الإنعاش القلبي الرئوي…مفتاح إسعاف واحدة من أخطر حالات القلب

يساعد الإنعاش القلبي الرئوي في إحداث الفرق في حياة العديد، فلكل ثانية أهميتها في حالة توقُّف القلب والتي تعتبر حالة خطيرة قد يتعرض لها أي شخص قد يكون صديقًا لنا أو أحدًا نحبه وقد تحدث له في أي وقتٍ و مكان، ، ويساعد الإنعاش القلبي الرئوي في إسعاف هذه الحالة.

إن كل دقيقة نتأخر  فيها بالإنعاش القلبي الرئوي  للمريض  تقلل من فرصة نجاته بنسبة 10%، إذ يمكن لشخص على مقربة وقادر على التعرف إلى حالة المريض ويملك القدرة على القيام بالإنعاش القلبي الرئوي أن يزيد فرص النجاة بحوالي الضعف وحتى الثلاثة أضعاف.

حول الإنعاش القلبي الرئوي 

الانعاش القلبي الرئوي هي عملية مزدوجة إسعافية لحالة توقف القلب، يقوم المسعف فيها بإنعاش الرئة والقلب، حيث أنَّ  إنعاش الرئة يتم من خلال ايصال الهواء والاوكسجين اليها عن طريق التنفس الصناعي، وأما إنعاش القلب فيتم عن طريق الضغط اليدوي على منطقة قلب المصاب (في المنطقة الواقعة بين العظم الصدري والعمود الفقري) بحيث يتم ضخ الدم إلى الأجزاء الحيوية من جسم المصاب، خصوصًا الدماغ.

عند حدوث حالة توقف القلب فإنه يتوقف عن العمل وضخ الدم إلى أعضاء الجسم وإنَّ دماغ الإنسان وقلبه لا يستطيعان تحمل انقطاع الدم والاوكسجين عنهما لأكثر من ستة دقائق حيث أن خلايا الدماغ والقلب تبدأ بالموت بعد مرور هذه الوقت.

تجدر الإشارة إلى  أنه  حتى في الدول المتقدمة فإن وصول سيارة الإسعاف إلى مكان الشخص المصاب يستغرق فترة 8 إلى 10 دقائق لذا فمن الضروري وجود مسعف أو شخص قادر على التعامل مع الحالة فور حصولها.

حالة توقف القلب

التوقف المفاجئ للقلب عن النبض وبذلك تتوقف عملية ضخ الدم الى الرئتين والدماغ والأعضاء الأخرى.

ومن أعراض توقف القلب ما يلي:

  • فقدان الوعي.
  • توقف التنفس.
  • توقف النبض.

هناك العديد من الأسباب التي يمكن أن تؤدي بشكل أو آخر إلى توقف القلب نذكر منها:

  • أمراض ومشاكل القلب منها النوبة القلبية.
  • أمراض ومشاكل تنفسية.
  • الصدمة الكهربائية.
  • التسمم.
  • الغرق أو الاختناق.
  • السكتة القلبية.
  • النزف أو الصدمة الحادة.

كما أن هناك خلط كبير بين النوبة القلبية والتوقف القلبي، وبالنسبة للفارق بينهما يمكن ذكر الآتي ببساطة:

توقف القلب

والذي يحدث عند الخلل بوظيفة القلب وتوقفه عن العمل فجأة.
يعتبر توقف القلب مشكلة “كهربائية”؛ أي ناتجة عن معضلة في كهربائية القلب.

النوبة القلبية

تحدث عندما يتوقف الدم الذي يغذي القلب عن التدفق إليه بسبب مشكلة في جريانه ناتجة عن انسداد بالشرايين الإكليلية أو غيره.
تعتبر النوبة القلبية مشكلة “دورانية”؛ أي بسبب مشكلة بدوران الدم.

الطريقة التي يفيد فيها الإنعاش القلبي الرئوي 

عندما يتوقف القلب عن النبض، لا يحصل الجسم على الدم المشبع بالأكسجين، وقد يسبب نقص الدم المشبع بالأكسجين تلفًا في الدماغ في مدة لا تتجاوز بضع دقائق، يمكن أن يحافظ الإنعاش القلبي الرئوي على تدفق الدم المشبع بالأكسجين إلى الدماغ وغيره من أعضاء الجسم إلى أن يتمكن فريق علاج الطوارئ من إعادة القلب إلى نظمه الطبيعي.

القيام بالإنعاش القلبي الرئوي

يمكن تلخيصه بمجموعة من الخطوات المرتبة التي سنأتي على ذكرها بالترتيب.

التأكد من سلامة البيئة التي يتواجد فيها  المصاب

تأكد من أن المكان آمن قبل الاقتراب من المريض واضمن سلامة نفسك فربما تصبح أنت أيضًا مصابًا!

تقييم حالة المريض

بعد التأكد من سلامة البيئة ننتقل إلى تقييم حالة المريض إذا كان واعيًا أو فاقدًا للوعي، يمكن فعل ذلك عبر الهز والتربيت على كتفه مع سؤاله بصوت مرتفع إذا ما كان بخير.
إذا لم يستجب المريض فهو فاقد للوعي.

قبل تأكيد حالة توقف القلب يمكن  أن نتأكد إذا ما كان المريض يتنفس وذلك عن طريق:

  1. إمالة الرأس للأعلى عبر وضع يد تحت الذقن وأخرى على الجبهة لفتح مجرى التنفس.
  2.  تقريب رأسنا إلى فم المريض للشعور بزفيره على الخد في حال تنفسه  مع إبقاء أعيننا على صدر المريض  للانتباه لوجود حركات تنفس.
  3. عند مرور 10 ثواني دون أي حركة تنفس فالمريض تحت الحد الأدنى من التنفس اللازم لتلبية حاجة جسمه والمريض أمام حالة توقف قلب.

يمكن التأكد من النبض لكنه قد يستغرق منّا وقتًا وغالبًا لن يستطيع الشخص غير المدرب التأكد.

طلب المساعدة

علينا طلب المساعدة من أي شخص نجده فور ملاحظتنا لشخص غائب عن الوعي، وبعد التأكد من الحالة علينا على الفور طلب الإسعاف وإخبارهم عن الحالة ومكان وجودها حتى لا نضيع فرصة نجاة المريض.

وضع المريض على الأرض أو سطح صلب

التجهيز للخطوة التي تليها؛ أي قبل البدء بضغطات الصدر فعلينا وضع المريض بوضعية الاستلقاء الظهري على الأرض أو سطح ثابت دون وجود وسادة أو أي كان تحته.

الانتباه لحالة المريض قبل تحريكه،   إذا ما كان قد تعرض لحادث فهناك احتمال  لإصابته بكسور الرقبة أو الظهر و تحريكه بشكل عشوائي قد يعرضه إلى إصابات خطيرة أخرى.

وضعية اليد على صدر المصاب

نضع أسفل راحة اليد المسيطرة (اليمنى عند معظم الأشخاص) في منتصف صدر المريض بين حلمتي الصدر، ثم نضع يدنا الأخرى فوق الأولى، بعدها نشابك أصابعنا مع بعضها ونشدها باتجاه الأعلى بحيث يبقى كعب يدنا ملامسًا لصدر المريض.

البدء بالضغطات

 نضغط على الصدر عن طريق استخدام الجزء العلوي من جسمنا والقيام بالضغطات بعمق حوالي ال5-6 سنتيمترات.

نقوم بالضغط برتم حوالي 100 حتى 120 ضغطة في الدقيقة الواحدة مع السماح للصدر بالارتداد لوحده بين الضغطات.

إلى متى نستمر بهذه الضغطات؟

نستمر فيها حتى يتنفس المريض أو يعود لوعيه أو عندما تصل المساعدة الطبية.

إذا بدأ الشخص بالتنفس فاجعله يستلقي على جانبه بهدوء إلى حين وصول المساعدة الطبية.

القيام بالتنفس فم-إلى-فم

كانت الإرشادات القديمة تقتضي بفحص المجرى الهوائي والتنفس قبل البدء بالضغطات لكنّّ ت الإرشادات الطبية الحديثة تقتضي البدء بالضغطات القلبية فور تشخيص حالة توقف القلب.

الإنعاش الفموي-الفموي، أو الإنعاش القلبي الرئوي مع التنفس، والذي يساعد بالمحافظة على نسبة من الأوكسجين في الدم الذي ندفعه في الجسم عبر ممارسة الضغطات على القلب.

كيفية القيام بالإنعاش القلبي الرئوي المصحوب بالتنفس؟

بدايةً نقوم بفتح مجرى الهواء باتباع مناورة إمالة الرأس ورفع الذقن؛ بوضع راحة اليد على جبهة المصاب ثم نميل الرأس برفق للخلف مع رفع الذقن برفق إلى الأمام باليد الأخرى لفتح مجرى الهواء.

ثانيًا، مساعدة المصاب على التنفس عن طريق الفم إلى الفم أو التنفس من الفم إلى الأنف إذا كان الفم مصابًا بجروح خطيرة أو لا يمكن فتحه.
تقترح التوصيات الحالية إجراء تنفس الإنقاذ باستخدام جهاز قناع كيسي متصل بمرشح منقيات  جزيئات الهواء عالية الكفاءة.

نهاية تتجلى العملية بما يلي:

  1. بعد فتح مجرى الهواء (باستخدام مناورة إمالة الرأس ورفع الذقن)، اضغط على المنخرين لغلقهما كي تجري تنفسًا من الفم إلى الفم، وغطّ فم الشخص المصاب بفمك تغطية محكمة.
  2. استعد لإعطاء نفسين لإنقاذ المصاب ولاحظ ارتفاع الصدر بالتزامن مع إعطاء النفس.

كيفية المزامنة بين الضغطات والأنفاس؟

نقوم بعمل 30 ضغطة على الصدر ومن ثم يتبعها اثنان من الأنفاس، وهكذا نتابع ما بين الأنفاس والضغطات لاستعادة تدفق الدم.

تدعى ال30 ضغطة مع النفسين بدورة إنقاذ واحدة.

إجراء الإنعاش القلبي للرضّع

وذلك لمن هم ما بين الأربعة أسابيع ودون العام، أمّا للأطفال فوق العام فتشبه إجراءات الإنعاش لديهم الإنعاش لدى البالغين وهي أيضًا هامة وضرورية بقدر أهميتها للبالغين.

يتساءل الكثير عن إمكانية إصابة الرضيع بتوقف القلب، إذ يمكن أن تحدث معظم حالات توقف القلب لدى الأطفال الرضع نتيجة نقص الأكسجين، كما في حالة الاختناق.
إذا علمت أن الطفل يعاني من انسداد مجرى الهواء، فأجرِ الإسعافات الأولية للاختناق.
أما إذا لم تكن تعلم سبب عدم قدرة الطفل على التنفس، فبادر بإجراء الإنعاش القلبي الرئوي.

خطوات الإنعاش القلبي الرئوي لدى الرضّع

إنَّ  خطوات الإنعاش لدى الرضيع تشبه إنعاش البالغين مع بعض الاختلافات.

  1. قيّم الموقف، المس الطفل وتابع استجابته، حركته على سبيل المثال ولكن لا تهُز الطفل.
    في حال لم تكن هناك استجابة، اتصل بالطوارئ في مدينتك، ثم ابدأ عملية الإنعاش القلبي الرئوي على الفور.
  2. الضغطات على الصدر لاستعادة الدورة الدموية حيث تقوم بالتالي:
    1. وضع الطفل مستلقيًا على ظهره فوق سطح ثابت ، مثل الطاولة أو الأرض.
    2. تخيل وجود خط أفقي مرسوم بين حلمتي صدر الطفل، وضع إصبعي إحدى اليدين تحت هذا الخط مباشرة في منتصف الصدر.
    3. اضغط على الصدر برفق لينخفض مسافة 1.5 بوصة تقريبًا (4 سنتيمترات تقريبًا).
    4. ابدأ بالعدّ بصوت مرتفع أثناء توجيه الضغطات الصدرية بنمط سريع نسبيًا. ينبغي أن توجه الضغطات بمعدل من 100 إلى 120 ضغطة في الدقيقة، تمامًا كما هو الحال عند إجراء الإنعاش القلبي الرئوي لشخص بالغ.
  3. مجرى الهواء: افتح مجرى الهواء  بعد 30 ضغطة، حرّك الرأس للخلف برفق عن طريق رفع الذقن بيد واحدة ودفع الجبهة للأسفل باليد الأخرى.
  4. التنفس: تقديم التنفس الصناعي للطفل بالترتيب الآتي:
    1. غطّ فم الطفل وأنفه بفمك.
    2. قم بإعطاء نفسين لإنقاذ الطفل باستخدام قوة وجنتيك لتوصيل نفخات من الهواء برفق (بدلًا من النفس العميق من الرئتين) وقم بالتنفس البطيء في فم الطفل مرةً واحدة، لمدة ثانية واحدة للنفَس. 
    3. راقب الطفل لمعرفة هل ارتفع صدره أم لا، في حال ارتفاع الصدر، أعطِ نفَس الإنقاذ الثاني، وفي حال عدم ارتفاع الصدر، كرر مناورة إمالة الرأس ورفع الذقن ثم أعطِ النفَس الثاني.
    4. في حال عدم ارتفاع صدر الطفل، استمر في الضغطات الصدرية.
  5. واصل الإنعاش القلبي الرئوي حتى ترى علامات الحياة، أو حتى وصول الفريق الطبي.

الأشخاص الذين يمكن أن يقوموا بالإنعاش القلبي الرئوي

يمكن أن يتعرض أي شخص لحالة توقف قلب وأن يستدعي القيام بالإنعاش، لذا فإن أي شخص منا قد يصادف حالة توقف القلب وهنا نميز نوعين من الأشخاص:

  • الأشخاص المدربون والمسؤولون عن تقديم الرعاية الصحية:

وهم الأكفأ والأقدر على القيام بالإنعاش بفعالية وضمن ضغطات وعدد مرات تنفس مدروسة وإرفاق الإنعاش بالتنفس الصناعي الفموي-الفموي ويمكن لهم أن يحملو جهاز إنعاش القلب المضاد للرجفان أو غيره.

  • الأشخاص العاديين غير المدربين:

قد يكونون من العامة أو أحد من أقرباء المريض أو أيًّا من يصدف المصاب، والمطلوب منهم الاتصال بالإسعاف ويمكن أن يقوموا فقط بالقيام بالضغطات الصدرية دون إرفاقه بالتنفس وغيره وحسب استطاعتهم ومعرفتهم.

نهايةً، يعتبر توقف القلب حالة خطيرة وتحصد حياة أكثر من 135 مليون شخصًا في العالم كل سنة! ويعد هذا الرقم أكبر من عدد الوفيات التي تحدث نتيجة سرطان الثدي، البروستات، الرئة والحوادث وغيرها.

أكثر من 350 ألف حالة تحدث خارج المشفى في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها وأقل من 15% من الحالات هي التي تنجو، ولكن يمكن أن ترتفع النسبة حتى 45% عند التدخل الطبي والإنعاش القلبي الرئوي عندها  يبرز لنا أهميته.

يعتبر التدريب العملي أساسيًا وضروريًا مهما قرأنا وتعلمنا نظريًا، ويمكن القيام بهذا التدريب في العديد من المراكز. 

المصادر

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة × 4 =