون مسؤولة عن الصداع، وأهمها:

  • شبكة من الأعصاب تمتد فوق فروة الرأس.
  • بعض الأعصاب في الوجه والفم والحنجرة.
  • عضلات الرأس والرقبة والكتفين.
  • الأوعية الدموية الممتدة على سطح وقاعدة الدماغ

ما هي أنواع الصداع؟

للصداع أنواع كثيرة جدًا! فله ما يزيد عن 150 نوع، وليسهل علينا تناول أنواع الصداع تمّ تصنيفها إلى:

  • الصداع الأولى: وهو الصداع الذي لا يحدث نتيجةً أو مضاعفةً لمرض معيّن، فالخلل غالبًا ما يكون وظيفي في هذا النوع.
  • الصداع الثانوي: هو الصداع الذي ينجم عن مرض معيّن، وقد يكون عرضًا أو مضاعفةً لمرض ما.

الصداع الأوّلي

يؤدي الخلل الوظيفي أو النشاط الزائد للمناطق شديدة الحساسية للألم إلى الإصابة بهذا النوع، فالصداع هنا ليس عرضًا وليس ناجمًا عن حالةٍ طبيةٍ كامنة، كما قد يكون لدى بعض الأشخاص جينات تجعلهم أكثر عرضةً للإصابة بهذا النوع.

وتشمل أنواع الصداع الأولي ما يلي:

  • الصداع التوتري (أكثر أنواع الصداع شيوعًا).
  • الصداع النصفي (الشقيقة).
  • الصداع العنقودي.
  • الصداع اليومي المستمر.

كما يمكن أن تنجم بعض أنواع الصداع الأولي عن عوامل متعلّقة بنمط الحياة، وأهم هذه العوامل:

  • تناول الكحول، وخاصة النبيذ الأحمر.
  • تناول بعض الأطعمة، مثل اللحوم المصنّعة التي تحتوي على النترات (الصداع الناتج عن الطعام).
  • تناول النيكوتين (فيحدث لدى المريض صداع النيكوتين).
  • حدوث تغيّرات في النوم أو قلّة النوم.
  • الوضعيات غير الصحية.
  • القيام بنشاط بدني، مثل ممارسة الرياضة (فيحدث صداع المجهود).
  • عدم تناول جميع الوجبات المطلوبة في اليوم (فيحدث صداع الجوع).
  • القيام بالسعال، أو العطاس، أو التمخّط، أو الإجهاد (كما هو الحال عند التبرّز)، أو الضحك أو البكاء بقوة (فيحدث صداع السعال الأولي).

من المهم معرفة أن الصداع الأولي عادةً لا يكون خطيرًا، ولكنه قد يكون مؤلمًا جدًا.

الصداع الثانوي

في الصداع الثانوي توجد حالة طبية كامنة مسبّبة له، حيث يعتبر عرضًا أو علامةً على حالةٍ ما، وفي بعض الحالات يشفى الصداع وحده بمجرد معالجة الحالة المرضية المسببة له.

وتشمل أنواعه ما يلي:

  • الصداع الناتج عن الجفاف.
  • صداع الجيوب الأنفية.
  • الإفراط في تناول أدوية الصداع.

كما تشمل أنواع الصداع الثانوي التي يمكن أن تكون علامةً على حالة خطيرة أو قد تهدد الحياة ما يلي:

الصداع الشوكي

هو صداع شديد يحدث عندما يتسرّب السائل الشوكي لخارج موقعه بعد القيام بإجراء البزل الشوكي، ويمكن علاج معظم حالاته في المنزل، لكن يمكن أن يسبب الصداع الشوكي غير المعالج مضاعفات تهدد الحياة.

صداع قصفة الرعد

هو صداع مؤلم للغاية يأتي فجأةً كالرعد، يصل هذا الصداع إلى أشد آلامه خلال دقيقة واحدة ويستمرّ لمدة خمس دقائق على الأقل، ومن المهم طلب العناية الطبّية الفورية عند حدوثه لأنه يمكن أن يكون علامةً على:

  • إصابة في الرأس.
  • نزيف دماغي.
  • متلازمة تضيق الأوعية الدماغية العكوسة.
  • ارتفاع مفاجئ وشديد في ضغط الدم.

ما هي أسباب الصداع؟

الألم الذي تشعر به أثناء الصداع يأتي من مزيج من الإشارات بين الدماغ والأوعية الدموية والأعصاب القريبة. 

وتشمل الأسباب الشائعة للصداع ما يلي:

  • وجود مرض ما: كالالتهابات ونزلات البرد والحمى، ويعدّ الصداع شائعًا أيضًا مع حالات مثل التهاب الجيوب الأنفية، التهاب الحلق، والتهاب الأذن.  
  • رض: ففي بعض الحالات، يمكن أن ينجم الصداع عن ضربة على الرأس.
  • الضغط والتوتر العاطفي والاكتئاب.
  • تعاطي الكحول.
  • عدم تناول وجبات الطعام اليومية بانتظام.
  • التغيرات في عادات النوم.
  •  تناول الكثير من الأدوية
  • إجهاد الرقبة أو الظهر بسبب الوضعية السيئة.
  • الوراثة: يميل الصداع وخاصةً الصداع النصفي إلى الانتشار في العائلات، فمعظم الأطفال والمراهقين (90%) الذين يعانون من الصداع النصفي لديهم أفراد آخرون في العائلة مصابون به، وعندما يكون لدى كلا الوالدين تاريخ من الصداع النصفي، هناك احتمال بنسبة 70٪ أن يصاب طفلهما به أيضًا! أمّا إذا كان أحد الوالدين فقط لديه تاريخ من هذا الصداع، فإن الخطر ينخفض ​​إلى 25٪ – 50٪.

ما هي أعراض الصداع؟

تختلف شدّة الصداع من مزعج فقط إلى مؤلم للغاية، فقد يعاني المريض من:

  • الخفقان أو شعور عاصر في الرأس.
  • ألم مستمر أو متقطّع في الجزء الخلفي من الرأس وأعلى الرقبة أو خلف العينين.
  • الشعور بضغط في الصدغين.
  • في بعض حالات الصداع، يشعر المريض بشعور وخز في العين، أو طعنة في الدماغ، أو شريط من الضغط حول الرأس.

عادةً ما يحدث الصداع بمفرده، ولكن قد تُصاحبه أعراض أخرى، ويمكن أن تكون الأعراض المرتبطة بالصداع مهمّة لتحديد السبب الكامن وراء الصداع.

وتشمل الأعراض التي قد تحدث ما يلي:

  • عدم وضوح الرؤية (التشويش) 
  • الارتباك.
  • صعوبة المشي أو التحدث.
  • النعاس المفرط.
  • الغثيان والقيء.
  • الحمى.
  • آلام الرقبة.
  • تصلب الرقبة.
  • زيادة الحساسية للضوء أو الضوضاء.

ما هي مضاعفات الصداع؟

إنّ المضاعفات لا تكون بسبب الصداع بحدّ ذاته! لكنّها تحدث بسبب علاجاته، فعلى سبيل المثال:

  • يسبب الاستخدام المُفرط لمضادات الالتهاب غير الستيروئيدية NSAIDs آلامًا في المعدة ونزيفًا في الجهاز الهضمي.
  • يسبب التناول المُفرِط لأدوية الصداع صداعًا ارتداديًّا، فإن تناول مسكنات الألم بشكل متكرر ليس بالأمر الجيد، ويعدّ خطيرًا ويجب علاجه عن طريق إيقاف الدواء عن طريق الطبيب.

كما تشمل المضاعفات نادرة الحدوث للصداع ما يلي:

  • الحالة الشقيقية: فتحدث عندما تستمر نوبة الصداع النصفي لمدة أطول من 72 ساعة، وقد وتطلب العلاج بالأدوية الوريدية.
  • احتشاء الصداع النصفي: يحدث عندما تتطوّر السكتة الدماغية مع نسمة الصداع النصفي.
  • النسمة المستمرّة بدون احتشاء (PMA): يمكن أن تستمر النسمة السابقة للشقيقة لمدة أسبوع أو أكثر.
  • النوبات المُرتبطة بالصداع النصفي: وتتطلب النوبة علاجات مختلفة عن الصداع النصفي.

كيف يتمّ تشخيص الصداع؟

يركّز الطبيب على شكايات المريض، فمعظم المعلومات حول نوع الصداع تأتي من التاريخ الطبي، ولذلك من المهم حقًا أن يفكّر المريض في تطوّرات الحالة وخصائص الصداع الذي يعاني منه.

يقوم الطبيب بتوجيه الفحص السريري ثم إجراء اختبارات للمرض الذي يشكّ أنه مسببًا للصداع، فيسأل عن:

  • التاريخ المرضي والدوائي: من المهم أن يعرف الطبيب الحالات المرضية الأخرى التي يعاني منها  المريض، بالإضافة إلى أيّ أدوية أو مكمّلات غذائية أو علاجات عشبية أو أنواع شاي يتناوله المريض.
  • التاريخ العائلي: يهتم الطبيب بمعرفة إذا كان أيّ شخصٍ من أفراد عائلة المريض يعاني من الصداع، وهل عانى أحد منهم من نوبات صداع نصفي سابقًا، وفي أي عمر بدأ الصداع لديه، فبعض أنواع الصداع كالصداع النصفي له مكوّن وراثي.
  • الفحص البدني: سيقوم الطبيب بفحصك، وسيركّز في فحصه على رأسك ورقبتك وكتفيك.
  • الفحص العصبي: قد يشمل اختبارات الرؤية والسمع والأعصاب.
  • اختبارات الدم والبول: وذلك للبحث عن العدوى والحالات المرضية الأخرى التي يكون الصداع من أعراضها.
  • اختبار السائل الدماغي الشوكي: قد يكون هذا ضروريًا إذا كان طبيبك يشتبه في أن صداعك ناجمًا عن أنواع معينة من العدوى أو عن نزيفٍ في الدماغ.
  • اختبارات التصوير: قد يتمّ طلب التصوير المقطعي أو التصوير بالرنين المغناطيسي، يمكن أن تُظهِر اختبارات التصوير هذه التغيّرات في العظام والأوعية الدموية بالإضافة إلى كشفها للخراجات أو الأورام التي يمكن أن تسبب الصداع.
  • مخطط كهربية الدماغ: يمكن أن يُظهر هذا الاختبار لطبيبك ما إذا كانت هناك تغييرات في نشاط موجات الدماغ، فيساعد في تشخيص أورام الدماغ والنوبات وإصابات الرأس.

كيف يتمّ علاج الصداع؟

سيخبرك الطبيب الخاص بك بأفضل علاج لصداعك بناءً على:

  • عمرك.
  • صحتك العامة وتاريخك المرضي.
  • شدة مرضك.
  • مدى قدرتك على التعامل مع الأدوية أو الإجراءات أو العلاجات المحددة.
  • المدة التي من المتوقّع أن تستمر فيها الحالة المرضية.

فالهدف الأول من العلاج هو منع حدوث الصداع، لذا ينصح الطبيب بما يلي: 

  • تجنّب المحفزات المعروفة، مثل بعض الأطعمة والمشروبات، وقلة النوم، والصيام.
  • تغيير عادات الأكل.
  • التمرين الرياضي.
  • أخذ قسط من الراحة في مكان هادئ ومظلم.
  • تناول الأدوية الموصوفة.

أما الهدف الثاني هو معرفة نوع الصداع الذي يعاني منه المريض للتعامل معه بشكل صحيح، فمثلًا يحتاج الصداع النصفي والصداع العنقودي إلى علاج محدد.

هل الوقاية من الصداع ممكنة؟

الفكرة الأهم في منع الصداع هي معرفة مسبباته! فمحفّزات الصداع محددة جدًا لكل شخص، فما يسبب لك صداعًا قد لا يمثّل مشكلةً للآخرين، وبمجرد تحديد المحفّزات الخاصة بك، يمكنك تجنبها أو التقليل منها.

على سبيل المثال، قد تجد أن الروائح القوية تثير صداعك، فتتجنب العطور والمنتجات المعطّرة، وينطبق الشيء نفسه على المحفزات الشائعة الأخرى مثل الأطعمة المزعجة وقلة النوم والوضعيات السيئة.

أسئلة شائعة

ما الفرق بين الصداع والشقيقة؟

الشقيقة (الصداع النصفي) هو نوع من أنواع الصداع الأولية.

والصداع النصفي هو حالة عصبية شائعة تسبب مجموعةً متنوعة من الأعراض، أبرزها الصداع النابض على جانب واحد من الرأس، غالبًا ما يتفاقم الصداع النصفي مع النشاط البدني أو الأضواء أو الأصوات أو الروائح، وعادةً ما تستمر نوبة الشقيقة لمدة أربع ساعات على الأقل أو حتى أيام.

كيف يمكنني التخلص من الصداع؟

يمكنك علاج الصداع العرَضي الخفيف في المنزل باستخدام مسكنات الألم المُتاحة دون وصفة طبية، تشمل علاجات الرعاية الذاتية الأخرى للصداع ما يلي:

  • وضع كمادات دافئة أو باردة على رأسك.
  • ممارسة تمارين التمدد.
  • تدليك الرأس أو الرقبة أو الظهر.
  • الراحة في غرفة مظلمة وهادئة.
  • المشي.

متى يجب عليّ الذهاب إلى الطبيب على الفور أو الذهاب للطوارئ بسبب الصداع؟

إذا عانيت من أحد الحالات التالية:

  • عانيت من صداع شديد لم يسبق لك أن عانيته لأول مرة في حياتك، وجعلك تتوقف عن أنشطتك اليومية.
  • أُصبت بالصداع مباشرةً بعد ممارسة أنشطة مثل رفع الأثقال أو التمارين الرياضية أو الركض أو ممارسة الجنس.
  • أتى صداعك فجأة ويكون متفجرًا أو عنيفًا للغاية.
  • حدث لديك أيٌّ مما يلي: صعوبة في الكلام، تغيّرات في الرؤية، مشاكل في تحريك الذراعين أو الساقين، فقدان التوازن، الارتباك، فقدان الذاكرة مترافقًا مع الصداع.
  • يزداد صداعك سوءًا خلال 24 ساعة.
  • لديك أيضًا حمى وتيبّس في الرقبة، والغثيان والقيء مع الصداع.
  • حدث صداعك نتيجةً لإصابة في الرأس.
  • صداعك شديد وفي عين واحدة فقط، مع احمرارٍ في تلك العين.
  • لديك تاريخ من الإصابة بالسرطان وأُصبت بصداع جديد.
  • عند وجود ضعف في جهاز المناعة لديك بسبب المرض (مثل الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية)، أو بسبب الأدوية (مثل أدوية العلاج الكيميائي).

المراجع

د. ماسه الفوال
د. ماسه الفوال

ماسه الفوال طالبة طب بشري في جامعة دمشق، أحب كتابة وصناعة المحتوى خصوصًا المتعلق بالأمراض النفسية والصحة النفسية والأمراض العصبية، أستطيع إضافة لمسة إبداعية لكل ما أراه.

المقالات: 39

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × 2 =