فهرس المحتوى
إذا كنتَ تستعمل وسائل التواصل الاجتماعي على مدار السنوات العديدة الماضية الأخيرة، فمن المحتمل أنك لاحظت تحولًا كبيرًا في نظرة المجتمع تجاه الأمراض العقلية.
فبدأ المزيد والمزيد من الناس، بما في ذلك المشاهير، في التحدث علنًا عن معاركهم في مجال الصحة العقلية، محاولين إزالة “وصمة العار” التي وضعها الناس والمجتمع على هذه القضايا، وتشجيع الآخرين على طلب الرعاية بأنفسهم.
وفي ظلّ كلّ هذه التحوّلات، قد تتساءل عمّا إذا كنتَ أنتَ نفسك تواجه مشكلة ما! هل تعاني من الاكتئاب! وإذا كنتَ تعاني، فكيف يمكن تشخيصه سريريًا؟ وهل يتطلب علاجًا دوائيًا؟
يشعر جميع النّاس بالحزن والإحباط أحيانًا، لذلك قد يكون من الصعب جدًا معرفة ما إذا كان ما تشعر به مجرد رد فعل “طبيعي” على محفّز معيّن (كحالة وفاة شخص تحبّه مثلًا) أم أنّه حالةٌ أكثر خطورة قد تتطلب المساعدة من خلال العلاج أو الأدوية أو مزيج من الاثنان معًا.
لذلك تم وضع تصنيف للاكتئاب من حيث الشدة، فمن المهم لك معرفة الفرق بين الاكتئاب الخفيف والمتوسط والشديد.
ما هو الاكتئاب؟
يعدّ الاكتئاب مرضًا طبيًّا شائعًا وخطيرًا، يؤثر سلبًا على شعور الشخص، وطريقة تفكيره، وسلوكياته وكيفية تصرّفه، كما يتسبب في الشعور بالحزن وفقدان الاهتمام بالأنشطة التي كان الشخص يستمتع بها من قبل.
يمكن أن يُسبب مجموعة من المشاكل، من جميع النواحي، فيؤثر على الحياة العاطفية، والحياة الاجتماعية، وحتّى على الحياة العملية؛ فيحدُّ من قدرة المريض على العمل.
لحسن الحظ يمكن علاج هذا المرض بطرقٍ مختلفة بحسب شدّته ونوعه.
ما هي أنواع الاكتئاب من حيث شدّته؟
يعتمد التصنيف الدقيق على العديد من العوامل، يتضمن نوع الأعراض التي تعاني منها، وشدّتها، وعدد مرات حدوثها، يمكن أن تسبب أنواع معينة من الاكتئاب أيضًا ارتفاعًا مؤقتًا في شدة الأعراض، وهناك ثلاث أنواع تم وضعها بحسب شدّته، هي:
- الاكتئاب الخفيف.
- الاكتئاب المتوسط.
- الاكتئاب الشديد.
ما الفرق بين الاكتئاب الخفيف والمتوسط والشديد؟
هناك عدّة فروقات تفصل بين الأنواع الثلاثة، أعراضها، كيفية تشخيصها، نمط علاجها، هل تحتاج علاجًا دوائيًا أم لا؟ هل تحتاج جلسات صدمات كهربائية أم لا؟ ومن المهم معرفة الفروقات بينها.
الاكتئاب الخفيف
يؤدي هذا النوع لشعور أكثر من مجرد “الحزن” المؤقت، حيث من الممكن أن تستمرّ الأعراض لعدّة أيام وتكون ملحوظةً بما يكفي لتؤثر على الأنشطة اليومية، ومن أكثر الأعراض التي من الممكن أن يُعاني منها المريض:
- التهيّج أو الغضب.
- اليأس.
- الشعور بالذنب.
- فقدان الاهتمام بالأنشطة التي كان المريض يستمتع بها من قبل.
- صعوبات في التركيز في العمل.
- عدم الاهتمام المُفاجئ بالتواصل الاجتماعي.
- الأوجاع والآلام بدون سبب مباشر.
- النعاس أثناء النهار.
- الأرق.
- تغيّرات الشهية وتغيّرات الوزن.
- السلوك المتهوّر، مثل تعاطي الكحول والمخدرات، أو القمار.
وإذا استمرت الأعراض معظم اليوم، بمتوسط أربعة أيام في الأسبوع ولمدّة عامين، فمن المرجح أن يكون التشخيص هو الاضطراب الاكتئابي المستمر، كما يُشار إلى هذه الحالة أيضًا باسم عسر المزاج.
على الرغم من أن هذا النوع يمكن ملاحظته، إلا أنه من الصعب تشخيصه، ومن حُسن الحظ أنّه سهلُ العلاج.
يمكن لبعض التغييرات في نمط الحياة أن تحسّن من أعراضه وتسهم في علاجه، ومنها:
- ممارسة الرياضة يوميًا.
- الالتزام بجدول ونظام نوم معيّن.
- اتباع نظام غذائي متوازن غني بالفواكه والخضروات.
- الاهتمام بالجانب الروحي كالصلاة أو ممارسة اليوجا أو التأمل.
- القيام بأنشطة تقلل التوتر، مثل كتابة اليوميات أو القراءة أو الاستماع إلى الموسيقى.
يكون العلاج النفسي (كالعلاج بالكلام، أو العلاج السلوكي المعرفي) جيّد في الحالات الخفيفة أيضًا.
يستخدم بعض الأطباء علاجًا دوائيًا في بعض الحالات ويسمى مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، مثل سيرترالين (زولفت) أو باروكسيتين (باكسيل)، ومع ذلك، فإن الاستعمال الدوائي يعتبر أفضل لدى المُصابين بأشكال أكثر حدّة من الاكتئاب.
لا يُنصح بترك هذا النوع دون علاج، فقد يتطوّر لأشكال أشد وأصعب علاجًا.
الاكتئاب المتوسط
يشترك الاكتئاب المتوسط والخفيف في العديد من الأعراض، وبالإضافة إلى تلك الأعراض، قد يتسبب بما يلي:
- مشاكل احترام الذات.
- انخفاض الإنتاجية.
- مشاعر انعدام القيمة.
- زيادة الحساسية.
- القلق المفرط.
الفرق الأكبر هو أن أعراض الاكتئاب المتوسط شديدةٌ بما يكفي لتسبب مشاكل في المنزل والعمل، وقد يواجه المريض أيضًا صعوبات كبيرة في حياتك الاجتماعية.
ويعدّ تشخيص هذا النوع أسهل، مقارنةً بالحالات الخفيفة، وذلك لأن الأعراض تؤثر بشكل كبير على حياة المريض اليومية، ومع ذلك، فإن مفتاح التشخيص هو التحدث مع الطبيب حول الأعراض التي يعاني المريض منها.
أمّا فيما يتعلّق بالعلاج، فمن الممكن أن يصف الطبيب مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، مثل سيرترالين (زولفت) أو باروكسيتين (باكسيل).
وقد تحتاج الأدوية ما يصل إلى ستة أسابيع حتى تصبحَ نافذة المفعول بالكامل.
يُستخدم العلاج السلوكي المعرفي (CBT) أيضًا في بعض الحالات متوسطة الشدة.
الاكتئاب الشديد
يشخَّص هذا النوع عندما يعاني المريض من أعراض شديدةٍ وملحوظة بشدّة.
تستمر نوبات الاكتئاب الشديد ستة أشهر أو أكثر وسطيًّا، وفي بعض الأحيان، يمكن أن يختفي عند البعض، وقد يتكرر أيضًا لدى بعض الأشخاص.
التشخيص في هذه الحالة مهمٌّ جدًا وبشكل خاص في حالات الاكتئاب الحاد، وقد يكون حساسًا للوقت.
يشتمل هذا النوع أحيانًا على:
- الأوهام.
- مشاعر الذهول.
- الهلوسة.
- الأفكار أو السلوكيات الانتحارية.
وتعدّ هذه الأعراض أكثر ما يميّزه عن الحالات الأخرى.
يتطلب الاكتئاب الشديد علاجًا طبيًا في أسرع وقت ممكن، من المرجح أن يوصي الطبيب بمثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs) وبعض أشكال العلاج النفسي كالعلاج بالكلام.
في حالاتٍ شديدةٍ، قد يلجأ الطبيب للصدمات الكهربائية، ويتضمّن العلاج بالصدمات الكهربائية تحفيزًا كهربائيًا قصيرًا للدماغ بينما يكون المريض تحت التخدير، كما يتمّ هذا الإجراء تحت إشراف فريق من الأطباء المدرّبين.
كيف يتم تشخيص الاكتئاب بحسب نوعه؟
من أجل تشخيص الاكتئاب رسميًا، يجب ملاحظة واحد على الأقل من عرضين أساسيين مُحتمَلين وهما:
- المزاج المتدني مستمر، والشعور بالحزن مع البكاء أو بدونه.
- اختفاء الحماس، وتحديداً النقص الملحوظ في الاهتمام بالأنشطة التي كانت ممتعة سابقاً.
ويتجمّع حول هذين العرَضين الأساسيين سبعة أعراض أخرى ذات صلة، وهي:
- وجود اضطرابات في نمط النوم.
- تغيّرات في الشهية.
- وجود حالة من التعب.
- بطء الحركة أو الهياج (صعوبة الجلوس بدون حركة).
- صعوبة التركيز أو صعوبة في حل المشكلات اليومية البسيطة.
- الشعور بالذنب.
- الشعور بانعدام القيمة.
يُساعد تصنيف الأعراض السابق في تشخيص شدّة الاكتئاب، فعدد الأعراض ونوعها يختلف بين الاكتئاب الخفيف والمتوسط والشديد.
التشخيص في الاكتئاب الخفيف
يعاني المريض هنا من واحد فقط من العرَضين الأساسيين، وعادةً ما يكون يواجه ما لا يزيد عن أربعة أعراض من الأعراض الباقية ذات الصلة.
التشخيص في الاكتئاب المتوسط
يعاني المريض في هذا النوع من وجود العرَضين الأساسيين كليهما، بالإضافة إلى أربعة أو أكثر من الأعراض الأخرى ذات الصلة.
التشخيص في الاكتئاب الشديد
يعاني المريض في هذا النوع من وجود العرَضين الأساسيين كليهما، بالإضافة إلى معظم إن لم يكُن كل الأعراض الأخرى ذات الصلة.
في بعض الأحيان قد يعاني الشخص من سمات ذُهانية على شكل أوهام أو هلوسة.
وبالطبع يعود تقدير شدّة الحالة إلى الطبيب، فهو وحده من يستطيع وضع التشخيص النهائي ليباشر بالعلاج.
وبذلك نكون قد تعرّفنا على الفرق بين الاكتئاب الخفيف والمتوسط والشديد، من المهم عدم إهمال النفس أبدًا، ومراجعة الطبيب واستشارته لمعرفة ما إذا كنتَ مصابًا بأحد هذه الأنواع، لاختيار ومتابعة العلاج المناسب.
المراجع
- Mild vs. Moderate Depression- What’s the Difference? | Envision Wellness
- What Is Depression? | American Psychiatry Association
- The Difference Between Mild, Moderate, and Severe Depression | Health Central
- Mild, Moderate or Severe Depression: How to Tell Which One You Have | Health US News
- Signs and Symptoms of Mild, Moderate, and Severe Depression | Healthline
- What is Electroconvulsive Therapy (ECT)? | American Psychiatry Association