فهرس المحتوى
هل تلجأ للطعام هروبًا من المشاعر السلبية من قلق وتوتر واكتئاب وغضب؟
كم عدد المرات التي تناولت فيها الطعام من الشوكولاتة أو رقائق البطاطس المقلية بسبب الملل أو شرود الذهن؟
في الحقيقة يعتبر الأكل العاطفي مشكلة شائعة إلى حدّ كبير وقد أظهرت بعض الدراسات أن 75% من كل ما نتناوله يكون بدافع عواطف معيّنة وليس بسبب الجوع!
تكمن الحقيقة المُرَّة في أن الأكل العاطفي لن يعالج المشاكل أو المشاعر التي نمر بها، وعلى العكس تمامًا سيؤدي إلى مشكلات أكبر من تلك التي نحاول الهروب منها كالشعور بالذنب بعد الأكل بالإضافة إلى زيادة الوزن وتخريب جهود إنقاص الوزن في حال اتّباع حميةٍ ما، ولحسن الحظ يمكن اتخاذ بعض الخطوات للسيطرة على هذه الحالة، كما يمكن اللجوء إلى الطبيب في الحالات الصعبة.
ما هو الأكل العاطفي Emotional Eating؟
الأكل العاطفي باختصار هو تناول الطعام استجابةً للعواطف لتحقيق الراحة وليس بسبب الجوع، وهو آلية تأقلم طبيعية قد يقوم بها الشخص الطبيعي في كثير من الأحيان إلا أنّ فقدان السيطرة وفرط تناول الطعام هو المشكلة التي نخشاها.
وفي الواقع، التفسير العلمي لهذه الظاهرة يكمن في وجود علاقة ما بين الأكل والتوتر، فجسم الإنسان في المواقف الصعبة يبدأ بإنتاج هرمون التوتر المعروف بالكورتيزول، وهو بدوره يجعلنا نرغب بتناول الأطعمة السكرية والدسمة والمالحة عالية السعرات الحرارية.
كما قد كان للمجتمع والإعلانات دور في ترسيخ فكرة أن تناول الطعام طريقة مثالية لتحسين المزاج والسعادة أثناء مواجهة المشاكل أو المشاعر السلبية.
كيف يُصاب الشخص بالأكل العاطفي؟
المشاعر السلبية من قلق وتوتر ليست المسبب الوحيد للأكل العاطفي فإنّ أي شيء قادر على إثارة الرغبة بتناول الطعام، وتشمل الأسباب الشائعة للحالة كل ما يلي:
- طريقة التربية خلال الطفولة
يقوم بعض الأهل بإعطاء أطفالهم طعامًا من بسكويت أو شوكولاتة بعد يوم صعب أو مشكلة ما كنوعٍ من المكافأة، وبمرور الوقت تترسّخ هذه العادات ويكبر الطفل ليصبح بالغًا كلما اعترته مشاعر سلبية لجأ إلى الطعام كوسيلةٍ للتخفيف عن نفسه.
- الجنس
أظهرت الدراسات أن النساء أكثر عرضةً للإصابة بحالة الأكل العاطفي من الرجال، بينما كان الرجال أكثر عرضةً لاستهلاك الكحول والتدخين خلال الضغوطات.
- العوامل الخارجية
تشمل المحفّزات الخارجية التي قد تؤدي إلى الأكل العاطفي كل من المشكلات العاطفية، ضغوط العمل، المشاكل الصحية والمرض، الضائقات المالية، والضغوط الموسمية مثل درجات الحرارة المنخفضة أو غروب الشمس المبكر.
وقد لوحِظ تزايد في حالات الأكل العاطفي خلال فترة الحجر الصحي خلال وباء كوفيد-19 نتيجة العزلة والملل، حيث وجد الناس الطعام سبيلًا للترفيه وملء الوقت مما أدى إلى زيادة الوزن لدى الكثير من الأشخاص.
- اتباع حمية أو ريجيم
قد يتفاجئ البعض من فكرة أن اتّباع حمية قد يؤدي إلى الأكل العاطفي! لكن نعم اتباع حمية أو ريجيم قاسٍ يقتضي تقليل الأطعمة غير الصحية وتقليل مقدار وكمية الطعام المتناول وبالتالي يزيد من فرصة فقدان السيطرة والإفراط في تناول الطعام أثناء المواقف الصعبة.
- العادات
بعض العادات الراسخة لدى الفرد قد تؤدي إلى الأكل العاطفي وغالبًا ما تكون ناجمة عن شعور بالحنين إلى الماضي أو الطفولة مثل عادة تناول البسكويت مع الجدة، كما قد تكون بعض الأعياد والمناسبات سببًا لتناول الطعام نتيجة العواطف والعادات وليس الجوع.
- التعب والإرهاق
يكون الشخص أكثر عرضةً للإفراط في تناول الطعام عندما يكون متعبًا أو عندما يكون لديه مهمة معينة لا يرغب بالقيام بها فيلجأ للطعام لتشتيت انتباهه عن المهمة والتخلّص منها مؤقتًا.
- تأثير التوتر على الجسم
أثناء الضغط والتوتر يُفرز الجسم هرمون الكورتيزول الفاتح للشهية مما يزيد الرغبة بتناول أطعمة عالية السعرات الحرارية.
- التأثيرات الاجتماعية والمحيط
فمن السهل الإفراط في تناول الطعام بغض النظر عن الجوع أو الحاجة الفعلية للطعام عندما تكون مع الأصدقاء أو العائلة.
- بعض المشكلات الداخلية
مثل الإصابة باللامفرداتية Alexithymia (فقد العواطف) حيث يصبح الفرد غير قادر على التعبير عن مشاعره وعواطفه أو فهمها.
- صعوبة التفريق بين الجوع الجسدي والجوع العاطفي.
كيف تعلم أنك مصاب بالأكل العاطفي؟
إذا كنت مصابًا بالأكل العاطفي فقد تشعر بكل مما يلي:
- فقدان السيطرة وعدم القدرة على ضبط النفس أمام بعض الأطعمة.
- الرغبة في تناول الطعام عند الإحساس بمشاعر معينة أو في بعض المواقف المحددة.
- الرغبة في تناول الطعام حتى عند عدم الشعور بالجوع الجسدي.
ما هو الفرق بين الجوع الجسدي والجوع العاطفي؟
إن معرفة الفرق ما بين الجوع الجسدي Physical Hunger والجوع العاطفي Emotional Hunger أحد مفاتيح السيطرة على الحالة فمن السهل جدًا الخلط بينهما، وتكمن أهم الخصائص المميزة ما بينهما في ما يلي:
- هل تشعر بالجوع بشكل مفاجئ وسريع أم بشكل تدريجي؟
الجوع الجسدي يأتي بشكل تدريجي بعد مضيّ وقت طويل دون طعام، بينما يأتي الجوع العاطفي بشكل مفاجئ ومُلِح عند حاجة الشخص للراحة وتشتيت الانتباه.
- هل تكون الرغبة تجاه طعام معين دونًا عن غيره؟
الشخص الجائع سيأكل أي شيء طالما يحبه، بينما الشخص الجائع عاطفيًا غالبًا ما سيرغب بتناول طعام غير صحي مثل البيتزا أو البطاطس المقلية.
- هل تتناول الطعام دون تفكير؟
قد تتناول الكثير من رقائق البطاطس المقلية أو الشوكولاتة أو الآيس كريم أثناء مشاهدة فيلم أو مباراة ما دون الانتباه والاستمتاع بما تأكله وبالطبع هذا السلوك تابعٌ للجوع العاطفي وليس الجسدي.
- هل شعور الجوع قادم من المعدة أم من عقلك؟
شعور الجوع القادم من المعدة هو جوع جسدي فعلي يظهر بشكل قرقرةٍ من المعدة، بينما الجوع العاطفي يبدأ عند التفكير بالطعام أو الرغبة في تناول شيء محدد.
- هل تشعر بالذنب أو الندم بعد الأكل؟
في حال الجوع الجسدي سيسدّ الطعام حاجات الجسم من العناصر الغذائية والسعرات الحرارية ولن يشعر الشخص بالندم أو بالذنب بعد الأكل، بينما في حالة الجوع العاطفي يستسلم الشخص للتوتر ويتناول الطعام مما يؤدي إلى شعوره بالخزي والندم خاصةً عند زيادة الوزن غير المرغوبة.
- هل تتوقف عن الأكل عند الشعور بالشبع؟
الشخص الجائع فعليًا سيتوقف عن تناول الطعام عند شعوره بالشبع، بينما لا يلاحظ الشخص الجائع عاطفيًا شعور الشبع ويستمر بتناول الطعام.
طرق ونصائح للتخلص من الأكل العاطفي
من الطبيعي أن يكون لديك ارتباط عاطفي مع الطعام، والهدف من السيطرة على الأكل العاطفي هو منحك القدرة على اتخاذ قرار ماذا ومتى وكم من الطعام ستأكل خاصةً في حال زيادة الوزن المُرافقة للأكل.
- تجنَّب التوتر والمشاعر السلبية واعتمد طرقًا أخرى صحية للتأقلم مع المشاعر السلبية والمشاكل، يمكنك تجربة اليوجا والتأمّل والتنفس العميق للتخلص من التوتر.
- حارب الملل والمشاعر السلبية! فعندما تشعر برغبة في تناول الطعام قم بإلهاء نفسك بنشاط صحي مثل قراءة كتاب، الاستماع للموسيقى، اللعب مع حيوانك الأليف، أو القيام ببعض الأعمال المنزلية.
- مارِس الرياضة! فالرياضة تساهم إلى حد كبير في تقليل هرمونات التوتر، كما أنها تفرز الإندورفين وهو هرمون يُفرَز أثناء ممارسة الأنشطة السارّة ومن وظائفه تقليل التوتر وتحسين المزاج.
- لا تتبع حميةً أو نظامًا غذائيًّا قاسيًا، فالحرمان يولد شعور بالرغبة تجاه الأطعمة وبالتالي يزيد من فرصة فقدان السيطرة والإفراط في تناول الطعام الممنوع عند مواجهة الضغوطات والمشاعر السلبية.
- انتبه لما تشتريه لأن الوجبات الخفيفة والمقرمشات التي تشتريها تلعب دورًا في زيادة رغبتك بتناول الطعام أثناء التوتر، استبدِل الوجبات الخفيفة الضارّة بوجبات صحية لذيذة (مثل الفشار المُحضّر بطريقة صحية، الفواكه، والمكسرات) عند شعورك بأنه لا بد من تناول الطعام، وحاول شراء النسخ منخفضة السعرات الحرارية من المنتجات التي تحبها.
- لا تدعْ نفسك تشعر بالجوع الشديد والذي قد يتحول إلى شعور بالغضب وبالتالي إفراط في تناول الطعام.
- احرص على تناول البروتين خلال يومك لأنه يحفز الشعور بالشبع لأطول فترة ممكنة، وتناوَل كميات كافية من فيتامين د لأنه يساعد على تحسين المزاج بالإضافة إلى الحمضيات لدورها في تقليل التوتر وتعزيز المناعة.
- حاول التعبير عن مشاعرك وراقب نوبات الأكل العاطفي التي تصيبك ومسبباتها وسلوكك أثنائها لفهم الحالة والقدرة على تجنبها في المرات القادمة، استشر اختصاصي التغذية لمعرفة محفزات الأكل العاطفي وإيجاد طرق لإدارتها.
- حدد مواعيد خاصة لوجباتك خلال اليوم وعند الرغبة بتناول الطعام فكِّر في وجبتك التالية وانتظر حتى يأتي موعدها، هذه الطريقة فعالة لإدارة الجوع العاطفي والجسدي.
- اطلب المساعدة من العائلة أو الأصدقاء أثناء مواجهة المشاكل وأثناء لحظات الحزن والقلق بدلًا من مواجهة مخاوفك وحيدًا عبر تناول الطعام، فقد تكون مكالمة هاتفية واحدة قادرة على فعل المعجزات لحالتك المزاجية السيئة.
- تحدّث بشكل إيجابي مع نفسك وتعاطف مع ذاتك، انتبه إلى الأفكار السلبية التي تدور في رأسك وابدأ بتغييرها دون التأثر بها أو تصديقها.
بعض الأسئلة الشائعة
متى يكون الأكل العاطفي مشكلة تحتاج تدخّل؟
جميع الأشخاص يأكلون الطعام استجابة لمشاعرهم من حينٍ لآخر، وقد تكون قطعة من الشوكولاتة كافية لتُشعِرك بتحسن ولا بأس بذلك فلا يجب تجاهل مشاعرك وقمع رغباتك، ولكن يصبح الأكل العاطفي مشكلة تحتاج إلى الضبط والتدخل عند التساهل التام من قبل الشخص مع تكرار اللجوء إلى الطعام حتى يصبح الأكل العاطفي هو آلية التأقلم الرئيسية والطريقة الأولى والوحيدة لمواجهة المشاعر السلبية والضغوطات.
لماذا يلجأ الشخص للأكل تحديدًا عند شعوره بالمشاعر السلبية؟
يلجأ الأشخاص إلى الطعام من بين العديد من الخيارات الأخرى للأسباب التالية:
- يفرز الطعام مادةً كيميائيةً في الدماغ تحفز الشعور بالراحة والسعادة وهي الدوبامين.
- يسهُل الوصول إلى الأكل على مدى 24 ساعة يوميًا وهو قانوني على عكس المخدرات مثلًا.
- من السهل والشائع أن يطوِّر الفرد عادات متعلقة بالطعام فأغلب الأشخاص يأكلون عند شعورهم بالتعب حتى إذا لم يكونوا جائعين.
- يتم تصوير الطعام في الإعلانات ومواقع التواصل الاجتماعي والمحيط على أنه وسيلة للشعور بالسعادة والراحة.
متى يجب طلب المساعدة الخارجية من المختصين؟
توجّه إلى الطبيب إذا شعرت أن المشكلة أكبر مما تعتقد كالإصابة بالاكتئاب أو بأحد اضطرابات الأكل أو وجود ألم جسدي مزمن تحول مع الوقت إلى أكل عاطفي يحفز الشعور بالراحة.
وإذا قمت بتجريب خطوات المساعدة الذاتية ولا زلت غير قادرًا على التحكم في الأكل العاطفي فيجب عليك اللجوء إلى أخصائي نفسي لمساعدتك في فهم سبب تناولك للطعام ولتطوير أساليب ومهارات تأقلم سليمة.
هل يصنف الأكل العاطفي على أنه أحد اضطرابات الأكل؟
الأكل العاطفي بحد ذاته ليس اضطرابًا في الأكل، إلا أنه قد يؤدي للإصابة باضطراب!
لذلك لا تتردد في طلب المساعدة عندما تشعر بأنك مُصاب بسلوكيات أكل مضطربة وغير صحية فأنت لا تحتاج إلى تشخيص صريح حتى تحظى بعلاقة جيدة مع الطعام وتتخلّص من شعور الذنب المُرافق لتناول أطعمة غير صحية وزيادة الوزن وغيرها من العواقب.
المصادر
- What Is Emotional Eating? | Cleveland Clinic
- How do I stop stress eating? | Medical News Today
- Emotional Eating: What You Should Know | Healthline
- Weight loss: Gain control of emotional eating | Mayo Clinic
- How to Stop Emotional Eating | WebMD