الأورام القلبية – هل تعلم ما يكفي عنها؟

قد يتبادر على أذهاننا العديد من السرطانات والأورام الشائعة، كأورام الثدي أو البروستات أو المعدة وغيرها، ولكن من النادر أن نسمع عن الأورام القلبية، لأنها بالفعل قليلة الحدوث ولا تكون شائعة كغيرها، فهي حالة سريرية غريبة إلى حدٍ ما وصعبة التشخيص، وقد تكون حميدة وسهلة العلاج، أو تكون خبيثة وخطيرة.

ما هي الأورام القلبية؟

الأورام القلبية هي تشكلات زائدة تنمو في القلب، من الممكن أن تكون حميدة (غير سرطانية) أو خبيثة (سرطانية)، وبعضها غير مؤذي وسهل العلاج، ولكن بعضها الآخر قد يكون مميتًا.

تتنوع الأورام القلبية في الشكل والحجم، فعلى سبيل المثال بعضها يكون قطره أصغر من 1 سم وبعضها الآخر يكون قطره 15 سم، ويؤثر هذا الاختلاف في الحجم والشكل بشكل كبير على الأعراض وأساليب العلاج.

أين تنمو الأورام القلبية؟

  • شغاف القلب، وهو النسيج المبطن لحجرات القلب.
  • النسيج العضلي في القلب.
  • صمامات القلب، وهي التي تنظّم تدفق الدم عبر القلب.
  • التامور، وهو الكيس المحيط بالقلب.

هل أورام القلب شائعة؟

أظهرت الدراسات ندرة وجود الأورام القلبية، فمن أصل 120000 دراسة تشريحية لأشخاص متوفّين وجد فقط 7 حالات مصابة بالأورام القلبية، وبشكل عام كل ما نعرفه عن الأورام القلبية فهو بالغالب مصدره الدراسات البحثية ومن تشريح جثث المصابين.

أنواع الأورام القلبية

يتواجد أنواع عديدة من الأورام القلبية، ويصنفهم الأطباء غالبًا على أساس كيفية تطورهم.

تسمّى الأورام التي تبدأ في القلب بالأورام الأولية، أما الأورام التي تبدأ في جزء آخر من الجسم ثم تنتقل إلى القلب فتسمى الأورام الثانوية (النقيلية).

عادةً ما تكون الأورام القلبية الأولية غير سرطانية إلا في حالات قليلة جدًا، أما الأورم الثانوية فهي سرطانية دائمًا، لأنه تنتج عن سرطان موجود مسبقًا في الجسم.

تكون الأورام القلبية الثانوية أكثر شيوعًا من الأورام الأولية التي نشأت أساسًا في القلب، وتتشكل هذه الأورام الثانوية عند:

  • ●       10% من الأشخاص المصابين بسرطان الرئة.
  • ●       10% من الأشخاص المصابين بسرطان الثدي.
  • ●       50-65% من الأشخاص المصابين بسرطان الجلد.

 وسنتحدث عن الأورام القلبية الأولية والثانوية بشيء من التفصيل:

الأورام القلبية الأولية (غير السرطانية أو الحميدة)

حوالي 75-95% من الأورام القلبية الأولية هي أورام حميدة، ولكن قد تكون خطيرة إذا تداخلت مع وظيفة القلب وأثرت على عمله، وقد تشكل عامل خطر لحدوث السكتة الدماغية إذا تُركت دون علاج.

الأورام القلبية الأولية التي تحدث عند البالغين

الورم المخاطي Myxoma

وهو الورم الشائع بين بقية أنواع الأورام الأولية، حيث يشكّل حوالي 50% من الحالات.

عادةً ما ينمو هذا الورم في الأذين الأيسر، ويجب إزالته جراحيًا بأسرع وقت لتجنّب مضاعفاته ولا سيّما الانصمام (الانسداد).

الورم الأرومي الليفي الحليمي Papillary Fibroelastoma

وهو ثاني أكثر أورام القلب الأولية شيوعًا.

يمكن أن يصيب الأشخاص في أي عمر، ولكن يتم تشخيصه عادةً لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا.

في حوالي 80% من الحالات ينمو هذا الورم على صمامات القلب، ولا سيّما الصمام الأبهري أو الصمام التاجي.

حتى في حال عدم ظهور الأعراض فمن الأفضل أن يتم إزالة هذا الورم عن طريق الجراحة لتقليل خطر الإصابة بالانصمام (الانسداد).

الورم الشحمي Lipoma

يصيب هذا الورم الأشخاص في مختلف الأعمار دون تمييز، ويتميّز باختلاف شكله وحجمه بين كل حالة والأخرى.

عادةً ما ينمو هذا الورم في البطين الأيسر، أو الأذين الأيمن، أو الحاجز الأذيني (الحاجز الذي يفصل حجرات القلب عن بعضها).

الورم الوعائي Hemangioma

ينتشر هذا الورم في أغلب الفئات العمرية، ابتداءً من الأطفال وصولًا إلى الأشخاص بعمر الـ65.

عادةً لا يسبب هذا الورم أي أعراض، وبالتالي قد لا يتم تشخيصه إلا بالصدفة عن طريق بعض التحاليل المجراة للاستقصاء عن حالة أخرى.

غالبًا ما تحدث الأورام الوعائية بالترافق مع أورام الجهاز الهضمي أو الجلد.

الأورام القلبية الأولية التي تحدث عند الأطفال والرضّع.

الورم العضلي القلبي المخطط Cardiac Rhabdomyoma

هو أكثر أنواع أورام القلب شيوعًا عند الأطفال.

تنمو الأورام المخططة في تجمّعات، وغالبًا ما تختفي هذه الأورام تلقائيًا لوحدها دون أي علاج.

الأورام القلبية الأولية (السرطانية أو الخبيثة)

حوالي 5-25% من الأورام القلبية الأولية تكون سرطانية أو خبيثة، ويكون الشكل الأكثر شيوعًا منها هو الساركوما القلبية.

تؤثر الساركوما على 50-70% من الأشخاص المصابين بسرطان القلب، ويوجد عدة أنواع فرعية من الساركوما، أهمها:

  • الساركوما الوعائية: تتكون هذه الساركوما من أوعية دموية غير طبيعية، وتشكل حوالي 40% من الساركومات القلبية، وتكون شائعة لدى البالغين، وغالبًا ما تنمو في الأذين الأيمن أو على التامور.
  • الساركوما العضلية القلبية المخططة: وتكون شائعة لدى الأطفال والرضّع، ولكن من الممكن أن تؤثر أيضًا على البالغين، وتنمو هذه الأورام في تجمّعات ويمكن أن تتواجد في أي حجرة من حجرات القلب.

أنماط أخرى من الأورام القلبية الأولية

  • ورم المنسجات الليفي الخبيث: عادةً ما ينمو هذا الورم في الأّذين الأيسر، وقد يسد الصمام التاجي، مما يتسبب بضعف تدفق الدم في حجرات القلب.
  • اللمفوما: ويدعى أيضًا بسرطان خلايا الدم البيضاء، وعادةً ما يحدث في العقد اللمفاوية أو الطحال أو نقي العظم، أما حدوثه في القلب فهو نادر جدًا، ويزيد مرض عوز المناعة المكتسب من فرص حدوثه.

الأورام القلبية الأولية التي قد تكون خبيثة أو حميدة

يوجد بعض الأورام التي قد تحمل الوجهين، فمن الممكن أن تكون سرطانية خبيثة في بعض الحالات، أو تكون غير سرطانية حميدة في حالات أخرى، نذكر منها:

  • ورم الظهارة المتوسطة: يكون هذا الورم سرطانيًا إذا بدأ في التامور، أما إذا بدأ في العقدة الأذينية البطينية (وهي جزء من النظام الكهربائي في القلب) فيكون غير سرطاني.
  • ورم المستقمات: ينمو هذا الورم عادةً في قاعدة القلب.

الأورام القلبية النقائلية (الثانوية)

وهي أورام انتقلت من مكان آخر من الجسم إلى العضلة القلبية.

قد تنتقل هذه الأورام نتيجة القرب التشريحي من القلب، كسرطان الرئة أو سرطان الثدي.

من الممكن أيضًا أن تنتقل عبر مجرى الدم، مثل سرطان المريء أو سرطان الكلى أو سرطان الدم أو اللمفوما او سرطان الجلد أو سرطان الثدي أو سرطان الرئة.

أسباب الأورام القلبية

إن الأسباب وراء الأورام القلبية الأولية غير واضحة تمامًا، ولكن تكون المتلازمات الوراثية سببًا محتملًا لحدوثها (كمتلازمة كارني).

أما الأورام القلبية الثانوية فهي تحدث نتيجة وجود سرطان آخر في عضو آخر في الجسم.

أعراض الأورام القلبية

تعتمد الأعراض على شكل الورم وحجمه وموقعه في القلب، حيث قد لا تظهر الأعراض نهائيًا أو تظهر أعراض خفيفة أو تظهر أعراض مميتة وخطيرة تبعًا لحالة الورم لدى المريض.

العديد من أعراض أورام القلب تكون غير محددة أو غير وصفية، أي أن هذه الأعراض لا تكون حكرًا على أورام القلب، وإنما قد تظهر في أمراض عديدة.

بشكل عام، الأشخاص المصابين العرضيين تكون بداية الأعراض عندهم فجأة، وتصبح أسوء مع الوقت بشكل سريع.

نذكر بعض الأعراض والعلامات:

  • الشعور بعدم الراحة في منطقة الصدر.
  • الدوّار والإغماء.
  • التعب.
  • الحرارة والعروءات.
  • نفخات قلبية.
  • ألم في المفاصل.
  • فقدان الشهية.
  • تعرّق ليلي.
  • قصور التنفس.
  • فقدان الوزن.
  • انتفخات (توذّم) في الساقين.
  • ظهور نمشات.
  • تشكل الخثرات.
  • عدم انتظام ضربات القلب.
  • الأمراض القلبية (كالنوبة القلبية أو أمراض الشريان التاجي أو السكتة الدماغية أو فشل القلب).
  • السعال المدمّى.

التشخيص

عندما يُصاب شخص ما بالسرطان في مكان آخر من الجسم مع وجود مشاكل قلبية مفاجئة، فقد يوجه ذلك الطبيب للشك بورم قلبي ثانوي.

أغلب العلامات والأعراض للأورام القلبية تكون غير محددة وقد تتداخل مع العديد من الحالات الصحية الأخرى، ولكن هناك علامة واحدة نوعية لها، وهي ظهور صوت مميز يسمعه الطبيب باستخدام السماعة الطبية، ويحدث هذا الصوت نتيجة انسداد الصمام التاجي، وهو مشابه لصوت تضيّق الصمام التاجي، وهو ما يدفعنا للشك بوجود أورام في القلب.

بشكل عام عادةً ما يتم تشخيص أورام القلب بشكل مؤكد من خلال اختبارات التصوير:

مخطط صدى القلب عبر الصدر

يفيد هذا النوع من التصوير في كشف الأورام الموجودة في الحجرات السفلية من القلب (البطينين).

مخطط صدى القلب عبر المريء

يفيد هذا النوع من التصوير في كشف الأورام الموجودة في الحجرات العلوية من القلب (الأذينين).

تصوير القلب بالرنين المغناطيسي MRI

يقوم هذا الاختبار بتزويد الطبيب بتفاصيل عن حالة الورم، مثلًا إذا كان الورم خبيثًا أم لا، ويتم تأكيد ذلك من خلال تزويد الطبيب بالمعلومات التالية التي تؤكد الخباثة:

  • الورم في القسم الأيمن من القلب.
  • يتواجد الورم في أكثر من حجرة واحدة من حجرات القلب.
  • يتواجد على وعاء دموي رئيسي في القلب.
  • حجمه أكبر من 5 سم.
  • حوافه غير واضحة.

التصوير المقطعي المحوسب المعزز بالتباين

يكون هذا الاختبار مفيدًا عند الأشخاص الذين لديهم أجهزة مزروعة في أجسامهم ولا يمكنهم إجراء التصوير بالرنين المغناطيسي نتيجةً لذلك (لأن التصوير بالرنين المغناطيسي هو عبارة عن مغناطيس ضخم يجذب المعادن).

التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني

يستخدم هذا الاختبار للتأكد فيما إذا كان انتشر الورم من الجسم إلى القلب.

عوامل الخطر

يكون الرجال معرضين أكثر من النساء للإصابة بهذا المرض، كما ينتشر أيضًا بشكل أكبر لدى الأشخاص الصغار في السن (الشباب).

كيف يتم علاج أورام القلب؟

تتنوع طرق علاج الأورام القلبية حسب نوع الورم:

أورام القلب الأولية غير السرطانية

تكون الجراحة ناجحة جدًا في إزالة هذه الأورام إذا كانت صغيرة، أما إذا كانت كبيرة فمن المستحيل إزالتها بشكل كامل.

سيقوم الطبيب بالتوصية بالقيام بعملية جراحية إذا كان الورم يسبب سوءًا في وظيفة القلب.

أورام القلب الأولية السرطانية

لا يمكن إزالة هذه الأورام جراحيًا، وغالبًا ما تكون مميتة، ولكن يمكن استخدام العلاج الكيميائي أو الشعاعي لإبطاء تقدّم السرطان، ومن الممكن أيضًا تناول بعض الأدوية التي من شأنها تخفيف المضاعفات.

أورام القلب الثانوية

يعتمد علاج هذه الحالة على مصدر السرطان، فقد يتم اتباع العلاج الكيميائي أو الاستئصال الجراحي.

من الممكن إدخال أنابيب في الصدر لتصريف السوائل الزائدة من الورم، كما يمكن أيضًا حقن الأدوية في القلب لإبطاء نمو الورم أو مكافحة تراكم السوائل.

ما هو مصير الأشخاص المصابين بالأورام القلبية؟

يعتمد مصير الأشخاص المصابين على التشخيص المبكر حيث يفيد التشخيص المبكر في زيادة فرص العلاج والمدة البُقيا.

كما يعتمد مصير الأشخاص المصابين أيضًا على نوع الورم، فبعض الأورام أكثر خطورةً من غيرها، نذكر بعض الأمثلة:

  • الورم المخاطي: يمكن إزالته والشفاء منه من خلال الجراحة.
  • الأورام الأولية السرطانية: عادةً ما تكون مميتة لأنها تنتشر بسرعة أو تعاود الظهور بعد العلاج، ويعتمد مصير المصابين بها على حجم الورم ومدى انتشاره ووقت تشخيصه.
  • الأورام القلبية النقائلية: تكون مميتة في أغلب الحالات، بسبب الانتشار الكبير للسرطان.

ما هو الوقت المقدر للبقاء على قيد الحياة عند المصابين؟

عند الإصابة بالأورام الأولية السرطانية تكون الفترة المتبقية لهم بعد التشخيص كالتالي:

  • حوالي 50% من الأشخاص يعيشون لمدة سنة واحدة.
  • حوالي 24% من الأشخاص يعيشون لمدة ثلاث سنوات.
  • حوالي 19% منهم يعيشون لمدة 5 سنين.

كما يعتمد الوقت المتبقي على نوع السرطان القلبي:

  • الساركوما: الأشخاص المصابين بالساركوما يبقون على قيد الحياة لمدة 9 أو 17 شهر بعد التشخيص.
  • اللمفوما: الأشخاص المصابين باللمفوما قد يعيشون لمدة 7 شهور، ومع العلاج قد تصل هذه المدة إلى خمس سنين، أما بدون علاج فلا يبقون أكثر من شهر واحد.
  • ورم المستقتمات: غالبًا ما تكون هذه الحالة قابلة للعلاج، حيث يعيش حوالي 84% من الأشخاص لمدة 10 سنوات بعد إجراء عملية جراحية ناجحة، ولكن هناك احتمال بنسبة 50% لعودة السرطان، وسيحتاج المريض إلى اختبارات تصويرية روتينية للتحقق من النكس وعودة المرض.

المراجع:

د. محمد فؤاد شكري
د. محمد فؤاد شكري

محمد فؤاد شكري، طالب طب بشري، وكاتب محاضرات علمية في فريق الكريات الحمر التطوعي بجامعة دمشق. مهتم للغاية بنشر المعلومات الصحيحة والدقيقة بأبسط وأفضل طريقة ممكنة.

المقالات: 64

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

12 + خمسة =