التهاب الشغاف – دليلك المفصّل عنه!

البكتريا موجودة حولنا في كل مكان، وتعيش في مناطق مختلفة من أجسامنا. ولكن عند وجود مشاكل قلبية، من الممكن أن تنتقل البكتيريا عبر الأوعية الدموية لتصل إلى القلب وتهاجم الأنسجة المتضررة فيه، متسببةً بحدوث التهاب الشغاف Endocarditis.

ما هو التهاب الشغاف؟

إنَّ شغاف القلب هو الطبقة الأعمق من القلب التي تبطن الحجرات وتمتد فوق الهياكل البارزة مثل الصمامات والأوتار القلبية والعضلات الحليمية.

يكون التهاب الشغاف ناجمًا عن التهاب يصيب بطانة حجرات القلب وصماماته، ويحدث ذلك نتيجة انتقال بعض الجراثيم (البكتريا) من مكان آخر في الجسم عبر الأوعية الدموية وصولًا للقلب لتهاجم صماماته وحجراته، وإذا لم يتم علاجه بواسطة المضادات الحيوية أو الجراحة فمن الممكن أن يؤدي إلى إصابة دائمة وقد تكون مميتة.

من التسميات الأخرى لهذا المرض نذكر:

  • التهاب الشغاف البكتيري.
  •  التهاب الشغاف الحاد.
  •  التهاب الشغاف تحت الحاد. 
  • التهاب الشغاف المزمن.

يصيب المرض الذكور أكثر من الإناث بمرتين، كما أنه نادر لدى الأشخاص ذوي القلوب السليمة (لا يوجد أمراض أو آفات قلبية لديهم).

الأسباب

في معظم حالات الإصابة يكون سبب التهاب الشغاف هو خمج جرثومي ينتقل عبر الدم، على سبيل المثال العمليات على الأسنان (ولا سيّما قلع الأسنان) والفحوص التنظيرية من الممكن أن تسبب دخول البكتيريا إلى المجرى الدموي.

في بعض الأحيان، من الممكن أن تنتقل البكتيريا من الفم أو الجلد أو الأمعاء أو الجهاز التنفسي أو الجهاز البولي إلى المجرى الدموي عندما يكون الشخص يأكل أو يقوم بتنظيف أسنانه أو يقوم بالتغوط.

هذه البكتريا سرعان ما تشكّل المستعمرات وتفرز الأنزيمات  التي تدمّر النسج المحيطة وتتيح المجال للغزو الجرثومي بشكل أكبر.

تكون الصمامات الطبيعية السليمة مقاومة للالتهاب، ولكن من الممكن للبكتيريا أن تقوم بالالتصاق على سطوح الصمامات المصابة بآفة أو خللٍ ما أو أن تلتصق على الصمامات غير الطبيعية (الصنعية).

عوامل الخطر

يوجد العديد من الأمور التي تسهّل دخول الجراثيم إلى المجرى الدموي مؤديةً لحدوث التهاب الشغاف، ولا سيّما وجود أمراض أو آفات في القلب، ولكن من الممكن أن يحدث التهاب الشغاف لدى الأشخاص ذوي القلوب السليمة.

تتضمن عوامل الخطر:

التقدم في العمر

فهو يحدث بشكل أكبر لدى الأشخاص الذين يتجاوز عمرهم الـ60 عامًا.

الصمامات الصنعية

تفضّل الجراثيم الالتصاق بالصمامات الصنعية عن الالتصاق بالصمامات الطبيعية.

الصمامات المصابة بخلل

يوجد بعض الأمراض التي تسبب ضرر أو ندبة في الصمامات كالحمى الرثوية أو الالتهابات، مما يزيد خطر الإصابة بالتهاب الشغاف.

كما أن وجود إصابة سابقة بالتهاب الشغاف يزيد من فرص حدوث الالتهاب.

آفات القلب الخلقية

وجود بعض الآفات القلبية منذ الولادة كالعيوب الخلقية في الصمامات أو في القلب نفسه تزيد من فرص الإصابة بالتهاب الشغاف.

وجود جهاز قلبي مزروع

من الممكن أن تقوم البكتريا بالالتصاق بالجهاز المزروع (كناظم الخطى) مسببةً التهاب الشغاف.

تعاطي المخدرات أو الأدوية الممنوعة عبر الوريد

إن استعمال حقن غير نظيفة أو معقمة عبر الوريد من الممكن أن تزيد فرص حدوث الالتهابات كالتهاب الشغاف.

عدم العناية بالصحة الفموية

إن الاهتمام بصحة ونظافة الأسنان واللثة هي أمر ضروري جدًا للحفاظ على صحة جيدة. إذا كنت لا تنظف أسنانك بشكل جيد بالفرشاة أو بالخيط من الممكن أن تنمو البكتيريا داخل فمك وتدخل عبر المجرى الدموي عبر جروح في اللثة.

قد تسمح بعض العمليات الجراحية الفموية التي تتضمن شق اللثة للبكتريا بالعبور إلى مجرى الدم.

استعمال القساطر لمدة طويلة

القسطرة هي عبارة عن أنبوب رقيق يستعمل لإجراء بعض العمليات الطبية، فإن وجوده لفترة طويلة في مكان معيّن من الجسم يزيد فرص الإصابة بالتهاب الشغاف.

الأعراض

تتضمن أعراض التهاب الشغاف مايلي:

  • ارتفاع الحرارة فوق الدرجة 38.4 سيليزيوس أو فوق الدرجة 100 فهرنهايت.
  • نوبات التعرق (ولا سيّما ليلًا) والبردية.
  • الطفح الجلدي.
  • جروح لا تُشفى بسهولة.
  • قرحة حمراء أو دافئة أو جافة.
  • ألم في الحلق أو حكة في الحلق أو ألم أثناء البلع.
  • احتقان في الأنف.
  • ألم في الرأس.
  • سعال معنّد جاف أو منتج يستمر لأكثر من يومين.
  • غثيان وإقياء أو إسهال.
  • صمّات (خثرات دموية صغيرة) ونزوف داخلية.
  • سكتة دماغية.
  • ضيق في التنفس.
  • ضعف الشهية ونقص الوزن.
  • ألم في العضلات والمفاصل.
  • بقع صغيرة حمراء أو بنية أو بنفسجية على الجلد.
  • خطوط من الدم أسفل الأظافر يكون قطرها صغير ولونا بني محمر.
  • وجود كتل حمراء مؤلمة في راحة أصابع اليدين والقدمين.
  • بقع حمراء غير مؤلمة في راحة اليدين والقدمين.
  • تخليط ذهني. 

المضاعفات

في التهاب الشغاف تقوم البروزات المتشكلة من الجراثيم وقطع الخلايا بتشكيل كتلة في القلب، هذه الكتل تدعى التنبتات، من الممكن أن تنفصل هذه التنبتات وتصبح حرّة وتهاجر إلى الدماغ أو الرئتين أو الكليتين أو أعضاء أخرى. 

تتضمن مضاعفات التهاب الشغاف أيضًا:

  • فشل القلب.
  • تأذي الصمامات القلبية.
  • السكتة الدماغية.
  • جيوب مملوءة بالقيح (خرّاجات) تنمو في القلب أو الدماغ أو الرئتين أو أعضاء أخرى.
  • خثرة دموية في الشريان الرئوي (صمّة رئوية).
  • أذية في الكلية.
  • تضخم الطحال.

التشخيص

لتشخيص التهاب الشغاف يقوم الطبيب بالفحص الفيزيائي والتأكد من وجود الأعراض ثم يطلب عدة فحوصات تشخيصية منها:

زرع الدم 

وهو اختبار يهدف إلى إظهار البكتريا والكائنات الدقيقة الموجودة في الدم والتي تكون مرتبطة بحدوث التهاب الشغاف.

تعداد دم كامل 

يفيد اختبار تعداد الدم الكامل في معرفة فيما إذا كان المريض لديه عدد كبير من الكريات البيضاء، ويدل ذلك على وجود حالة التهابية في الجسم.

اختبارات دموية خاصّة

تكون هذه الاختبارات مخصصة لبعض المواد كالبروتين التفاعلي C الذي يدل على وجود التهاب في الجسم.

مخطط صدى القلب (إيكو القلب)

يظهر هذا الاختبار وجود نموًا على الصمامات أو خرّاجات أو قصور (تسريب) أو تضيّقات أو صمام صنعي بدأ بالتحرّك بعيدًا عن النسيج القلبي.

في بعض الأحيان قد يقوم الطبيب بإدخال مسبار الجهاز عبر المريء للحصول على صورة أقرب وأكثر تفصيلًا للقلب.

التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني PET أو الفحص الطبي النووي

يتم عبره خلق صور باستعمال مادة مشعّة تظهر مكان الالتهاب.

العلاج

التهاب الشغاف قد يكون مرضًا مقصرًا للعمر، بمجرد الإصابة به يكون العلاج السريع ضروريًا لتجنّب إلحاقه الضرر بالصمامات وتسببه بالمضاعفات الخطيرة.

بعد القيام بالإجراءات التشخيصية والتأكد من الإصابة بالتهاب الشغاف سيقوم الطبيب بإعطاء مضادات حيوية عبر الوريد، وتكون المضادات الحيوية هذه واسعة الطيف وذلك ليتم تغطية جميع أنواع البكتريا المشتبه بها.

عندما يتأكد الطبيب من النوع البكتيري المسبب للالتهاب سيتم تغيير المضادات الحيوية المعطاة إلى مضادات حيوية مستهدفة لهذا النوع البكتيري، ويستمر العلاج عادةً لمدة 6 أشهر لعلاج الحالة الالتهابية.

في حال تضرر الصمام بسبب التهاب الشغاف قد يحتاج المريض لإجراء عملية جراحية لإصلاح الخلل أو تبديل الصمام وتحسين عمل القلب.

قد يحتاج المريض في بعض الحالات إلى تناول مميعات الدم أو مضادات فطرية في حال كان مصدر الإصابة فطري.

الوقاية

تنصح جمعية القلب الأمريكية بتناول المضادات الحيوية الوقائية عند الأشخاص المعرضين لخطر كبير للإصابة بالتهاب الشغاف كالأشخاص الذين يريدون إجراء عملية جراحية سنّية.

فقط الأشخاص الذين لديهم خطر عالي جدًا للإصابة بالتهاب الشغاف سيستفادون من المضادات الحيوية الوقائية، أمّا البقية فستكون أضرار المضادات الحيوية لديهم أكبر من فوائدها.

المراجع:

د. محمد فؤاد شكري
د. محمد فؤاد شكري

محمد فؤاد شكري، طالب طب بشري، وكاتب محاضرات علمية في فريق الكريات الحمر التطوعي بجامعة دمشق. مهتم للغاية بنشر المعلومات الصحيحة والدقيقة بأبسط وأفضل طريقة ممكنة.

المقالات: 64

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة عشر − إحدى عشر =