الحمى – بين الطبيعي والخطير! حالة تصيب جميع البشر دون استثناء

كم مرّة شعرت بهذا الشعور! وكأنك كتلة تتجمد بردًا من الداخل، لكنّك تحترق من الخارج بسبب ارتفاع حرارتك الشديد.

ألم تتساءل؟ لماذا حدث معي ارتفاع الحرارة هذا؟ ولماذا ترافق مع القشعريرة والشعور بالبرد وآلام العضلات والعظام والتعب العام الذي يجعلني لا أترك السرير؟

إنّها الحمى! تتعدد الأسباب وراءها بكثرة، وتختلف الأعراض التي تترافق معها، كما ويختلف علاجها بحسب شدّتها فالحرارة الخفيفة لا تُعالج كالحرارة المرتفعة بشدّة.

أما عن سبل الوقاية منها، فمعظم هذه السبل نسمعها ولا ننفذّها بدقّة مع الأسف! على الرغم من أهميتها الشديدة.

ما هي الحمى؟

الحمّى Fever أو ارتفاع درجة الحرارة هي عبارة عن ارتفاع في درجة حرارة الجسم فوق الطبيعي، وعادةً ما تكون الحمى علامةً على أن جسمك يحُارب ضدّ عدوى دخلت إليه.

تختلف درجات حرارة الجسم الطبيعية من شخصٍ لآخر، كما أنها تتقلب لدى الشخص ذاته حتّى! فعادةً ما تكون أكثر انخفاضًا في الصباح وأعلى في المساء، كما وترتفع عند ممارسة الرياضة، وإذا كنتِ أنثى فمن الممكن أن تكون درجة حرارتك أعلى خلال فترات معينة من دورتك الشهرية.

عادةً ما يكون للرضع والأطفال الصغار درجات حرارة أعلى قليلًا من الأطفال الأكبر سنًا والبالغين، لذا فإنّ درجة الحمى لدى الرضع والأطفال الصغار تكون أعلى قليلًا منها لدى البالغين.

فمع كلّ ما ذكرنا، لا توجد إرشادات صارمة حول درجة حرارة الحمى، لأن درجة حرارة الجسم تختلف باختلاف الشخص والوقت من اليوم وطريقة القياس، لكنّها مع ذلك تقع في نطاق 36.1° إلى 37.2° درجة مئوية، ولا نقول أنّ الشخص مصابًا بالحمى إلا إذا كانت درجة حرارة جسمه فوق 38° درجة مئوية مقاسة فمويًّا.

ويعتبر الأطباء ارتفاع الحرارة الأقل من ذلك على أنه حمى منخفضة الدرجة (أو حمى خفيفة).

ما هي الحمى منخفضة الدرجة؟

الحمّى المنخفضة الدرجة (أو الحمّى الخفيفة) تعني ارتفاع درجة حرارة الجسم فوق المعدّل الطبيعي بقليل، وقد تشير هذه الحمى على تنشيط جهاز المناعة لديك بشكل خفيف.

يعتبر معظم الأطباء أنها درجة حرارة  الجسم بين 37.5° و 38.3° درجة مئوية

كيف تحدث الحمى؟

يعدّ الوطاء (وهو جزء من الدماغ) مسؤولًا عن درجة حرارة الجسم فيتحكّم بها استجابةً لعدوى أو مرض أو أيّ سبب آخر، لذلك عندما تُصاب بالحمى، فهذه علامةٌ على حدوث شيء ما في جسمك.

ما هي أعراض الحمى؟

عندما يصاب شخص ما بالحمّى، قد يعاني من الأعراض التالية:

  • القشعريرة والرجفان والشعور بالبرد.
  • التعرّق.
  • نقص الشهية.
  • تظهر على المريض علامات التجفاف.
  • الحساسية المتزايدة للألم.
  • نقص الطاقة والشعور بالنعاس.
  • ألم الجسد والصداع.
  • التعب العام.
  • احمرار البشرة أو سخونة الجلد.
  • تسرّع ضربات القلب.
  • صعوبة التركيز.

وإذا كان الطفل يعاني من الحمّى، فقد يعاني مما يلي:

  • سخونة جسمه، فتشعر بالحرارة عند لمسه.
  • احمرار الخدين.
  • التعرّق.
  • وجع الأذن أو شد الأذنين.
  • بكاء عالي النبرة.
  • العطش الشديد.
  • قلة التبول.
  • نقص الشهية.
  • ومع ارتفاع درجة الحرارة، قد يكون هناك أيضًا أعراض تهيّج، وارتباك، وهذيان.

ما هي أسباب الحمى؟

يمكن أن تنجم الحمّى عن عوامل مختلفة، أهمها:

  • العدوى المختلفة؛ كالتهابات العظام (التهاب العظم والنقي)، التهاب الزائدة الدودية، التهاب الجلد أو التهاب النسيج الخلوي، التهاب السحايا.
  • التهابات الجهاز التنفسي مثل نزلات البرد أو الأمراض الشبيهة بالإنفلونزا، التهاب الحلق، التهابات الأذن، التهابات الجيوب الأنفية، داء كثرة الوحيدات الخمجية، التهاب الشعب الهوائية، الالتهاب الرئوي، السل، فيروس كورونا.
  • التهابات الجهاز الهضمي مثل التهاب الكولون التقرحي وداء كرون.
  • التهابات المسالك البولية.
  • قد تسبب اضطرابات المناعة الذاتية الحمّى أيضًا؛ كالتهاب المفاصل الروماتويدي والذئبة الحمامية الجهازية.
  • بعض الأدوية، كالصادات الحيوية ومضادات الهيستامين وأدوية الصرع.
  • قد يعاني الأطفال والبالغون من حمى منخفضة الدرجة لمدة يوم أو يومين بعد بعض التطعيمات (اللقاحات).
  • تعريض الجلد لأشعة الشمس أو حروق الشمس.
  • ضربة الشمس، إما بسبب ارتفاع درجات الحرارة المحيطة أو ممارسة التمارين الشاقّة لفترات طويلة.
  • التجفاف.
  • السحار السيليسي، وهو نوع من أمراض الرئة ينتج عن التعرّض طويل الأمد لغبار السيليكا (ثنائي أوكسيد السيليكون).
  • تعاطي الأمفيتامين.
  • انسحاب الكحول (أي إيقاف الكحول بغرض التعافي منه).
  • الجلطات الدموية.
  • كما قد تكون الحمى العرض الأول لبعض أنواع السرطانات، مثل لمفوما هودجكن، لمفوما لاهودجكن، اللوكيميا.

ما هي مضاعفات الحمى؟

إذا تُركت الحمّى دون معالجة وكانت تزيد عن 40° درجة مئوية، فستترك عقابيل خطيرة! حيث تبدأ أعضاء الجسم بالتعطّل وتصل نهايةً للفشل.

والأمر لا ينتهي عند درجات الحرارة المرتفعة للغاية، فحتى الحمّى المعتدلة يمكن أن تشكل خطورةً على البالغين المصابين باضطراباتٍ في الرئة أو القلب لأن الحمى تسبب زيادة معدّل التنفس ومعدل ضربات القلب.

يمكن أن تؤدي الحمى أيضًا إلى تفاقم الحالة المرضية العقلية لدى الأشخاص المصابين بالخرف.

كيف يتمّ تشخيص الحمى؟

أفضل طريقة لتشخيص الحمى هي قياس درجة الحرارة بميزان حرارة، وهناك عدّة أنواع من موازين الحرارة، ومنها ما يلي:

  • ميزان حرارة رقمي (فموي أو شرجي أو تحت الإبط).
  • مقياس حرارة طبلي (الأذن): وهو غير موصى به للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 6 أشهر.
  • قياس درجة الحرارة عبر منطقة الجبهة.

على الرغم من سهولة قياس الحمى باستخدام مقياس حرارة، إلا أنّ معرفة السبب الكامن وراءها قد يكون صعبًا، فكما ذكرنا هناك العديد والعديد من مسببات الحمى.

سيقوم الطبيب بالفحص البدني الكامل، ثمّ سيسألك عن الأعراض والحالات المرضية التي مررت بها سابقًا والأدوية التي تتناولها.

سيسألك الطبيب أيضًا ما إذا كنت قد سافرت مؤخرًا إلى مناطق بها عدوى أو لديك مخاطر عدوى، فمثلًا عدوى الملاريا قد تسبب حمى، وفي بعض المناطق في الولايات المتحدة تكثر الإصابة بمرض لايم وحمى الجبال الصخرية المبقعة.

قد يسألك طبيبك عمّا إذا كنت بالقرب من شخص مصاب بفيروس كورونا، أو إذا لديك أيّ أعراض أخرى لـ COVID-19.

في بعض الأحيان، قد يكون لديك “حمى مجهولة المنشأ“، وفي مثل هذه الحالات قد يكون السبب حالة غير عادية أو غير واضحة مثل العدوى المزمنة أو اضطراب النسيج الضام أو السرطان أو مشاكل غيرها.

كيف تتم معالجة الحمى؟

تعدّ الحمى الخفيفة جزءًا من استجابة الجهاز المناعي للبكتيريا والفيروسات ومسبِّبَات الأمراض الأخرى، كما تساعد الجسم على محاربة العدوى، ومع ذلك يمكن أن تكون غير مريحة للمريض الذي يُقاوم المرض.

كما يمكن أن تؤدي الحمى الشديدة في بعض الأحيان إلى مضاعفات شديدةٍ

ولهذا السبب، قد يوصي الأطباء أحيانًا بأدوية تسمى خافضات الحرارة لخفض درجة حرارة الشخص.

تشمل الأمثلة مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية (NSAIDs)، مثل الإيبوبروفين. 

يمكن للأسيتامينوفين (سيتامول) أيضًا تقليل الحمى.

وقد يساعد الأسبرين في تخفيض الحرارة، مع التنويه أنّه غير مناسب للأطفال وقد لا يكون مناسبًا للأشخاص الذين يتناولون مميعات الدم.

إذا كان الشخص يتعرّق كثيرًا، فقد يعاني من التجفاف، وفي هذه الحالة يجب أن يستهلك الكثير من السوائل لمنع حدوث مضاعفات خطيرة للتجفاف.

معالجة السبب

الحمى هي عرض وليست مرض! لذا قد يرغب الطبيب في إجراء اختبارات لتحديد السبب وراءها.

إذا كانت الحمى ناتجةً عن عدوى بكتيرية، فقد يصف الطبيب صادًّا حيويًا.

أما إذا كان ناتجةً عن عدوى فيروسية، فقد يوصي الطبيب باستخدام مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية لتخفيف الأعراض.

لن تساعد مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية إذا كانت الحمى بسبب الطقس الحار أو التمارين الشاقة المستمرة، وفي هذه الحالات، من الضروري تبريد الشخص، وإذا كان فاقدًا للوعي فسيكون بحاجةٍ إلى رعايةٍ طبّيةٍ فورية.

كيف يمكنني معالجة الحمى في المنزل؟

إذا كانت الحمى خفيفة (أقل من 38.3° درجة مئوية) فلن تحتاج عادةً إلى علاج بالأدوية، تأكد من شرب الكثير من السوائل والحصول على قسطٍ وافرٍ من الراحة، قد يساعد أخذ حمام فاتر في خفض درجة حرارة الجسم أيضًا، لكن من المهم أن تراقب علامات التجفاف والأعراض الأخرى المتفاقمة.

إذا كنت تشعر بعدم الارتياح وكانت درجة حرارتك أعلى من 38.3° درجة مئوية، فيمكنك أن تتناول الأدوية  التي لا تستلزم وصفةً طبيةً، فهي الطريقة الأكثر شيوعًا للتخلص من الحمى، مثل الأسيتامينوفين ومضادات الالتهاب غير الستيروئيدية (NSAIDs)، بما في ذلك الإيبوبروفين والنابروكسين والأسبرين.

كيف يمكنني الوقاية من الإصابة بالحمى؟

يعد الحدّ من التعرّض للعوامل الممرضة المُعدية أحد أفضل الطرق للوقاية من الحمى، فكما ذكرنا غالبًا ما تتسبب العوامل المعدية في ارتفاع درجة حرارة الجسم.

وسنذكر لكم بعض النصائح التي يمكن أن تساعد في تقليل التعرّض:

  • اغسل يديك كثيرًا، خاصّة قبل الأكل وبعد استخدام المرحاض وبعد التواجد في أماكن مكتظّة بالناس.
  • علّم أطفالك كيفية غسل أيديهم بشكل صحيح، اطلب منهم تغطية كل من وجه وظهر اليد بالصابون وشطفها جيدًا تحت الماء الدافئ.
  • احمل معك مطهّرًا لليدين أو مناديل معقّمة مضادة للبكتيريا، فيمكن أن تكون مفيدة عندما لا يتوفر لديك الماء والصابون.  
  • تجنّب لمس أنفك أو فمك أو عينيك، حيث يؤدي القيام بذلك إلى تسهيل دخول الفيروسات والبكتيريا إلى جسمك وإحداث العدوى.
  • قم بتغطية فمك عند السعال وأنفك عند العطاس، وعلّم أطفالك أن يفعلوا نفس الشيء.
  • تجنّب مشاركة الأكواب والنظارات وأدوات الأكل وكلّ الأدوات الشخصية مع الآخرين.

متى يجب عليّ الذهاب إلى الطبيب بسبب الحمى؟

يمكن علاج الحمى الخفيفة في المنزل عادةً، ومع ذلك يمكن أن تكون الحمى من أعراض حالةٍ طبيةٍ خطيرة تتطلب علاجًا سريعًا.

سنفصّل في كل مرحلة عمرية، ومتى يتطلّب كلّ منها زيارة الطبيب بشكل عاجل، فيجب أن تأخذ طفلك الرضيع إلى الطبيب إذا كان:

  • عمره أصغر من 3 أشهر وحرارته تزيد عن 38° درجة مئوية.
  • عمره بين 3 و 6 أشهر من العمر، وتزيد حرارته عن 38.9° درجة مئوية، ويبدو لك أنه أقرب للتهيّج أو خامل.
  • عمره بين 6 و 24 شهرًا ودرجة حرارته أعلى 38.9° درجة مئوية وتستمر لفترة أطول من يوم واحد.

 يجب أن تأخذ طفلك إلى الطبيب إذا:

  • تجاوزت درجة حرارة الجسم 39° درجة مئوية.
  • عانى من الحمى لأكثر من ثلاثة أيام.
  • لم يعد يقوم بتواصل بصري معك كالسابق.
  • يبدو مضطربًا أو سريع الانفعال.
  • حصل مؤخرًا على تطعيمٍ (لقاح) واحد أو أكثر.
  • لديه مرض طبّي خطير أو جهاز مناعي ضعيف.
  • سافر مؤخرًا إلى دولة نامية.

 يجب عليك الاتصال بطبيبك إذا كنت:

  • تجاوزت درجة حرارة الجسم °39.4 درجة مئوية.
  • عانيت من الحمى لأكثر من ثلاثة أيام.
  • لديك مرض طبّي خطير أو جهاز مناعي ضعيف.
  • سافرتَ مؤخرًا إلى دولة نامية.

متى يجب أن أذهب إلى غرفة الطوارئ؟

إذا كنت تعاني من الحمى مع أي من الأعراض التالية، فاذهب إلى أقرب غرفة طوارئ، قد تكون علامة على مرض خطيرٍ أو مهدّدٍ للحياة:

  • ألم أو إيلام في بطنك.
  • الغثيان أو الإقياء.
  • الصداع الحاد.
  • يبوسة العنق.
  • رهاب الضوء.
  • التشنجات أو النوبات.
  • صعوبة في التنفس.
  • سلوكيات غريبة و/أو تغيرات في الكلام.
  • الارتباك أو الانفعال.
  • صعوبة في الاستيقاظ أو النعاس الشديد.
  • طفح جلدي (بقع نزيف صغيرة تحت جلدك).

إذا كان طفلك الرضيع يعاني من الحمى وكان عمره أقل من 3 أشهر، خذه إلى غرفة الطوارئ على الفور، والسبب أن الجهاز المناعي في جسم طفلك لم يتطور بشكل كامل بعد! ويمكن أن يكون مصابًا بعدوى خطيرة.

أما إذا كان طفلك يعاني من الحمى مع أي من الأعراض التالية، فاتصل برقم الطوارئ أو اذهب إلى أقرب غرفة طوارئ:

  • الخمول الشديد أو النعاس.
  • قلة الشهية.
  • سيلان اللعاب المفرط أو صعوبة البلع.
  • البكاء المستمر.
  • تصلب العنق.
  • الطفح الجلدي.
  • صعوبة في التنفس.
  • ألم شديد في البطن.
  • الاحمرار أو الوذمة.
  • التجفاف (عدم شرب الكثير من السوائل).
  • قلة التبول.

المراجع

د. ماسه الفوال
د. ماسه الفوال

ماسه الفوال طالبة طب بشري في جامعة دمشق، أحب كتابة وصناعة المحتوى خصوصًا المتعلق بالأمراض النفسية والصحة النفسية والأمراض العصبية، أستطيع إضافة لمسة إبداعية لكل ما أراه.

المقالات: 39

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 × اثنان =